السيسي وبن سلمان يحضران "سلم نفسك"..عرض على هوى الديكتاتور

05 مارس 2018
المسرحية تحمل المجتمع مسؤولية كاملة (فيسبوك)
+ الخط -
فيروس ينتشر في المدينة، يعطي الحاكم مهلة للعلماء من أجل اكتشافه، وبعد فترة يكتشف العلماء أن المجتمع يعاني من أمراض سببها السوشيال ميديا، وانحدار الأخلاق، والنميمة، والتكالب على المال.


المجتمع هنا هو المتهم الأول والأخير، هو الذي يتحمل مسؤولية كل شيء، وفي النهاية يكتشف الجميع أن علاج كل ذلك ينحصر في حب الوطن والجيش والشرطة، يحدث ذلك عندما يشاهد الناس جثث ضحايا الجيش والشرطة، فيستيقظ ضميرهم ويشعرون أنهم لا يجب أن يتركوا الوطن نهبًا لتلك السلبيات.

ذلك هو ملخص العرض المسرحي الذي يصطحب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لمشاهدته مساء الإثنين، على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية بالقاهرة.

ويتضح من محتوى العرض أنه يكاد يتطابق مع ما قاله السيسي للفنانين أحمد السقا ويسرا "ربنا هيحاسبكوا على اللي بتقدموه". وهي رؤية السيسي التي عبّر عنها أكثر من مرة للفن ودوره في توجيه الجماهير لخدمة النظام وتلميع صورة الزعيم ونظامه، وتمجيد الشخصيات العسكرية وإبراز صفاتها النبيلة وتسليط الضوء على ما تتحلى به من شيم التضحية والإخلاص والانضباط. وهو ما يؤكد أن أمثال خالد جلال عادة ما تكون لهم جلسات توجيه وإرشاد مع أجهزة النظام الأمنية لاطلاعهم على الأفكار والقناعات التي يريد النظام نشرها في المجتمع.

العرض كما لاحظ كثيرون ممن شاهدوه لا يخلو من مواهب تمثيلية يتمتع بها نجومه من شباب الممثلين، لكنه في الوقت ذاته لا يمكن وصفه بالعمل المسرحي، حيث إنه عبارة عن مجموعة من الاسكتشات المجمّعة، دون نص واضح المعالم.

مخرج العرض خالد جلال، له باع طويل في التقرب من السلطة والنظام السياسي، إذ أن له تاريخاً من العلاقات الطيبة بالمشروعات الثقافية لزوجة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، سوزان مبارك، واستمر في الحفاظ على علاقات وطيدة بالسلطة حتى اليوم، فهو المخرج المفضل لدى نظام السيسي، وهو الذي يخرج كل الحفلات التي يحضرها الرئيس.

ومسرحية "سلم نفسك" كما وصفها ناقد، متحدثاً "للعربي الجديد"، هي عبارة عن أداة دعائية رخيصة مصنوعة بشكل جيد، يتم من خلالها تمرير الخطاب القمعي الذي يكرّس فكرة أن المجتمع هو المسؤول عن الفساد، وليس السلطة، عن طريق لغة كوميدية محببة وجذابة.

واستخدمت أنظمة الحكم العسكري على مدار التاريخ المصري، الأعمال الفنية للترويج لنفسها، وتجلى ذلك الأمر في الحقبة الناصرية حيث تم تقديم الكثير من الأعمال الفنية التي تخدم النظام، إلا أنها كانت تمتاز بالجودة حيث كان القائمون عليها مبدعين حقيقيين أمثال صلاح جاهين، ثم انحدرت تدريجيًا لتسقط في فخ الابتذال والسطحية في عصر السادات، ثم أصبحت تجارية سطحية في زمن مبارك، حتى وصلت إلى الحضيض في عهد السيسي.

وكعادة الأنظمة الشمولية القمعية، مارس نظام السيسي تمييزًا واضحًا ضد المبدعين، وقام بعمليات فرْز بين الفنانين الموالين والمعارضين، ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد بل شمل حتى الذين لا يُبْدون الحماسة اللازمة تجاه النظام.



وليس خالد جلال إلا نموذجاً لهؤلاء "المتملّقين" الذين يحظون بالاحتفاء والتكريم، وتنهال عليهم الفرص ويدعون إلى الحفلات الرسمية ويتصدرون صفحات الجرائد ويحلّون ضيوفًا على البرامج في وسائل إعلام النظام، مثل ما حدث مع خالد جلال وفريق عمل المسرحية، عندما استضافهم خالد صلاح رئيس تحرير "اليوم السابع" في مقر الجريدة ونظم لهم ندوة كبيرة، وكتب يقول "سلمت نفسي إليهم مع المشهد الأول لأجدني في رحلة وطنية ترسم ملامح الإنسان المصري، وتسافر في عقله وضميره وثقافته وسلوكه ووطنيته، رحلة ترى فيها ما هو حاضر اليوم، وما قد كان جميلًا في الماضي، وما قد يبدو عليه المستقبل لو لم يقتحم الإنسان المصري هذا الملف المخفي في عقله، هذا الملف هو سر هذا العرض المسرحي، بل هو سر هذا البلد بكامله، والملف لا تفتحه إلا شيفرة خاصة يصحبك العرض للبحث عنها بشوق بالغ طوال المسرحية، لتكتشف في النهاية كم هي قريبة إليك هذه الشيفرة، وكيف يبدو إنقاذ "المدينة" أقرب إليك من الهواء الذي تتنفسه، نحن نحتاج إلى شيفرة إنسانية وطنية، وإلى تضحية خالصة، لكي نستخرج من وجداننا وضمائرنا وعقولنا ملامح الطريق الذى يقود بلادنا إلى المستقبل".






المساهمون