السينما التونسية في طفرتها

19 فبراير 2019
حقق فيلم "في عينيا" نسب مشاهدة عالية (Imdb)
+ الخط -
تعتبر الصناعة السينمائية التونسية من الصناعات الثانوية في الإنتاجات الثقافية، خصوصاً إذا ما قارنّاها بالمسرح، على سبيل المثال. يواجه صانعو الأفلام، في تونس، مشكلتين رئيسيتين؛ هما التمويل، والتوزيع. بالنسبة إلى التمويل، تتولّى الجزء الأكبر منه وزارة الثقافة التونسية التي تقدم دعماً للإنتاجات السينمائية، يشكل في بعض الأحيان 80 في المائة من ميزانية إنتاج هذه الأعمال. كما تقدّم بعض المنظمات، خصوصاً الفرنسية والبلجيكية، دعما مالياً للإنتاجات السينمائية التونسية، وآخرها فيلم "فتوى" للمخرج محمود بن محمود الذي حصل على التانيت الذهبي في الدورة الأخيرة من أيام قرطاج السينمائية، وهو من إنتاج تونسي بلجيكي . 

يرى بعضهم أن السينما التونسية تعيش زمنها الذهبي؛ إذ تعددت الإنتاجات، وازداد المقبلون على مشاهدتها. هكذا، شهدت السنتان الأخيرتان إنتاج أكثر من عشرة أفلام سينمائية طويلة، وأكثر من ثلاثين فيلماً روائياً قصيراً، وهي أرقام قياسية إذا وضعناها في سياق الإنتاج السينمائي التونسي، وهو مؤشر يعتبره الإعلامي رمزي العياري دليلاً على الصحوة التي تعرفها الإنتاجات السينمائية التونسية، خصوصاً بعد أن اختارت أن تكون سينما تتوجه إلى العدد الأكبر من الجمهور، بعد أن حصرت نفسها ولسنوات في "سينما المؤلف"، التي لا تعرف إقبالاً جماهيرياً كبيراً.
الإقبال الجماهيري على الإنتاجات السينمائية التونسية، عرف طفرة كمية غير مسبوقة؛ فقد حقق فيلم "في عينيا"، للمخرج نجيب بلقاضي، نسب مشاهدة تعتبر عالية بمقاييس السوق التونسية، إذ شاهده أكثر من 100 ألف شخص، وفقاً للإعلامي المختص في الترويج الثقافي، محمد أمين بن هلال. كما يحقق فيلم "الدشرة "، وهو شريط رعب تونسي، نسب إقبال كبيرة؛ إذ عُرض فى 30 قاعة سينما في أسبوعه الثاني. كذلك، نُشير إلى فيلم "بورتو فارينا"، للمخرج إبراهيم اللطيف، الذي يحقق أرقاماً مهمة من حيث عدد المشاهدين. يؤكد الأسعد القوبنطيني، مدير مجمع القوبنطيني للاستغلال والتوزيع السينمائي (أكبر موزع للأفلام فى تونس) أن الفيلم شاهده إلى الآن أكثر من 115 ألف مشاهد، وهو رقم لافت، خصوصاً أن الفيلم تمكّن من جذب عدد كبير من الشباب والعائلات، وذلك في سياق حركية سينمائية تشهدها تونس أخيراً، مما سيؤثر إيجابياً على بقية الإنتاجات السينمائية في المستقبل القريب.
اعتبر القوبنطيني أن الرقم القياسي تحقق في العشرية الأخيرة في تاريخ السينما التونسية، عن طريق فيلم "الجايدة" للمخرجة سلمى بكار، الذي أنتج عام 2017 وحقق إيرادات مالية قياسية، إذ شاهده 250 ألف مشاهد، وهو رقم قياسي لم يسبق لأي فيلم تونسي أن حققه، رغم أن فترة التسعينيات عرفت نجاحات سينمائية كبرى لأفلام مثل فيلم "عصفور سطح" للمخرج نوري بوزيد، وفيلم "السيدة" للمخرج محمد الزرن.

في مقابل ذلك، لم تحظ أفلام أخرى بنجاح جماهيري كبير، مثل فيلم "ولدي"، للمخرج محمد عطية، أو فيلم "فتوة"، للمخرج محمود بن محمود، رغم تتويجه بالجائزة الكبرى في أيام قرطاج السينمائية، إذ حصل على التانيت الذهبي في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة. 
يبدو أن السينما التونسية تعيش عصرها الذهبي، خصوصاً بعد أن تجاوزت مشكلة التوزيع بعد بروز قاعات سينما جديدة، سواء في مدينة تونس الثقافية، أو في مجمع سينمائي خاص تابع لمؤسسة فرنسية.
المساهمون