ليس "مطرب الثورة" رامي عصام، الفنان المصري الوحيد الذي هجّره نظام السيسي من مصر في الأشهر الأخيرة. رامي الذي قال إنّه ليس "لاجئاً" بل "في منحة"، رغم أنّ مقدّمي المنحة اعتبروها "إقامة آمنة ليؤلّف ويتنقّل بحريّة.. بعد سلسلة مضايقات من أجهزة الأمن الرسمية في مصر".
وإذا كان رامي عصام قد حظِيَ بمنحة لـ "الإقامة الآمنة" في مدينة مالمو السويدية، فهناك العشرات ممن أُخرِجوا من مصر، ولا يعرفون إلى أين سيذهبون. أُحرِجوا فأُخرِجوا، أو أُخرِجوا بالقوّة، ولأسباب سياسية فقط، بوجوه مختلفة.
"العربي الجديد" يفتح ملفّ هؤلاء واحداً تلو الآخر، للوقوف على أسباب "ترحيلهم"، القسري أو الطوعي. وسيحاول إجراء حوارات معهم لسؤالهم عن أحوالهم وعن أحلامهم وآرائهم.
ستكون البداية مع أحد مطربي "ميدان رابعة"، الفنان حامد موسى، الذي كان من أوّل المشاركين في ثورة 25 يناير، وبات ملاحقاً في كلّ مكان، وكلّ البلاد، لأسباب سياسية.
موسى البالغ من العمر 34 عاماً من مواليد مدينة الإسكندرية المصرية. وقد كان مقيماً في لبنان لسنة ونصف السنة تقريباً، قبل الثورة، بسبب مضايقات واستدعاءات أجهزة الأمن المصرية، في أيّام نظام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك. والسبب أنّه كان يكتب أغنيات ويلحّنها لحساب قناة "فور شباب" الدينية، والتي كان نظام مبارك يتحسّس منها، ومن أيّ وسيلة إعلامية قد تحمل شبهة مُعارِضة.
حامد، المقيم حالياً في الولايات المتحدة الأميركية، يروي لـ "العربي الجديد": "بعد الثورة عدتُ إلى مصر فوراً، من المطار إلى ميدان التحرير مباشرة. كنتُ أنتظر هذه اللحظة، وحين حانت سافرتُ فوراً إلى مصر للالتحاق بالناس في الميدان".
غنّى بعد أيّام أغنية "الفارس ينزل في الميدان"، التي تقول كلماتها: "في الميدان الفارس ينزل في الميدان، الفارس نزل الميدان، خلّى كلّو ظهر وبان، بيّن الي بجدّ راجل من الجبان".
ويتابع حامد الذي يتحدّث بحماسة كما لو أنّه يعيش الثورة الآن: "شاركتُ، مثل ملايين من المصريين، في المطالبة بتنحّي مبارك. ثم رحل مبارك وغنّى "مطلوب رئيس"، التي طالبت بمواصفات يريدها المصريون في الرئيس، وتقول كلماتها: "عايزينوا مدني متديّن، يكون على الشعب حنيّن، ولا خاين ولا مخوّن، مطلوب رئيس، ما يكونش ليه أهل ولا خوات، وخلفتو يا ريت تبقى بنات، ومدّة واحدة يقول سلامات، ومالوش وريث".
هكذا كان حامد موسى واضحاً في أنّه يريد رئيساً متديّناً، لكن مدنياً في الوقت نفسه. ولهذا يكرّر القول إنّه ليس منتميا إلى جماعة "الإخوان المسلمين" ولا إلى أيّ حزب سياسيّ. وهو يصرّ على أنّه مع الحريّات والديمقراطية ومع تداول السلطة.
وقد استمرّ المغنّي والإعلامي حامد موسى على هذه الحال في الغناء للشباب. وذاعت شهرته في مصر ووصلت إلى خارجها، وبعض أغنياته شاهدها الملايين على اليوتيوب.
في هذه الأثناء عمل حامد موسى في فريق المرشّح الرئاسي عبد المنعم أبو الفتوح، وكتب ولحّن وغنّى أغنيات حملته كلّها. ثم انتقل إلى العمل في حملة محمد مرسي الرئاسية. إلى أن نجح المرشّح محمد مرسي في الوصول إلى كرسي رئاسة الجمهورية.
قدّم لاحقاً برنامجاً فنيّاً على قناة "مصر 25". فصوّر 12 حلقة فقط. قبلها وأثناءها وبعدها كان يعمل في قناة "الجزيرة" الوثائقية، مقدّماً برنامج "كاميرا ومدينة". وكان يزعجه أنّه طُبِعَ بطبعة "التديّن"؛ لأنّه عمل في هذه المناصب، "ولأنّ بدايتي كانت في برنامج مسابقات على قناة "الرسالة" فتكوّن انطباع عنّي بأنّني متديّن". وهو يصرّ على أنّ هذه الصورة ليست دقيقة عنه.
ويكمل حديثه بأنّه "يوم خُلِعَ الرئيس محمد مرسي، وصلت قوّة أمنية حطّمت مبنى قناة مصر 25 وطردتنا منه أنا وزملائي". يحكي بحسرة، ويقول إنّه لم يفهم لماذا حدث ما حدث. ويؤكّد أنّ اقتحام المبنى كان قبل إعلان خلع الرئيس مرسي، في ما فُهم منه لاحقاً أنّه "انقلاب" كامل.
مثل عشرات الآلاف من الذين رفضوا الانقلاب على الشرعية الرسمية، توجّه موسى إلى ميدان رابعة، مع زوجته وأولاده. وهناك ظلّ مقيماً ومداوماً إلى يوم المجزرة، "مجزرة ميدان رابعة".
يؤكّد موسى أنّه رفض الغناء "للدكتور مرسي أو أيّ شخص في الإخوان باسمه، لكن في ميدان رابعة، واعتراضاً على الظلم، غنّيت أكثر من مائة مرّة على مسرح الميدان أغنية "الفارس ينزل في الميدان".
ويكمل موسى: "بعد مذبحة رابعة البشعة التي قام بها الحرس الجمهوري غنّيت "إحنا ولاد الشهيد"، ثم خرجت من مصر في الأوّل من سبتمبر/أيلول 2013، لأنّني تعرّضت إلى مطاردات في الإسكندرية، مثل كلّ الإعلاميين الذين كانوا معارضين للسيسي".
سافر موسى إلى تركيا، فوجد اسمه بين 702 اسماً من أسماء "الإرهابيين المصريين" الممنوعين من العوندة إلى مصر. "حجزوا على أموالنا وممتلكاتنا ومنعونا من العودة إلى مصر، وباتت أسماؤنا موجودة في مطارات لبنان والأردن ومصر والسعودية والإمارات وغيرها...".
ما فاجأ موسى أنّ اسمه كان "بين أسماء كبيرة جدّاً في السلطة المصرية، مثل مرشد الإخوان ومحافظين ونوّاب ووزراء الإخوان. في حين أنّ الآلاف غيري غنّوا، وكنتُ مجرّد فنّان ومذيع مثل المئات، ولم أنتمِ يوماً إلى أيّ حزب أو جماعة سياسية".
بعدها سافر إلى الأردن "حيث كان لديّ تصوير. هناك أُلقِيَ القبض عليّ وخضعت للتحقيق. قلت للمحقّقين إنّني كنتُ ضدّ نظام مبارك، واليوم ضدّ نظام السيسي".
هكذا شرح موسى للمحقّقين أنّ مذكّرات التوقيف بحقّه سياسية. فخرج من السجن بعد أربع ساعات من التحقيق، وغنّى في الأردن تضامناً مع "رابعة"، ثم خرج من الأردن إلى تركيا. وما زال إلى اليوم يغنّي ضدّ نظام السيسي".
ولأنّ مصيره في تركيا أن يصير لاجئاً بلا جواز سفر، قرّر موسى البحث عن وطن بديل. يبحث مع عائلته عن هذا الوطن، محاولاً أن يكمل مسيرته من خلال إدارته شركة إنتاج اسمها "VATAN"، أي وطن باللغة التركية.
هو الباحث عن وطن وعن جواز سفر وعن لجوء سياسي. هو المنفي من مصر مثل كثيرين من الفنانين الذين هجّرهم نظام السيسي.
وإذا كان رامي عصام قد حظِيَ بمنحة لـ "الإقامة الآمنة" في مدينة مالمو السويدية، فهناك العشرات ممن أُخرِجوا من مصر، ولا يعرفون إلى أين سيذهبون. أُحرِجوا فأُخرِجوا، أو أُخرِجوا بالقوّة، ولأسباب سياسية فقط، بوجوه مختلفة.
"العربي الجديد" يفتح ملفّ هؤلاء واحداً تلو الآخر، للوقوف على أسباب "ترحيلهم"، القسري أو الطوعي. وسيحاول إجراء حوارات معهم لسؤالهم عن أحوالهم وعن أحلامهم وآرائهم.
ستكون البداية مع أحد مطربي "ميدان رابعة"، الفنان حامد موسى، الذي كان من أوّل المشاركين في ثورة 25 يناير، وبات ملاحقاً في كلّ مكان، وكلّ البلاد، لأسباب سياسية.
موسى البالغ من العمر 34 عاماً من مواليد مدينة الإسكندرية المصرية. وقد كان مقيماً في لبنان لسنة ونصف السنة تقريباً، قبل الثورة، بسبب مضايقات واستدعاءات أجهزة الأمن المصرية، في أيّام نظام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك. والسبب أنّه كان يكتب أغنيات ويلحّنها لحساب قناة "فور شباب" الدينية، والتي كان نظام مبارك يتحسّس منها، ومن أيّ وسيلة إعلامية قد تحمل شبهة مُعارِضة.
حامد، المقيم حالياً في الولايات المتحدة الأميركية، يروي لـ "العربي الجديد": "بعد الثورة عدتُ إلى مصر فوراً، من المطار إلى ميدان التحرير مباشرة. كنتُ أنتظر هذه اللحظة، وحين حانت سافرتُ فوراً إلى مصر للالتحاق بالناس في الميدان".
غنّى بعد أيّام أغنية "الفارس ينزل في الميدان"، التي تقول كلماتها: "في الميدان الفارس ينزل في الميدان، الفارس نزل الميدان، خلّى كلّو ظهر وبان، بيّن الي بجدّ راجل من الجبان".
ويتابع حامد الذي يتحدّث بحماسة كما لو أنّه يعيش الثورة الآن: "شاركتُ، مثل ملايين من المصريين، في المطالبة بتنحّي مبارك. ثم رحل مبارك وغنّى "مطلوب رئيس"، التي طالبت بمواصفات يريدها المصريون في الرئيس، وتقول كلماتها: "عايزينوا مدني متديّن، يكون على الشعب حنيّن، ولا خاين ولا مخوّن، مطلوب رئيس، ما يكونش ليه أهل ولا خوات، وخلفتو يا ريت تبقى بنات، ومدّة واحدة يقول سلامات، ومالوش وريث".
هكذا كان حامد موسى واضحاً في أنّه يريد رئيساً متديّناً، لكن مدنياً في الوقت نفسه. ولهذا يكرّر القول إنّه ليس منتميا إلى جماعة "الإخوان المسلمين" ولا إلى أيّ حزب سياسيّ. وهو يصرّ على أنّه مع الحريّات والديمقراطية ومع تداول السلطة.
وقد استمرّ المغنّي والإعلامي حامد موسى على هذه الحال في الغناء للشباب. وذاعت شهرته في مصر ووصلت إلى خارجها، وبعض أغنياته شاهدها الملايين على اليوتيوب.
في هذه الأثناء عمل حامد موسى في فريق المرشّح الرئاسي عبد المنعم أبو الفتوح، وكتب ولحّن وغنّى أغنيات حملته كلّها. ثم انتقل إلى العمل في حملة محمد مرسي الرئاسية. إلى أن نجح المرشّح محمد مرسي في الوصول إلى كرسي رئاسة الجمهورية.
قدّم لاحقاً برنامجاً فنيّاً على قناة "مصر 25". فصوّر 12 حلقة فقط. قبلها وأثناءها وبعدها كان يعمل في قناة "الجزيرة" الوثائقية، مقدّماً برنامج "كاميرا ومدينة". وكان يزعجه أنّه طُبِعَ بطبعة "التديّن"؛ لأنّه عمل في هذه المناصب، "ولأنّ بدايتي كانت في برنامج مسابقات على قناة "الرسالة" فتكوّن انطباع عنّي بأنّني متديّن". وهو يصرّ على أنّ هذه الصورة ليست دقيقة عنه.
ويكمل حديثه بأنّه "يوم خُلِعَ الرئيس محمد مرسي، وصلت قوّة أمنية حطّمت مبنى قناة مصر 25 وطردتنا منه أنا وزملائي". يحكي بحسرة، ويقول إنّه لم يفهم لماذا حدث ما حدث. ويؤكّد أنّ اقتحام المبنى كان قبل إعلان خلع الرئيس مرسي، في ما فُهم منه لاحقاً أنّه "انقلاب" كامل.
مثل عشرات الآلاف من الذين رفضوا الانقلاب على الشرعية الرسمية، توجّه موسى إلى ميدان رابعة، مع زوجته وأولاده. وهناك ظلّ مقيماً ومداوماً إلى يوم المجزرة، "مجزرة ميدان رابعة".
يؤكّد موسى أنّه رفض الغناء "للدكتور مرسي أو أيّ شخص في الإخوان باسمه، لكن في ميدان رابعة، واعتراضاً على الظلم، غنّيت أكثر من مائة مرّة على مسرح الميدان أغنية "الفارس ينزل في الميدان".
ويكمل موسى: "بعد مذبحة رابعة البشعة التي قام بها الحرس الجمهوري غنّيت "إحنا ولاد الشهيد"، ثم خرجت من مصر في الأوّل من سبتمبر/أيلول 2013، لأنّني تعرّضت إلى مطاردات في الإسكندرية، مثل كلّ الإعلاميين الذين كانوا معارضين للسيسي".
سافر موسى إلى تركيا، فوجد اسمه بين 702 اسماً من أسماء "الإرهابيين المصريين" الممنوعين من العوندة إلى مصر. "حجزوا على أموالنا وممتلكاتنا ومنعونا من العودة إلى مصر، وباتت أسماؤنا موجودة في مطارات لبنان والأردن ومصر والسعودية والإمارات وغيرها...".
ما فاجأ موسى أنّ اسمه كان "بين أسماء كبيرة جدّاً في السلطة المصرية، مثل مرشد الإخوان ومحافظين ونوّاب ووزراء الإخوان. في حين أنّ الآلاف غيري غنّوا، وكنتُ مجرّد فنّان ومذيع مثل المئات، ولم أنتمِ يوماً إلى أيّ حزب أو جماعة سياسية".
بعدها سافر إلى الأردن "حيث كان لديّ تصوير. هناك أُلقِيَ القبض عليّ وخضعت للتحقيق. قلت للمحقّقين إنّني كنتُ ضدّ نظام مبارك، واليوم ضدّ نظام السيسي".
هكذا شرح موسى للمحقّقين أنّ مذكّرات التوقيف بحقّه سياسية. فخرج من السجن بعد أربع ساعات من التحقيق، وغنّى في الأردن تضامناً مع "رابعة"، ثم خرج من الأردن إلى تركيا. وما زال إلى اليوم يغنّي ضدّ نظام السيسي".
ولأنّ مصيره في تركيا أن يصير لاجئاً بلا جواز سفر، قرّر موسى البحث عن وطن بديل. يبحث مع عائلته عن هذا الوطن، محاولاً أن يكمل مسيرته من خلال إدارته شركة إنتاج اسمها "VATAN"، أي وطن باللغة التركية.
هو الباحث عن وطن وعن جواز سفر وعن لجوء سياسي. هو المنفي من مصر مثل كثيرين من الفنانين الذين هجّرهم نظام السيسي.