لا يقف هذا التراجع عند خسائر رجال الأعمال وتناقص الأرباح بقيمة هذه الصادرات فحسب، بل يتعدى خطورة هذا التراجع إلى فقد مزيد من فرص العمل بسبب انكماش الاستثمارات الجديدة، وتزايد نسبة البطالة إلى أكثر من 25%، بحسب تقدير المدير السابق لإدارة الشرق الأوسط بالبنك الدولي، خالد إكرام، و13% حسب التقديرات الحكومية.
فقد استفحلت هذه البطالة بين الشباب حتى أصبح 65.6% من العاطلين شباباً في الفئة العمرية الأقل من 29 سنة، بحسب إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الحكومي عن الربع الأول من 2015.
السياسات الكارثية لقائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي كانت السبب المباشر في انهيار الصادرات المصرية على النحو التالي.
في البداية، أطلق السيسي رصاصة قاتلة على الصادرات المصرية إلى ليبيا، وتوقف التصدير تماماً، وأغلق منفذ السلوم البري الوحيد مع ليبيا أمام حركة الشاحنات، بسبب الضربات الجوية المتهورة للجيش المصري على درنة الليبية في 16 فبراير/شباط الماضي، وهي نفس الفترة التي تهاوت فيها الصادرات المصرية بقيمة 9 مليارات جنيه (1.2 مليار دولار) رغم نموها إلى 70% في عهد الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي.
وبدلاً من تفعيل السيسي الدور الدبلوماسي في حل الخلافات الليبية، وتصفير المشاكل مع دولة الجوار ونشر الأمن فيها لتستقبل ليبيا المزيد من الصادرات المصرية الصناعية والزراعية، فضلاً عن أن تكون مصر طرفاً في النزاع الدائر، فقد أدى تورطه في ليبيا إلى القضاء على خطة وضعتها الحكومة المصرية في وقت سابق لمضاعفة الصادرات إلى ليبيا وتونس، في وقت تسعى فيه الدول إلى إطفاء حرائق السياسة لتمهد الطريق أمام عربات الاقتصاد العابرة للحدود.
ثانيا، وبعد انقلاب 3 يوليو 2013، خفض النظام العسكري قيمة الجنيه المصري من أجل تشجيع الصادرات، لكن تأييد السيسي لطاغية سورية كان أحد أسباب تمديد الحرب السورية، فخسرت مصر صادرات بقيمة 3 مليارات دولار كانت تصدرها للسوقين السورية والعراقية، وهما سوقان مهمتان كانتا تستوعبان مع السوق الليبية 68% من الصادرات الغذائية المصرية.
ثالثا: فشلت زيارات السيسي إلى روسيا وفرنسا وألمانيا في فتح أسواقها أمام صادرات مصر من البطاطس والبرتقال، رغم عقد صفقات طائرات "رافال" مع فرنسا، وعقده مشاريع ضخمة للطاقة مع ألمانيا، بل قامت روسيا بالتزامن مع زيارة السيسي بحرب على صادرات البطاطس والبرتقال المصرية وحظرت استيرادها وردت الشحنات، ما كبد المزارعين المصريين خسائر فادحة هذا الموسم.
رابعاً: رفعت حكومة العسكر أسعار الكهرباء والغاز والمياه بعد انقلاب الثالث من يوليو لتخفيض عجز الموازنة، ففقد المنتج المصري قدرته التنافسية في الأسواق الخارجية بسبب زيادة تكلفة الإنتاج.
ورغم نقص إمدادات الغاز الطبيعي، الذي تسبب في تعطيل مصانع إنتاج الأسمدة الكيماوية، ما أعجزها عن الوفاء بالالتزامات التصديرية، فقد استمر النظام على خطى مبارك في تصدير الغاز للأردن، وفق الصفقة الإسرائيلية، التي جرمها القضاء المصري عقب ثورة يناير 2011، ما أعدم تصدير 4 ملايين طن يوريا وأسمدة سائلة بقيمة تتخطى 15 مليار جنيه، وتتراجع صادرات قطاع الكيماويات خلال هذه الفترة فقط بنسبة 40%. والعجز مرشح للزيادة في شهور الصيف مع تزايد نقص الغاز للتغلب على عجز الكهرباء.
اقرأ أيضا: 1.83 مليار دولار خسائر مصر بسبب تراجع الصادرات