السيارات المفخّخة تصطاد السوريين

02 فبراير 2015
تحصد السيارات المفخخة حياة العشرات من المدنيين (فرانس برس)
+ الخط -

عادت السيارات المفخخة التي تستهدف المدن والبلدات السورية الخارجة عن سيطرة النظام السوري للظهور مجدداً، على غرار ما شهدته بلدة المزيريب الواقعة في ريف مدينة درعا، جنوبي سورية، حيث سقط عصر الأربعاء الماضي، أكثر من عشرة قتلى جراء انفجار سيارة مفخخة في سوق شعبي. وليست هذه المرة الأولى التي تُستهدف فيها أسواق شعبية وأماكن مكتظة بالسكان في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة السورية، من دون أن تتبنّى أيّ جهة عملية التفجير.

وتشير مصادر المعارضة السورية بأصابع الاتهام بشأن انفجار سوق المزيريب، إلى قوات النظام السوري، التي تتمركز في بلدة عتمان ومنطقة درعا المحطة، القريبتين من البلدة الواقعة إلى الشمال الغربي من مدينة درعا. وفي سياق متّصل، لا يستبعد الناشط الإعلامي ابراهيم المنجر من درعا، احتمال وقوف حواجز قوات النظام السوري المنتشرة على طريق درعا المحطة وراء ارسال السيارة المفخخة التي تمّ ركنها في السوق، قبل تفجيرها عن بعد.

وكانت عشرات السيارات المفخّخة قد استهدفت مختلف المدن والبلدات الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية شمالي وجنوبي البلاد خلال العام الماضي، واستهدف بعضها المعابر الحدوديّة مع تركيا، فيما استهدفت سيارات أخرى حواجز ونقاطاً عسكرية لقوات المعارضة في شمالي وشرقي سورية، قبل أن يعلن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) مسؤوليته عن عدد منها، إبان الصدام المستمر بين التنظيم من جهة، وقوات المعارضة السورية وجبهة "النصرة" من جهة أخرى.

وبدأت السيارات المفخّخة بالظهور في مناطق سيطرة المعارضة السورية منذ شهر حزيران/يونيو عام 2012، حين انفجرت سيّارة مفخّخة كانت مركونة في شارع أثناء سير تظاهرة كبيرة في مدينة زملكا، في غوطة دمشق الشرقية، ليتسبّب انفجار السيّارة المفخخة بسقوط أكثر من أربعين قتيلاً في صفوف المتظاهرين الذين كانوا قد خرجوا في تشييع شاب سقط أثناء تظاهرة برصاص قوات النظام السوري في وقت سابق.

واستمر خلال العام 2013، بشكل متقطّع، استهداف الأماكن المكتظة في المدن والبلدات السوريّة التي تسيطر عليها المعارضة، فأدى انفجار سيارة مفخخة في شارع مكتظ في مدينة سلمية بريف حماة في شهر شباط/فبراير إلى مقتل أكثر من عشرين شخصاً. وأدى انفجار سيارة مفخخة أخرى في سوق في مدينة رنكوس، في منطقة القلمون شمالي دمشق قبل نهاية شهر سبتمبر/أيلول، إلى مقتل أكثر من ستين مدنياً. كما استهدفت شاحنة مفخّخة، محمّلة بشحنة كبيرة من المتفجرات، في شهر أكتوبر/تشرين الأول السوق المحلي في بلدة دركوش في ريف مدينة إدلب، شمالي البلاد، ما أسفر عن مقتل 60 مدنياً من مرتادي السوق، بالإضافة إلى اصابة أكثر من مئة آخرين بجروح.

وتصاعدت عمليات استهداف مناطق سيطرة المعارضة السورية بالسيارات المفخخة مطلع العام الماضي، الذي ترافق مع وقوع الصدام الشامل بين قوات المعارضة السورية وجبهة النصرة من جهة، وتنظيم "داعش" من جهة ثانية، حيث أعلن التنظيم مسؤوليته عن استهداف حواجز ومقرات قوات المعارضة السورية عشرات المرات بالسيارات المفخخة التي يقودها انتحاريون تابعون للتنظيم. واستهدف مقاتلو "داعش" حواجز المعارضة في مناطق عدّة بحلب وريفها، وريفي إدلب ودير الزور.

واعتباراً من صيف العام الماضي، تصاعدت مجدداً وتيرة استهداف الأسواق والأماكن المكتظة في مناطق المعارضة، شمالي سورية، الأمر الذي أدى إلى مقتل العشرات من المدنيين وعناصر المعارضة.
وتمكّنت "الجبهة الإسلاميّة" من القاء القبض على اثنين من المتورطين في وضع السيارات المفخّخة التي يتمّ تفجيرها عن بعد، فأعلن مكتبها الأمني في شهر يوليو/تموز الماضي، القاء حاجز تابع للجبهة، بالقرب من مدينة بنش في ريف إدلب، القبض على مصطفى ديرية ومحمد عبد الكريم اللذين اعترفا بعد التحقيق معهما، بمسؤوليتهما عن وضع سيّارات مفخّخة في معبري باب الهوى وباب السلامة الحدوديين، وفي بلدة معرّة النعسان ومدينة بنش في ريف إدلب. وبثّ المكتب الاعلامي للجبهة الاسلامية في ريف إدلب، تسجيلاً مصوراً لاعترافات المقبوض عليهما، يوضحان خلالها الآلية التي قام من خلالها ضباط تابعين للنظام السوري بدفع مبالغ مالية لهم مقابل وضعهم لسيارات مفخخة في أماكن يحددها الضباط لهم.

وفي سياق متصل، تمكّنت المؤسّسة الأمنيّة التابعة لقوات المعارضة في مدينة حلب، من القبض على رجل وزوجته، تبين أنهما مسؤولان عن وضع سيارة مفخخة تسبّبت بمجزرة سقط ضحيتها أكثر من خمسين قتيلاً في كاراج السيارات، في منطقة سجو القريبة من معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا شمالي حلب.
ويظهر الشريط المصور المدعو فادي بنانة وزوجته نسرين سبسبي، وهما يشرحان كيف تسلما السيارة المفخّخة بتنسيق مع الرائد محمد علي، الذي يشرف على قسم التفخيخ في فرع فلسطين التابع لاستخبارات النظام السوري العسكرية في دمشق، ليقوما بركنها في ما بعد في منطقة كاراج سجو المكتظة بالمدنيين قبل مغادرة المكان لتنفجر السيارة وتخلف عشرات القتلى والجرحى.