السيسي والملف الليبي: دعم حكومة السراج إعلامياً وحفتر عسكرياً

15 يوليو 2016
يحاول السيسي الحصول على أي دعم دولي(أمين الأندلسي/الأناضول)
+ الخط -
تثير الزيارات المتكررة للواء المتقاعد، خليفة حفتر، أخيراً، إلى القاهرة، جدلاً واسعاً في ظل استقبال العاصمة المصرية رئيس حكومة الوفاق الليبية، فائز السراج، ولقائه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في وقت سابق، وإعلان الأخير دعمه حكومته، وهو ما يتعارض مع توجهات حفتر الذي يرفض الاعتراف بالسراج وحكومته. ووصل الأمر باللواء المتقاعد إلى درجة تأكيده على اعتبار القوات التابعة لحكومة الوفاق "معادية وسيتم استهدافها". وزار حفتر القاهرة، خلال النصف الأول من العام الحالي، بمعدل زيارة واحدة شهرياً، بحسب مصادر مصرية، وجميعها غير معلنة، وكانت بهدف ترتيب أوراق المعسكر والحصول على دعم.
كما التقى المبعوث الأممي إلى ليبيا، مارتن كوبلر، حفتر، أول من أمس الأربعاء، بالقاهرة، عقب لقاء الأول مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، الثلاثاء، لبحث المشهد الليبي. ووصف كوبلر الوضع في ليبيا خلال لقائه الأمين العام لجامعة الدول العربية، الثلاثاء الماضي، بأنه "غير مرضٍ على الإطلاق"، وأنه انعكس على حياة الليبيين بشكل عام. 

وتفسّر مصادر سياسية مصرية، في حديث مع "العربي الجديد"، هذا التضارب، قائلة "النظام المصري الحالي بين نارَين، فهو يريد دعم حفتر لأنه الأقرب له من حيث الخلفيات العسكرية والنهج السياسي، كما أنه يدين بالولاء كاملاً للقاهرة وحليفتها دولة الإمارات، التي ترعى حفتر مالياً وعسكرياً، بينما حكومة الوفاق الليبية مدعومة، من وجهة نظر النظام المصري، من جماعة (الإخوان المسلمين) في ليبيا، وعدد من الفصائل الإسلامية، وهو ما يعارضه بشدة النظام المصري".

وتضيف المصادر ذاتها أنّه "في الوقت ذاته لا يريد السيسي الدخول في صدام مع المجتمع الدولي في حال إظهار عدائه لحكومة الوفاق، خصوصاً أنها مدعومة ومعترف بها من الأمم المتحدة، في وقت يسعى فيه السيسي ونظامه بكافة السبل إلى الحصول على أي دعم دولي، وهو ما كلّفه الدخول في صفقات عسكرية إقليمية كبّدت خزينة الدولة مبالغ طائلة في ظل عجز اقتصادي شديد".

وتوضح هذه المصادر أن "النظام المصري يريد مسك العصا من منتصفها، فهو يتظاهر بدعم حكومة الوفاق إعلامياً، لكن من دون تقديم أي دعم على الأرض، خصوصاً أن أبوظبي، إذا قررت الضغط على حفتر ورئيس برلمان طبرق، عقيلة صالح، لمنح الثقة لحكومة السراج، لاستجابا لذلك"، بحسب المصادر.






وتتسم العلاقة بين السيسي وحكومة الإمارات، وخصوصاً ولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد، بالقوة والخصوصية، والسعي المتبادل للاستفادة اقتصادياً وسياسياً من النفوذ الإماراتي في مصر. ووفقاً لمحللين سياسيين، تحدثوا، في وقت سابق، مع "العربي الجديد"، فإن قوة هذه العلاقة وصلت إلى درجة أنها كانت من محددات تعاطي القاهرة مع الملف الليبي اللصيق بها جغرافيا،ً والمؤثر على أمنها استراتيجياً.

وبناءً على دعم الإمارات المالي واللوجستي للواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، وهو ما أفقد مصر فرصة تاريخية لرعاية اتفاقات وتفاهمات التصالح بين الفرقاء الليبيين، فانتقلت التفاهمات إلى أراضي دول أخرى، وفي مقدمتها المغرب، بحسب المحللين أنفسهم. وتؤكد المصادر السياسية، في هذا السياق، أن "السيسي لا يريد المشاركة في معسكر يتواجد فيه الإخوان المسلمون، لذلك يستمر الدعم العسكري واللوجستي المصري والإماراتي لقوات حفتر".

من جهة أخرى، تكشف مصادر بارزة مصرية قريبة الصلة بدوائر صناعة القرار المصري، لـ"العربي الجديد"، عن أن حفتر ناقش مع مسؤولين عسكريين مصريين بارزين تقدّمهم رئيس الأركان المصري، محمود حجازي، مقترحاً تقدم به كوبلر بتشكيل ثلاثة مجالس عسكرية تمثل الشرق الليبي بقيادة حفتر، وآخر للجنوب، وثالث لغرب ليبيا، في ظل حالة الانقسام التي يصعب معها إعلان جيش مركزي موحّد. وتشير هذه المصادر إلى أنه "في الوقت الذي يلقى فيه هذا المقترح ترحيباً مبدئياً من حفتر، إلا أنه يلقى معارضة مصرية لاعتباره يفتح الباب على مصراعيه لتقسيم ليبيا إلى ثلاث دويلات، وهو ما يمثل خطورة بالغة على الأمن القومي المصري من الجهة الغربية.

وبدت الهوة شاسعة بين الرؤية المصرية ـ الإماراتية والقيادي الفلسطيني المطرود من حركة فتح، محمد دحلان، للوضع في ليبيا، وبين رؤية الفرنسيين والإيطاليين، وحتى الأميركيين. فالرؤية الأولى ترتكز على أن يكون لحفتر دور في المستقبل السياسي والعسكري حتى إذا بلغ الأمر تحصين استقلاله بإدارة الجيش الليبي، بهدف أن تكون للإمارات ثم لمصر ذراع عسكرية هي الأقوى في ليبيا. لذلك، لا يملّ السيسي من الترويج لضرورة رفع حظر توريد الأسلحة إلى الجيش الليبي، وفقاً لمحللين سياسيين. في المقابل، يرى الغرب أن تحديد دور حفتر يأتي في مرحلة لاحقة على تنفيذ كامل بنود اتفاق الصخيرات في المغرب، وأن استئثار حفتر بالجيش الليبي الوطني يجعل منه مليشيا يجب تطبيق حظر توريد السلاح عليه، لحين التوافق الوطني على موضوع تكوين الجيش.

وتأتي تلك المشاورات وسط محاولات سعودية لحل الأزمة الليبية، من خلال مساعٍ يقودها ولي ولي العهد السعودي، وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان، لإجراء اجتماع في مكّة، برعاية والده الملك سلمان بن عبد العزيز، يجمع خلاله كافة الفرقاء الليبيين من مسؤولين وقادة عسكريين وزعماء قبائل لحلّ الأزمة سريعاً، في ظل الوضع المتردي لعدد من الدول العربية.


المساهمون