واستهل السيسي كلمته بطلب الوقوف دقيقة "ليس حداداً على أرواح الشهداء فقط، بل تحية تقدير وإعزاز لكل تضحيات الأمة العظيمة"، قائلاً لأعضاء البرلمان: "أقف اليوم متحدثاً إليكم في مستهل فترة رئاسية جديدة، وبعد أن أقسمت اليمين الدستورية أمامكم بأن أحافظ مخلصاً على الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح هذا الشعب العظيم".
وأضاف السيسي: "في هذه اللحظة الفارقة، أجد مشاعري قد اختلطت ما بين الشعور بالسعادة بتجديدكم الثقة في شخصي لتحمل مسؤولية وطننا العظيم، والشعور بعظم المسؤولية، وحجم التحديات... فقيادة دولة بحجم مصر أمر لو تعلمون عظيم، ودعوني أجدد معكم العقد والعهد بأن نواجه التحدي، ونخوض غمار معركتي البقاء والبناء، متمسكين بعقدنا الاجتماعي الذي وقعناه سوياً، دولة وشعباً، بأن يكون دستورنا هو المصارحة والشفافية".
وتابع: "ليكن مبدأنا الأعظم هو العمل متجردين لصالح هذا الوطن، وأن نقتحم المشكلات، ونواجه التحديات، ونحن مصطفون محافظون على تماسك كتلتنا الوطنية حية وفاعلة، ولا نسعى سوى لصالح مصرنا العزيزة الأبية، وتحقيق التنمية والاستقرار لها، وبناء مستقبل يليق بتاريخنا، وبتضحيات أبنائها. وأنا على العهد معكم باقٍ، لم ولن أدخر جهداً، أو أؤجل عملاً، أو أسوف أمراً. ولن أخشى مواجهة، أو اقتحاماً لمشكلة أو تحدٍّ".
وزاد السيسي: "لقد كان يقيني صادقاً، ورهاني رابحاً، حين أثبت هذا الشعب العظيم عراقته وصلابته، وخاض معركة التحدي محافظاً على مكتسبات وطنه، وقادراً على تحدي التحدي، وإثبات إرادته الحرة... وكانت لوحة الوطن رائعة الجمال والكمال، وقد تزينت بالأزهر الشريف منبر وسطية الإسلام، وبالكنيسة المصرية العريقة، رمز السلام والتسامح... ويؤمن إرادة شعبنا ويحميها رجال الجيش البواسل، وشرطتها الأبطال، الذين قدموا الدماء قرباناً من أجل أن يبقى هذا الوطن مرفوع الرأس والهامة".
ولم يرتجل السيسي خارج النص المكتوب، متابعاً: "وها هي المرأة المصرية، ومعها كل أفراد الأسرة، شباباً وشيوخاً وأطفالاً، يخوضون معركة التنمية والبناء، فيزرعون الخير، ويصنعون المستقبل، ويرسمون للغد طريقاً. كي نحقق حلمنا الوطني بمصرنا، دولة حديثة تقوم على أسس الحرية والديمقراطية، وتستعيد مكانتها اللائقة بين الأمم إقليمياً ودولياً، بعد أن عانت من محاولات للنيل من هذه المكانة، وتراجع دورها نتيجة لعوامل داخلية وخارجية".
وقال السيسي: "لقد واجهنا سوياً الإرهاب الغاشم، الذي أراد أن ينال من وحدة وطننا الغالي، وتحملنا معاً مواجهة التحديات التي خلفها لنا الإرث الثقيل من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وما نجم عنها من آثار سلبية على مناحي الحياة كافة، والحقيقة الجلية أننا كنا نواجه خلال الفترة الرئاسية الأولى التحدي الأكبر في تاريخ وطننا. وبفضل من الله، وبإخلاص النوايا، والعمل الدؤوب المتجرد، استطعنا أن نعبر مرحلة عصيبة، وننطلق نحو مستقبل أكثر ثباتاً واستقراراً وعزماً على تحقيق الحسم في معركة بناء الوطن".
وقال السيسي، إن ملفات التعليم والصحة والثقافة ستكون في مقدمة اهتماماته خلال فترة ولايته الثانية، مشيراً إلى إطلاق حزمة من المشروعات والبرامج الكبرى على المستوى القومي، بذريعة الارتقاء بالإنسان المصري في هذه المجالات، استناداً إلى نظم علمية لتطوير منظومتي التعليم والصحة، لما يمثلانه من أهمية بالغة في بقاء المجتمع قوياً ومتماسكاً.
وأضاف السيسي أنه لبّى نداء الشعب المصري، حين ارتضى أن يكون على رأس فريق لإنقاذ الوطن "ممن أرادوا له السقوط في براثن الانهيار والدمار، متاجرين بالدين تارة، وبالحرية والديمقراطية تارة أخرى"، في إشارة منه إلى أطياف ثورة يناير، وانقلاب الجيش على الرئيس المعزول، محمد مرسي.
وقال: "منذ اللحظة الأولى التي توليت فيها مهام منصبي، وضعت خطة عمل قائمة على الإصلاح، وكانت خطتنا الطموحة لإطلاق حزمة من المشروعات القومية العملاقة لتعظيم أصول الدولة، وتحسين بنيتها التحتية، وتوفير فرص عمالة، وذلك بالتوازي مع مخطط شامل للإصلاح الاقتصادي لمواجهة التراجع الكبير في مؤشرات الاقتصاد العام، والتي ارتبطت به شبكة من برامج الحماية الاجتماعية لمواجهة الآثار السلبية الناجمة عن هذه الإصلاحات".
وأشار إلى أن "الدولة المصرية ستمضي قدماً وبثبات نحو تعزيز علاقاتها المتوازنة مع جميع الأطراف الدولية والإقليمية، في إطار من الشراكات، وتبادل المصالح، دون الانزلاق إلى نزاعات أو صراعات لا طائل منها، تعتمد في ذلك على إعلاء مصالح الوطن العليا، واحترام مصالح الآخرين، والتأكيد على مبدأ الحفاظ على السيادة الوطنية للدول، وعدم التدخل في شؤونها، بالإضافة إلى تدعيم دور مصر التاريخي للقضايا المصيرية بالمنطقة".
وختم السيسي بقوله: "تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر".