السينما المصرية 2018: من فراغ النصف الأول إلى تكدّس الأعمال

09 يونيو 2018
أمير كرارة (فيسبوك)
+ الخط -
عانت السينما المصرية حالة فراغ شبة كاملة في النصف الأول من عام 2018، إذْ فضّل المنتجون إطلاق العروض التجارية للأفلام الأضخم، من ناحية الميزانية أو على مستوى تواجد النجوم، في النصف الثاني من العام نفسه، الذي سيشهد مواسم عيد الفطر وفصل الصيف وعيد الأضحى، وهي المواعيد الأقدر على جذب عددٍ أكبر من مشاهدي السينما. لكن المشكلة أن المواسم الـ3 تلك ستتزامن في 3 أو 4 أشهر، ما يجعل النصف الثاني حاملاً للصفة المقابلة لفراغ نصفه الأول، وهي التكدّس والامتلاء.
مع مطلع العام، في موسم "إجازة منتصف العام الدراسي"، الذي كان جاذبًا للمنتجين سابقًا، لم تُطرح أفلامٌ ذات طموحات كبيرة، فنيًا وتجاريًا، في صالات العرض السينمائي المصرية.
أهم وأنجح فيلمين تمّ عرضهما هما "رغدة متوحشة"، الكوميدي المعتمد على نجاح البرنامج التلفزيوني لبطله رامز جلال، الذي ـ رغم الفشل التجاري لأفلامه السابقة كلّها ـ حصد أكثر من 20 مليون جنيه مصري كإيرادات. أما الثاني فهو "طلق صناعي": رغم أن بطليه ماجد الكدواني وحورية فرغلي ليسا "نجوم شبّاك التذاكر"، ورغم تكرار فكرة الفيلم والضعف الحاد في مستواه الفني، وتحديداً حواراته المباشرة التي تحمل آراء سياسية لكتّاب السيناريو محمد وخالد وشيرين دياب وللمخرج خالد دياب، إلا أن الفيلم حقّق 14 مليون جنيه مصري كإيرادات.
نجاح "رغدة متوحشة" و"طلق صناعي" إلى هذا الحد، رغم عدم تميّزهما الفني وعدم اعتمادهما على نجوم شباك التذاكر، يعبّر عن مقدار الفراغ وقلّة الخيارات اللذين عرفتهما دور العرض المصرية. أما الأفلام الأخرى، المعروضة في الفترة نفسها، فهي: "عقدة الخواجة" لبيتر ميمي (تمثيل حسن الرداد) و"اطلعولي برّه" لوائل إحسان (تمثيل كريم محمود عبد العزيز وخالد الصاوي) و"خلاويص" لخالد حلفاوي (تمثيل أحمد عيد): أفلام متواضعة فنيّا وغير جاذبة جماهيريًا.
لكن المؤشّر الأبرز على حالة خفوت السينما في النصف الأول من عام 2018، فيكمن في أن أفلامًا أجنبية كانت الأكثر حصداً للإيرادات في عروضها التجارية المصرية، وهذا أمرٌ يندر حصوله. أكثرها إيرادات "جومانجي: أهلاً بكم في الأدغال" لجايك كاسدان، الذي حقّق 26 مليون جنيه مصري في 6 أشهر من عروض متواصلة منذ ديسمبر/ كانون الأول 2017؛ و"آفنجرز: الحرب اللانهائية" لجو وأنتوني روسّو ("العربي الجديد"، 30 مايو/ أيار 2018)، الذي حقّق لغاية الآن 21 مليون جنيه مصري كانت قابلة لزيادة أكبر لولا إطلاق عرضه قبل 3 أسابيع فقط من بدء شهر رمضان.
مع نهاية شهر رمضان وموسم المسلسلات التلفزيونية، ستشهد السينما المصرية في الأشهر المقبلة حالة "عِراكٍ" بين الأفلام على صالات العرض المتاحة، قبل أن تخوض تنافسًا على الإيرادات، إذْ أن هناك عددًا كبيرًا جدًا من "أفلام النجوم" يُفترض بها أن تُعرض في وقتٍ ومساحةٍ ضيّقين للغاية.



وتكمن المؤشرات الأولى لحالة تردّد المنتجين في تأجيل العروض التجارية لبعض الأفلام من موسم عيد الفطر إلى موسم عيد الأضحى، كـ"بني آدم" لأحمد نادر جلال، تمثيل يوسف الشريف العائد إلى السينما بعد 9 أعوام على "العالمي" (2009) لأحمد مدحت، وبعد نجاحاتٍ تلفزيونية صنعت له شريحة كبرى من الجمهور والمتابعين؛ و"الديزل" لكريم السبكي، تمثيل محمد رمضان، الذي لا يريد أن يخسر شباك التذاكر للمرة الـ4 على التوالي، بعد 3 أفلام له عام 2017، هي "آخر ديك في مصر" لعمرو عرفة و"جواب اعتقال" لمحمد سامي و"الكنز" لشريف عرفة، لم تكن الأكثر نجاحاً وقت عرضها.
بالإضافة إليهما، هناك "البدلة" لمحمد جمال العدل، مع تامر حسني وأكرم حسني في شراكة يتوقع لها أن تحقّق نجاحًا كبيرًا، خصوصًا مع ثبات جماهيرية تامر حسني في أفلامه السينمائية السابقة؛ و"تراب الماس" لمروان حامد، مع آسر ياسين ومنّة شلبي ومحمد ممدوح وخالد الصاوي، عن رواية ناجحة لأحمد مراد: الظروف نفسها وفريق العمل نفسه في "الفيل الأزرق" الذي يُعتبر، عند عرضه عام 2014، أكثر فيلم مصري حصدًا للإيرادات على الإطلاق.
رغم تأجيل 4 أفلام كبرى إلى موسم عيد الأضحى (الذي سيشهد أفلاماً أخرى إضافية)، إلاّ أن موسم عيد الفطر، وبفضل حالة تكديس الأفلام للنصف الثاني من العام الجاري، سيشهد عرض 5 أفلام ستتنافس بشكل حاد على الإيرادات، ولكلّ واحد منها أسباب قوية للنجاح.
أولها "حرب كرموز" لبيتر ميمي (تمثيل أمير كرارة): فيلم حركة يدور في زمن الاحتلال الإنكليزي لمصر. نجح عرضه الدعائي وانتشر بشكل كبير بسبب جودة مشاهد الحركة المنفّذة فيه، ومشاركة ممثل أفلام "أكشن" هوليوودية هو سكوت إدكينز؛ و"قلب أمه" لعمرو صلاح (تمثيل هشام ماجد وشيكو)، وهو الكوميدي الأبرز في الموسم المقبل، ما يضمن له نجاحًا كبيرًا؛ و"ليلة هنا وسرور" لحسين المنباوي (تمثيل محمد إمام وياسمين صبري، بمشاركة شرفية لعدد كبير من الممثلين): بالنظر إلى نجاح الفيلمين السابقين لمحمد إمام في دوري البطولة، "كابتن مصر" (2015) و"جحيم في الهند" (2016) وهما لمعتز التوني، فإن للفيلم الجديد جمهوره بالتأكيد. و"الأبلة طم طم" لعلي إدريس، مع ياسمين عبد العزيز التي تتحرّك دائمًا في مساحة الأفلام العائلية وكوميديا الأطفال. أما الفيلم الـ5 فهو "كارما" لخالد يوسف (تمثيل عمرو سعد وغادة عبد الرازق): مصدر جاذبيته المحتمل كامنٌ في أنه للمخرج يوسف، ذي الجرأة والنجاح الكبير في زمن ما قبل الثورة، والذي توقف عن الإخراج 7 أعوام، منذ فشل "كف القمر" (2011). بهذا المعنى، يُعتبر "كارما" فيلم عودته إلى الشاشة الكبيرة، وهي عودة تحمل سؤالاً: هل أنّ خلطته المعتادة، سياسة ـ رمزية ـ مشاهد جنسية ـ بعض الكوميديا، قادرة على النجاح؟
المساهمون