السيسي يحارب كابوس المقاطعة... ويبحث عن ديكور ديمقراطي

القاهرة

محمد أحمد

avata
محمد أحمد
القاهرة

حبيبة عبدالعزيز

avata
حبيبة عبدالعزيز
القاهرة

لمياء حسين

avata
لمياء حسين
27 مايو 2014
A8501A21-C65E-4872-86E9-76C43E398DAE
+ الخط -
بدا المرشح شبه الوحيد للرئاسة المصرية، عبد الفتاح السيسي في أول أيام الانتخابات الرئاسية، كمن يواجه نسبة المشاركة الضعيفة، لا المرشح الآخر نظرياً، حمدين صباحي، الذي تكاد أهمية ترشحه تنحصر في إضفاء شرعيةٍ ما على الانتخابات. نسبة مشاركة كانت ضعيفة لدرجة أن السلطات المنبثقة من انقلاب الثالث من يوليو الماضي، والتي يشكل السيسي عمودها الفقري، قررت، ليل الاثنين، تسجيل سابقة تاريخية بإقرار اليوم الثاني للانتخابات، الثلاثاء، إجازة رسمية استجداءً لأصوات لم تكن على قدر المتوقع يوم الاثنين، على الرغم من كل التعبئة الحاصلة، واستغلال مقدرات الدولة لصالح السيسي، والضخ الاعلامي والمالي و"الغنائي" المصري والاماراتي الركيك على طريقة "تسلم الأيادي" و"بشرة خير".

لم توفّر أجهزة "الدولة العميقة" أياً من أدواتها لتفعيل المشاركة في التصويت، حتى دخلت المؤسستين الدينيتين، الأزهر والكنيسة القبطية، خط التعبئة من بابها العريض، وسط "عراضات" الجيش وماكينة إعلامية لمصلحة السيسي، شملت كل مؤسسات القطاع العام والخاص.

مشهد السيسي، وهو يدلي بصوته في مدينة نصر، شرق القاهرة، بالحبر الأحمر، لون الدم، تحيط به فرق حراسة تكاد تؤلف جيشاً كاملاً، في مقابل "المرشح الديكور" صباحي وهو ينتظر يتيماً دوره في الطابور، يختصر المشهد. غداً يُعلن السيسي رئيساً، ولا يسُجَّل لصباحي سوى أنه وفّر الديكور "التعددي الديمقراطي" لانتخابات لم يسبق أن كانت أحادية الجانب مثلما هي اليوم، على حد تعبير المرشح الأسبق للانتخابات الرئاسية، أيمن نور.

لكن لا شيء مستبعد في انتخابات معروفة نتائجها مسبقاً، تماماً كتلك المسرحيات التي كان ينظمها نظام حسني مبارك، بعدما أعلنت حملة السيسي أنها تتوقع ألا تقل نسبة المشاركة عن الـ60 في المئة (مجموع من يحق لهم التصويت حوالي 54 مليوناً). ويمكن اعتبار نتائج انتخابات المصريين في الخارج، التي أعطت السيسي 94.5 في المئة من الأصوات، في مقابل 5.5 في المئة للسيسي، عينة عما يمكن أن تعلنه لجنة الانتخابات بعد يوم أو اثنين، إلا في حال كان الجيش والنظام المنبثق منه يريد "التواضع" قليلاً، خجلاً من الظهور كتوأم لنظام بشار الأسد مثلاً.

وكانت خطوة رئيس الوزراء، إبراهيم محلب، بعد دقائق من إغلاق مراكز الاقتراع، عند التاسعة من مساء الاثنين (بتوقيت القاهرة)، منح المصريين إجازة من العمل يوم الثلاثاء، طبعاً "نزولاً على رغبة الإرادة الشعبية حتى يتمكن الجميع من الإدلاء بصوته"، وتمديد التصويت ساعة حتى العاشرة مساءً بدل التاسعة، خير دليل على الارتباك والحاجة الملحة لنظام السيسي لتحقيق نسبة مشاركة مقبولة بحسب المعايير الغربية، بأقل نسبة ممكنة من التزوير الذي بدا فاقعاً في أول أيام التصويت، بحسب شكاوى حملة صباحي. ولم يسبق أن تم تحديد يوم عطلة في مصر، قبل ساعات من بدء ساعات العمل، إذ إن المعتاد هو اعلان جداول أيام العطل في اجتماع مجلس الوزراء، خلال أسبوع على الأقل من موعد حلول العطلة كحدّ أدنى.

أما المشهد الأشد رمزية، فكان توافد رموز نظام مبارك من سياسيين وفنيين وقضائيين وعسكر، ليكونوا أول المشاركين في التصويت، وأكثرهم حماسةً.

وكانت "تسلم الأيادي تسلم يا جيش بلادي"، و"بشرة خير"، أغاني تردد صداها في شوارع حي مدينة نصر، شرقي القاهرة، في الساعات الأخيرة قبل إغلاق باب التصويت في اليوم الأول من الانتخابات الرئاسية، بهدف استجداء ناخب لا يأتي.

وكانت الأغاني التي أنتجتها إدارة الشؤون المعنوية، التابعة للقوات المسلحة المصرية وأحد رجال الأعمال الموالين للرئيس المخلوع، حسني مبارك، وأنشدها بعض الفنانين المصريين والعرب، الورقة الأخيرة التي لجأ إليها أنصار السيسي، في محاولة لصنع حالة من الزخم في الدائرة التي خيّم عليها صمت مطبق بعدما هجر ناخبوها لجان الاقتراع والتزموا بيوتهم. وقد ظهر ذلك جلياً في مدارس جمال عبد الناصر، الصديق، الملك فهد، خالد بن الوليد، والمدرسة التجريبية الموحدة في شارع مصطفى النحاس كان أفراد الشرطة موجودين فيما غاب الناخبون الذين قرروا مقاطعة انتخابات محسومة النتيجة سلفاً لصالح السيسي.

عروض "استجداء" للناخبين

ولم يكتفِ رئيس مجلس الوزراء، ابراهيم محلب، بقرار إعطاء إجازة مدفوعة في القطاع العام، بل شمل أيضاً أجراء القطاع الخاص، على الرغم من أن الحكومة نفسها، رفضت بشكل رسمي منح إجازة للموظفين. كما أنه سبق لـ"لجنة اﻻنتخابات الرئاسية"، أن أعلنت عن عدم تحبيذها اعلان يومي اﻻقتراع عطلة رسمية، مؤكدة أن نسبة اﻹقبال على التصويت في أيام العطل، تكون أدنى بكثير من النسبة في أيام الدوام الرسمي. وأوضحت مصادر متابعة أنه "لم يسبق أن ارتفعت نسبة المشاركة في اليوم الثاني عن اﻷول في أي استحقاق انتخابي".

ونفت لجنة اﻻتتخابات رسمياً ما تردد في وسائل اعلام مصرية، عن إحصاءات مبكرة لأعداد الناخبين، قدّرت بثلاثة ملايين ناخب في كل ساعتين، مؤكدة أنها "معلومات كاذبة".
وكشفت مصادر قضائية رفيعة المستوى لـ"العربي الجديد"، أن "اﻹحصاء المبدئي لعدد المصوتين في اليوم اﻷول، كشف تدنياً ملحوظاً عن النسب التي تم تسجيلها في استفتاء دستور 2014، وكذلك في الانتخابات الرئاسية 2012".

ففي القاهرة بلغت نسبة الاقتراع نحو 19 في المئة فقط، وهي نسبة تعادل نصف نسبة التصويت الاجمالية في استفتاء الدستور، وفي الإسكندرية بلغت 20 في المئة، والبحيرة 23 في المئة، والجيزة 20 في المئة، وارتفعت في الشرقية مسجلة 25 في المئة.

في هذه الأثناء، اعتبر تحالف "دعم الشرعية" أن الإجازة الرسمية التي قررتها الحكومة بمثابة تأكيد لفشل الحشد في الانتخابات الرئاسية. وأشار المتحدث باسم حزب "الوطن" السلفي، أحد كيانات "التحالف الوطني لدعم الشرعية"، أحمد بديع، لـ"العربي الجديد"، الى أن "الحكومة والنظام الانقلابي في ورطة حقيقية، ولا سيما مع إحراج مؤيديهم وعدم النزول للتصويت في اليوم الأول". وتابع "سيحشدون الناس للذهاب للتصويت يوم الثلاثاء، ولكن هذا الخيار سيفشل أيضاً". وأكد أن "الشعب المصري رفض إعطاء شرعية للانقلاب الذي قاده السيسي".


كل شيء في خدمة السيسي

وشهدت الانتخابات مجموعة من الانتهاكات والمخالفات الانتخابية في عدد من اللجان. وبحسب تقرير حملة "شايفينكم"، وهي منظمة حقوقية مصرية، فقد ألقت قوات الأمن المصرية، القبض على عدد من الشبان داخل لجان الاقتراع، وهددت مراقبة الحملة بالاعتقال إذا ما اعترضت، في محافظة البحيرة.

وبدا واضحاً التضييق على مندوبي صباحي في أكثر من لجنة، اذ ألقي القبض على مندوب صباحي، عمرو حسانين عبد العظيم، في مدرسة الشهيد محمد محمود عبد الله، في مدينة طوخ في محافظة القليوبية. كما تم الاعتداء بالضرب على مندوبي حملة صباحي في مدرسة كفر منصور، في القليوبية. 

في هذه الأثناء، رصدت الحملة، مخيمات للدعاية لصالح السيسي في عدد من المدارس في بورسعيد وقنا، فضلاً عن انتهاكات أخرى بالجملة في عدد من المحافظات.

كما أصدر "التحالف الديمقراطي لمراقبة الانتخابات"، الذي يضم 30 منظمة حقوقية، بياناً مشتركاً، أكد وجود أزمة بين مندوبي مرشحي الرئاسة وبعض القضاة، نتيجة منعهم من دخول اللجان، ومقتل عضو "حركة تمرد"، محمد فتحي، وإلصاق التهمة بجماعة "الإخوان المسلمين". كما تطرقت إلى انتشار قوات الأمن الخاصة في محيط لجان الاقتراع، ورشق قوات الأمن بالحجارة في المنيا من قبل أنصار "الإخوان".

ووسط هذا المشهد الذي يعج بالمخالفات، كان لافتاً عدم تردد المحامي العام الأول في المكتب الفني للنائب العام المصري، المستشار خالد محجوب، والمعروف باسم "قاضي وادي النطرون"، بالكشف عن تصويته للسيسي، مخالفاً القانون بكشف هوية من صوّت له.
ويعرف محجوب بكونه القاضي الأول الذي تولى عملية التحقيق في قضية الهروب من السجن إبان ثورة يناير، المتهم فيها مرسي.

إلى ذلك، وجّه منسق حركة "قضاة من أجل مصر"، المستشار محمد عوض، رسالةً إلى القضاة المشاركين في الإشراف على الانتخابات الرئاسية التي وصفها بالباطلة.

ذات صلة

الصورة
جواز سفر مصري - مصر (إكس)

مجتمع

أُحيل محامٍ مصري إلى المحاكمة الجنائية بتهمة تزوير محرّرات رسمية وجمع أموال من عائلات سوريّة في مصر، وذلك في مقابل إتمام إجراءات الجنسية المصرية المنتظرة
الصورة
السيسي يشهد افتتاح المشروعات في جنوب الوادي 25/5/2024 (الرئاسة المصرية)

اقتصاد

تحدث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مجدداً عن كلفة دعم رغيف الخبز، خلال افتتاحه بعض مشاريع الطرق بجنوب الوادي عبر تقنية "فيديو كونفرانس"، اليوم السبت
الصورة
الدرس انتهى لموا الكراريس

منوعات

أحيا مصريون وعرب على مواقع التواصل الذكرى الـ54 لمذبحة مدرسة بحر البقر التي قصفها الاحتلال الإسرائيلي يوم 8 إبريل/نيسان عام 1970 في مدينة الحسينية.
الصورة
المؤرخ أيمن فؤاد سيد (العربي الجديد)

منوعات

في حواره مع " العربي الجديد"، يقول المؤرخ أيمن فؤاد سيد إنه لا يستريح ولا يستكين أمام الآراء الشائعة، يبحث في ما قد قتل بحثاً لينتهي إلى خلاصات جديدة
المساهمون