"السيق" أولاً
ثم المدينة.
لسنا متأكدين تماماً من هذا الترتيب.
ولكن سيخطر لنا لولا "السيق"
ما كانت المدينة
إنه أحد أسرارها،
بل لعلّه أصل وجودها.
لا يمكن للغزاة أن يعبروا هذا الخصاصَ الضيّقَ،
المتعرّجَ وتُكْتَبَ لهم الحياة،
لكنهم يمكن أن يفعلوا
إن عرفوا نقطة ضعفها:
المياه المولودة من ضلع جبل.
*
هناك تعاويذُ وإشاراتٌ يقدِّسها أهل المدينة المحجوبة
ترافقنا، تطلُّ علينا من الجلمود
ثم تختفي،
قبل أن نصل إلى أعمالهم الكاملة.
يفشي الحجرُ بعض أسرار المحجوب،
لكنه لا يبوح تماماً
البوح، هنا، ممنوعٌ
لأنه خَطِر.
*
ثمة رسوم آلهة قريبة من الماء.
المقدَّسُ يعانقُ المقدَّسَ،
لكنَّ الماء لم يعد سوى ذكرى نَدِيَّةٍ في خيال القناة،
هناك، أيضاً، "ذو الشرى" بوجهٍ يحاكي أولَ الخلق،
بجانبه "العزى"،
الابن والأم يلمعان كنجمين هاديين في المتاهة،
هناك بقايا جِمال وجمَّالين بأحجامٍ هائلةٍ
ترفعُ تحيةً من صخرٍ ورديٍّ لسفن الصحراء
وربابنتها.
مع ذلك لا يبوح "السيق" سوى بالقليل،
إنه مجرد تمهيد.
عتبة.
تدريب رواقيٌّ على الصبر،
فبعد لعبةٍ طويلةٍ من الضوءِ والظل،
اللافحِ والرطيب،
الضِيْق والفَرَجِ،
السأمِ والشغف،
رائحةِ التين الحرّيفة والبَعْر.
نكون وجهاً لوجه أمام الصدمة،
أقصد: "الخَزْنَة".
*
ستةُ أعمدة مبرومة كزنود الست.
فوقها ستة أعمدة كقوائمِ خيولٍ هاربة،
التناظرُ يتكرر.
لكن الأبعاد تتغيّر
عمودان كبيران في المنتصف متباعدان،
شيءٌ ما حتَّ زنديهما المبرومين،
الزمنُ أو العبثُ،
لكنه لم يزعزع ثباتهما المهيب:
الآلهة والأمازونيات والنبات والطير الكاسر والحيوان الموشك على الطيران والأغصان والوجه البشري والكأس الشعائرية والهندسة المنضبطة وقرص الشمس والسنابل والأيام السبعة والحشر واليوم الآخر تتداخل في لعبة جَمَالٍ يَعرفُ حدودَه.
لا شيء يطغى على شيء.
التوازن هنا عادلٌ
الهندسة الخفيَّة تعطي العناصرَ حقها في القربان.
* من عمل شعري طويل بعنوان "بترا"
اقرأ أيضاً: سوف يأتي الطُّوفانُ ويجدني