السيسي والبرلمان: إبعاد رموز مبارك وترحيب بـ"نواب الخدمات"

20 ديسمبر 2014
يريد السيسي برلماناً أشبه بمجلس الأعيان (الأناضول)
+ الخط -

يبدو أنّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يتخوّف بشدّة من عودة رموز الحزب الوطني المنحلّ، ونظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، إلى سدّة السلطة في مصر، وبصفة خاصة من باب السلطة التشريعيّة، التي سيخوض الشعب المصري استحقاقها خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام المقبل.

وتقول مصادر مقرّبة من الرئاسة المصريّة، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، إنّ "السيسي لا يجد غضاضة في عودة أعضاء الحزب الوطني العاديين إلى البرلمان في الانتخابات المقبلة، والتي ستُجرى بنسبة 80 في المائة للنظام الفردي، وبتقسيم دوائر يضمن غلبة العنصر القبلي والعائلي على الأحزاب والانتماءات الأيديولوجيّة، مما يرفع أسهم النواب السابقين في عهد مبارك، وخصوصاً من نجحوا في انتخابات عامي 2000 و2005، اللتين أدارهما القيادي الراحل بنظام مبارك كمال الشاذلي، قبل استحواذ رجل الأعمال أحمد عز على مقدرات الحزب الوطني الانتخابية عام 2010 عشية ثورة يناير"، وفق المصادر.

ويعتبر السيسي والدائرة الضيّقة المحيطة به، أنّ وجود هذا النوع من نواب "الحزب الوطني" مفيد تحت قبّة البرلمان، باعتبارهم "يهتمّون بالمجالات الخدماتية فقط، وليس السياسيّة أو التشريعيّة، مما يسهّل أن يمثلوا دعماً نيابياً لأيّ سلطة تنفيذيّة قائمة، وخصوصاً أنّ الدستور الجديد يمنح البرلمان سلطات واسعة مقيّدة لقرارات رئيس الجمهوريّة والحكومة".

في المقابل، لا يرغب السيسي بعودة القيادات العليا إلى الواجهة من جديد، وعلى رأسها أحمد عزّ، إذ يعتبرهم، وفق مصادر الرئاسة، "كانوا السبب الرئيس لسقوط نظام مبارك، وبالتالي فهم قادرون على إفساد الأجواء بينه وبين الشعب، بما في ذلك الفئات المؤيّدة للسيسي قلباً وقالباً، من خلال تصرّفاتهم السياسيّة والاقتصاديّة الهادفة لتحقيق استفادة شخصيّة فقط، وإعلاء مصلحة الفرد على الحزب أو الجماعة السياسيّة".

وتكشف المصادر أنّ "السيسي سبق وأرسل عبر وسطاء سياسيين، بعضهم كانوا وزراء لفترات قصيرة في عهدي مبارك والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، رسائل إلى عزّ وبعض رموز "الحزب الوطني"، تنطوي على تحذيرات من خوض الانتخابات أو المتاجرة باسمه، أو الترويج لارتباطهم بعلاقات شخصيّة به أو بدعمهم له".

وفي هذا الإطار، تأتي تصريحات السيسي المبطّنة الأخيرة، والتي قال فيها إنّ "الثقة بينه وبين المصريين متبادلة وكبيرة جداً، وإن أحداً لن يحول بينه وبين شعبه"، وإشارته إلى أنّ "المصريين لن يسمحوا ﻷحد بالصعود من دون إرادتهم، ولن يتولى أحد أي سلطة من دون رغبة المصريين، وإذا حاول أحد ذلك فهم من سيمنعه وليس السيسي، وإن على الجميع التعلّم من دروس الماضي".

ويكشف تمييز السيسي بين أعضاء الحزب الوطني العاديين وبعض القيادات على وجه الخصوص، إلى حدّ كبير، صورة البرلمان المقبل، الذي يسعى لتكوينه، فهو يريد مجلساً أشبه بمجالس الأعيان، يضمّ أغلبية من أعضاء مستقلين لا ينتمون إلى حزب أو تيار سياسي، ولكنّهم يدينون للنظام القائم بالولاء، وهذا ما يدفع السيسي حتى الآن إلى تجاهل مطالبات الأحزاب بتقليص عدد مقاعد النظام الفردي من 420 إلى 210 وتخصيص عدد مماثل للقوائم النسبيّة التي تضمن مشاركة أوسع للأحزاب.

وتؤكّد المصادر أنّ السيسي يدرك جيداً أهمية البرلمان المقبل في تمرير عدد ضخم من التشريعات التي أصدرها هو وسلفه عدلي منصور، مما يجعله يدفع باتجاه تقليل فرص الأحزاب في الفوز بالمقاعد، لا سيّما الأحزاب ذات الاتجاهات السياسيّة الواضحة، أو التي انبثقت من حركات معارضة لنظام مبارك مثل "كفاية" وتيّارات الاستقلال في النقابات والجامعات.
وتوضح المصادر، رداً على سؤال ما إذا كان السيسي سيقدم دعماً لأي حزب أو مجموعة مرشحين، أن السيسي بطبيعته، كشخص ينتمي إلى المؤسسة العسكريّة، لا يحب العمل الحزبي، ويراه مضيعة للوقت والمجهود ومدخلاً محتملاً للخلافات والصراعات السياسيّة"، التي يعتبر أنّ مصر في غنى عنها، في الوقت الحالي.

المساهمون