السيناريو السوري يتحوّل إلى ليبيا مع روسيا

11 فبراير 2016
جنديان تونسيان على الحدود مع ليبيا (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

يبدو أن الصراع الدولي في سورية سيتحوّل إلى ليبيا بكل تفاصيله وبأهم لاعبيه، مع اختلاف الأهداف والنوايا، إذ يتخذ سيناريو الضربات العسكرية المرتقبة في ليبيا نفس الذريعة في سورية: محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، ولنفس الأسباب: الفشل في التوصّل إلى اتفاق سياسي بين جميع الأطراف.

الغريب في الأمر، هو قدرة مسلّحي "داعش" على الهروب من سورية إلى ليبيا من دون توقيفهم، لتتم ملاحقتهم لاحقاً، بعد "إبداء الاستغراب" من تزايد قوة التنظيم في ليبيا. اللافت أيضاً، ليس انتقال "داعش" إلى ليبيا، وفشل المساعي السياسية، إنما تحوّل جميع اللاعبين الأجانب إلى ليبيا، كالولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، وكذلك روسيا.

مع العلم أن الحديث كان يتركز طيلة الأشهر الماضية على التحالف الأميركي ـ الأوروبي، غير أن الروس دخلوا بقوة على خطّ الأحداث في ليبيا، ليكتمل المشهد بكل تفاصيله، وربما تداعياته على دول المنطقة أيضاً. مع العلم أن السفير الروسي لدى ليبيا إيفان مولوتكوف، خرج يوم الاثنين، ليُعبّر بوضوح عن رغبة بلاده في إمداد ليبيا بالأسلحة اللازمة لمكافحة الإرهاب.

أدلى مولوتكوف بتصريحاته لوكالة "سبوتنيك"، مشيراً إلى أن "روسيا تتطلّع إلى التصويت في مجلس الأمن الدولي لصالح رفع الحظر عن تصدير الأسلحة إلى ليبيا، واستئناف تصدير الأسلحة إليها وتقديم مساعدات أخرى إلى ليبيا أثناء تصدّيها لتنظيم داعش". وأشار إلى "وجود عقبة تحول دون إقدام روسيا على استئناف فوري لتصدير الأسلحة إلى ليبيا، بفعل تعدّد السلطات فيها أو بالأحرى انعدام السلطة فيها".

جاء موقف السفير الروسي رداً على دعوة سابقة لقائد "عملية الكرامة" خليفة حفتر، أشاد خلالها بـ"العمليات العسكرية التي تقوم بها روسيا لمكافحة الإرهاب في سورية". كان حفتر قد اعتبر منذ نحو الشهرين، أن "ليبيا تعاني من خطر التهديدات الإرهابية نفسها، وأن الضربات الروسية (في سورية) كشفت عن إرادة حقيقية وصادقة للقضاء على الإرهاب والتطرف". كما عبّر عن تأييده "دعم أي دولة تتقدم لمساعدة ليبيا في مكافحة الإرهاب، خصوصاً روسيا، لأننا نرى أنها جادة في محاربة الإرهاب"، لافتاً إلى "إمكانية طلب مساعدتها في هذا الشأن، ومن يستطيع أن يقدم المساعدة في هذا المجال نحن معه".

اقرأ أيضاً: ليبيا...تنسيق روسي مصري مع حفتر لتدخل مستقل عن الغرب 

غير أن الموقف الروسي في ليبيا، لا يبدو مفاجئاً ولا جديداً، إذ تكفي العودة إلى التصريحات والدراسات والمواقف الروسية منذ سنوات، لتؤكد أن موسكو لا تنوي أداء دور المتفرج على اقتسام الكعكة الليبية. كما سبق أن نُشرت دراسات عدة في روسيا، منذ حوالي العام، تُفيد بأن "روسيا تدعم تكوين تحالف دولي في مكافحة الإرهاب من خلال مصر، لأن المصالح الأمنية والاستراتيجية لروسيا مرتبطة بشكل كبير بتطور الوضع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، كما ذكرت وسائل إعلام مصرية نقلاً عن صحيفة "نيزافيسيمايا جازيتا" الروسية.

أضافت الصحيفة الروسية أن "فيتالي تشوركين، ممثل روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، أكد إمكانية مشاركة روسيا في تحالف دولي للحرب في ليبيا، حين قال: من وجهة نظر سياسية، إن روسيا شاركت في العمليات قبالة سواحل الصومال، فلماذا لا يمكنها أن تشارك في البحر الأبيض المتوسط"؟

تابعت الصحيفة أن "روسيا الآن، تحديداً بعد الزيارة الأخيرة للرئيس فلاديمير بوتين إلى مصر، تؤكد على أنها واحدة من اللاعبين المهمين في منطقة الشرق الأوسط". أردفت أنه "إذا ضربت مصر المتمردين، من دون أي تنسيق مع الولايات المتحدة، ستعمل روسيا على المشاركة عن طريق التدريب، وتوفير بيانات الأقمار الصناعية والاستخبارات الإلكترونية، فضلاً عن توريد الأسلحة". ذكرت الصحيفة أن "هذا ما سيوضح مشاركة روسيا في العملية في ليبيا، كما أن المجتمع الدولي سيعترف بطلب الحكومة الليبية للأمم المتحدة حول السماح بتوريد الأسلحة لمحاربة الإسلاميين وتقديم المساعدة العسكرية".

تؤكد كل التقارير والتحليلات أن البحر المتوسط بالنسبة إلى روسيا ممرّ هام نحو المحيط الأطلسي من البحر الأسود، عبر قناة السويس أو مضيق جبل طارق. كما أرسلت روسيا بين عامي 2011 و2013، عدداً من البوارج الحربية إلى المتوسط للقيام بتدريبات في المنطقة.

تشير هذه المعلومات إلى أن موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سورية، يهدف إلى اعتبار الدور الروسي أساسياً في منطقة البحر المتوسط. لهذا يشكل ميناء طرطوس في سورية، محطة هامة واستراتيجية، رغم قدمه وتواضع منشآته، للبوارج الحربية الروسية في المتوسط.

في فبراير/شباط من عام 2013، أعلن وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، إرسال عدد من البوارج الحربية إلى المتوسط، كبوارج كالينينغراد، وشابالين، وساراتوف، وآزوف، للالتحاق بالبارجة "سمتليفي"، وبوارج أخرى. أعلن شويغو أن روسيا ستُركّز في عام 2015 أسطولاً بحرياً كاملاً في المتوسط، يتكوّن من حوالي عشر بوارج، تعود قيادتها إلى أسطول البحر الأسود.

كما أُضيف إلى هذه البوارج وحدات قتالية جديدة من بينها "لادني"، وسفينة الإنزال "يامال". يُمكن بالتالي أن تؤمن هذه السفن حصاراً بحرياً على ليبيا، لمنع توريد الأسلحة للمتطرفين، والمشاركة في الأنشطة ذات الصلة، لمنع تجارة النفط غير الشرعية مع "داعش".

اقرأ أيضاً: معارك الكفرة... حرب ليبية بنكهة دارفورية

المساهمون