توترات أمنية
تشكل الحضارة اليمنية القديمة في محافظة مأرب (شرق البلد)، ومنطقة صنعاء القديمة، قبلة أنظار السائحين من كافة الاقطار، وجذبت هذه المناطق في السنوات الماضية آلاف السياح الأجانب، لكن الاضطرابات السياسية ساهمت في تقليص عدد السياح، في حين يؤكد خبراء أن "ماراثونية الأحداث الراهنة" في اليمن تجعل من الصعوبة استعادة البلد رونقه السياحي، فيما يقول مسؤولون في وزارة السياحة اليمنية إن القطاع السياحي "يتعافى بشكل مستمر".
ووفقاً لـوكيل وزارة السياحة اليمنية، مطهر تقي، فإن الاضطرابات، التي تعيشها البلد، أثرت على السياحة الأوروبية والاميركية فقط، لكن "السياحة البينية" بين اليمن والخليج، ما زالت على حالها.
وقال تقي، في حديث لوكالة الأناضول: "السياحة الأوروبية مقتصرة حالياً على جزيرة سقطرى، فيما يغيب السائح الاوروبي عن العاصمة صنعاء، بسبب الاوضاع الامنية، حيث يأتون على مسؤوليتهم الخاصة."
هذه الاوضاع السياسية، دفعت عدداً من وكالات السياحة الى إغلاق مكاتبها في العاصمة صنعاء وعواصم المحافظات الاخرى، مما ترك أثراً سلبياً على القطاع السياحي.
عمليات خطف
شهدت اليمن خلال السنوات الماضية انتشار عمليات اختطاف للسياح الاجانب، وتعود ظاهرة اختطاف الأجانب إلى مطلع التسعينيات، وكانت القبائل الخاطفة تطالب الدولة بخدمات ومنافع أو إطلاق سجناء نظير إطلاق سراح المختطفين، ومنذ 1992 وحتى عام 2013، رصدت تقارير عديدة اختطاف أكثر من 350 أجنبياً معظمهم سياح، وفي عام 2013، تعرض 19 عربياً وأجنبياً للاختطاف في اليمن على أيدي جماعات مسلحة.
وقال تقي:" شهد اليمن في الأعوام الأخيرة عشرات عمليات اختطاف الأجانب، وبيعهم لتنظيم القاعدة، وأحياناً يتم استخدامهم أداة لابتزاز الدولة في عمليات خاصة، وهو ما جعل عددا من الدول الأوروبية تحذر رعاياها من السفر الى اليمن، باعتباره مصدر خطر على حياتهم."
وبحسب وزارة السياحة اليمنية، فإن القطاع السياحي شهد تطوراً نسبياً خلال السنوات القليلة الماضية، حيث أعلنت الوزارة في أحدث تقرير سنوي لها، صدر قبل شهرين، أن عدد السياح العرب والأجانب والمغتربين اليمنيين في الخارج، الذين قدموا الى اليمن في عام 2013، ارتفع الى 1.322 مليون سائح، من 874 ألف سائح في عام 2012.
وفيما تعد وزارة السياحة اليمنية هذه الأرقام دليلاً على تعافي قطاع السياحة، يرى خبراء أن هذه الأرقام غير مهنية ومبالغ فيها، كما أنها لا ترقى الى المستوى المطلوب.
معالم سياحية
بعيداً عن الأجواء السياسية المتوترة، وأعمال الخطف، التي تقوم بها الجماعات المسلحة، فإن باحثين يرون أن اليمن لن تكون بلداً سياحياً لعدم امتلاكها الخامة اللازمة للتصنيع السياحي، وفي هذا الاطار، عمدت وزارة السياحة الى وضع خطة للتنمية السياحية بين الاعوام 2008 – 2015، لجذب السياح وإقامة بنى تحتية قادرة على التسويق السياحي، حيث تناولت الخطة آليات تطوير وسائل النقل والاهتمام ببناء المطارات، بالاضافة الى الاهتمام بتطوير شبكات الكهرباء، والعمل على الترويج للسياحة اليمنية في الخارج، لكن الاوضاع السياسية لم تسمح بتنفيذ هذه الخطة.
وتمتلك اليمن مواقع سياحية جذابة، باتت مقصداً للسياح الأجانب، نظراً لتنوعها بين المعالم السياحية الأثرية والطبيعية والإرث الحضاري.
وتتواجد أربع مدن يمنية في قائمة التراث العالمي، هي سقطرى وصنعاء القديمة وشبام ومدينة زبيد القديمة، وكلها مواقع تمنح زوارها متعة الجمال والاستمتاع بسياحة الرياضة البحرية والمغامرات الجبلية.
وتراهن السلطات اليمنية على جزيرة "سقطرى"، في زيادة إيرادات السياحة، وتملك جزيرة سقطرى الواقعة في المحيط الهندي، شواطئ ذهبية وأشجار نادرة مثل" دم الاخوين "وطيور لا توجد في أية منطقة في العالم، كما تمتاز ببيئة آمنة تفتقدها بقية المحافظات.
وتأثرت الجزيرة، التي أعلنتها اليونسكو محمية قبل ست سنوات وأعلنتها السلطات اليمنية "محافظة" في عام 2013، بالأوضاع السياسية، التي مرت بها اليمن في عام 2011، وهبطت السياحة فيها الى أدنى مستوياتها.
وقال "محمد العرقبي"، وهو مرشد سياحي وناشط بيئي في الجزيرة، لوكالة الأناضول:" السياحة هنا بدأت تتعافى منذ منتصف عام 2013 لتصل الى حوالى 500 سائح أجنبي شهرياً، بعد ان اقتصر عام 2012 كاملا على ألف سائح فقط."
وكشف العرقبي عن أن جميع هذه الاعداد، التي تصل إلى سقطرى، أغلبها عن طريق طيران خارجي عبر (إمارة الشارقة الاماراتية - سقطرى والعودة) دون المرور بالعاصمة صنعاء.
وجانب جزيرة سقطرى، كانت صنعاء القديمة تحظى بالنصيب الأكبر من السياحة الوافدة، نظراً لفرادة معمارها والحرف التقليدية، التي تنشط فيها، إضافة الى مواقع أثرية في مدينة ثلا في محافظة عمران (شمال)، وكذلك مدينتا تعز القديمة وإب القديمة، الغنيتان بالمواقع الأثرية.