رغم نفي وزارة الصحة المصرية، في منتصف العام الحالي نيتها بيع مستشفيات "التكامل" للقطاع الخاص، إلا أن طلب الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس الأول، بتسريع دراسات بيع المستشفيات التكاملية للقطاع الخاص، بدعوى البحث عن موارد لتسهيل تقديم الخدمات الصحية، جاء كاشفاً لمخططات خصخصة الخدمات الصحية، وهو ما يعد مخالفة لقانون التأمين الصحي الذي ينص على عدم بيع المستشفيات الحكومية للقطاع الخاص.
وطلب السيسي من وزير الصحة على هامش افتتاح المرحلة الرابعة من تطوير المجمع الطبي العسكري بكوبري القبة، شرق القاهرة، تنفيذ ما سبق وتم الاتفاق عليه منذ ثمانية أشهر، عبر بيع تلك المستشفيات، وتوفير دخل، يسمح للوزارة بتوفير آلية ثابتة لتقديم خدمة طبية لغير القادرين بدلاً من وجود مستشفيات لا تستخدم لنقص الأجهزة بها.
وبدلاً من البحث عن آليات لتطوير تلك المستشفيات، كما تفعل مع المستشفيات العسكرية، وقال السيسي "إن جمعيات مثل الأورمان، أو مصر الخير، تستطيع إدارة تلك المستشفيات وتوسيع الخدمة المقدمة للمواطنين".
ورغم انتقادات سابقة لإسناد مناقصات شراء مستلزمات طبية وأدوية عبر مؤسسات وهيئات الجيش، أشار السيسي إلى أنه وجّه أوامره لتوفير الأجهزة والمستلزمات الطبية لوزارة الصحة عبر مناقصات مجمعة تقوم بتنفيذها القوات المسلحة؛ متمنيا "أن تنضم المستشفيات التعليمية لتلك المناقصات حتى تتمكن من توفير الاحتياجات بأقل سعر وأفضل جودة وأطول فترة ضمان لصيانة الأجهزة، وحث المستشفيات على إيجاد دخل يدعم الحفاظ على المعدات الحديثة وصيانتها عقب انتهاء مدة الصيانة المقررة من الشركات العالمية".
من جهته، قال مسؤول في الخدمات الطبية بمستشفى كوبري القبة العسكري "إن الجيش نجح في التعاقد مؤخراً على 700 ماكينة غسيل كلى لوزارة الصحة".
ورغم التقارير المتوالية التي تشير إلى تدهور القطاع الطبي، وانهيار منظومة الصحة في مصر، بسبب ارتفاع أسعار الأدوية ونقص التجهيزات الطبية والمستلزمات التي تحتاجها المستشفيات، بعد انهيار العملة المصرية أمام الدولار، يفتح السيسي الباب أمام خصخصة المستشفيات التي تعالج الفقراء، والتي يصل عددها لنحو 540 مستشفى؛ حيث تم إعداد قائمة من 75 مستشفى متميزة من مستشفيات التكامل بالتعاون مع وزارة الاستثمار لطرحها للشراكة مع المستثمرين، خلال يوليو/ تموز الماضي.
يشار إلى أن مستشفيات التكامل تبلغ أكثر من 540 مستشفى تم بناؤها في التسعينيات من القرن الماضي، خلال فترة وزير الصحة الأسبق إسماعيل سلام، وهي تقوم بالتكامل مع عمل الوحدة الصحية لتوفير العلاج للمرضى.
وفي عهد حكومة أحمد نظيف، تم الإعلان عن تحويل تلك المستشفيات إلى عيادات لتقديم الخدمات الأولية. وكان قد تم تحويل 12 مستشفى تكاملياً إلى مستشفيات مركزية، بعد إجراء بعض التعديلات للتماشى مع المعايير والمواصفات الموضوعة، كما تم تحويل البعض الآخر إلى مراكز لطب الأسرة، وعيادات تأمين صحي، ومراكز للأمراض المزمنة والملاريا.
ويوجد حالياً 377 مستشفى تكامليا، وتبلغ التكلفة التقديرية لتطوير مستشفى شاملة التجهيزات وتحويلها إلى مستشفى مركزي متكامل الخدمات، حوالي 30 مليون جنيه، وهذا ما يدفع النظام الحالي إلى عدم تحمل تكلفة تطويرها.
وكان وزير الصحة الحالي أحمد عماد، قد أعلن عن مخطط خصخصة تلك المستشفيات، في يوليو الماضي، وسط غضب ورفْض من نقابة الأطباء والمهتمين بالشأن الصحي.
ورأى الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء الدكتور رشوان شعبان، أن هذه المستشفيات بُنيت بقرض من البنك الإفريقي لكي تكون حلقة وصل بين الوحدات القروية والمستشفيات المركزية، وتقوم بخدمة القرى، لكن للأسف، بحسب شعبان، فقد منيت بفشل ذريع في الإدارة، وعليه فإن الوزارة تريد التخلص من هذه المستشفيات بالخصخصة في هذه المرحلة. وقال في تصريحات صحافية، إن القطاع الخاص، لو أراد تقديم خدمة صحية فعليه بناء مستشفيات خاصة به، بدلا من شراء المستشفيات الحكومية".
بينما قال عضو مجلس نقابة الأطباء أحمد شوشة "إن بيْع هذه المستشفيات، هو عمل ضد مصلحة المريض المصري، بل يعد قتلاً للمريض الفقير، فهو شروع في قتل المرضى الفقراء في مصر وهم الأغلبية العظمى".
وتُلزم المادة 18 من الدستور المصري الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للصحة، لا تقل عن 3% من الناتج القومي الإجمالي، تتصاعد تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية، إلا ان ذلك لم يظهر في الموازنة العامة للبلاد.