السياسي وبساطة الحياة

08 سبتمبر 2014
+ الخط -

السياسي يجيد الحديث بالأرقام، ويستشهد بتقارير ودراسات، كما يعجبه تحليل المواقف، ويراهن على محاولة فهم أصل الصراع. ولكن، بعيداً عن بريق وسائل الإعلام وعن التقارير الدولية والوطنية، يجد نفسه مأخوذاً ومتأثراً بحقائق الحياة العادية كما يعيشها.

وبينما دماغه السياسي مضطرب، مشغول بالأوضاع السياسية للمجتمع، وبأسئلة الديمقراطية وحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية، وباستقلالية القضاء وفصل السلطات وقضايا عديدة عالقة، مع وضد، يجد أنه نفسه مرتبط بنسيج واقعي وبيئي واجتماعي وثقافي، عليه أن يتعايش ويتكيف معه.

فللحياة قواعدها الخاصة، ولها سلطتها، وهي لن تتوقف بانتظار أن يتقدم السياسي في معاركه. بل، في أحيان كثيرة، يبدو كأن معارك السياسي لا تعنيها، ولا تؤثر فيها، بل فقط تجدد ثوبها. فكم من مجازر وحروب قادها زعماء سياسيون، وتسببوا فيها بخسائر بشرية بالآلاف والملايين، لكن، وعلى الرغم من الآلام والجراح والدمار والقمع، استمرت الحياة بالوهج نفسه، ولملم الأحياء جراحهم، ووقفوا من جديد لإعادة تنمية حياتهم وبنائها.

إذن، الأشياء البسيطة الفطرية هي الوقود الرئيسي للحياة، والحياة، وإن كان المفكرون والفلاسفة وأهل السياسة يسقطون عليها نظريات وتصورات كثيرة، فإنها تبقى في جوهرها خيارات بسيطة ممزوجة بحفنة من الحظ.

ونلاحظ أن الغالبية العظمى من الناس تريد قطف الثمار، قبل أن تنضج الفاكهة، ومن دون عناء يذكر، فهم يفكرون في اللحظة الآنية، ولهذا، معظم المشاريع والأفكار السياسية قد تكون عظيمة في الكتب، ولكن، ما أن يبدأ تطبيقها في الواقع، حتى تلمس فيها اختلالات كبيرة.

801B3919-7232-4F11-BE63-30C4073E7E55
801B3919-7232-4F11-BE63-30C4073E7E55
أمل مسعود (المغرب)
أمل مسعود (المغرب)