كشفت امباركة بوعيدة، الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، في تصريحات خصت بها "العربي الجديد"، مجموعة من الكواليس المرتبطة بالمسار الدبلوماسي لحل الخلاف الذي كان قائما بين المملكة المغربية ودولة السويد، الذي انتهى بعدم اعتراف السويد بـ"الجمهورية الصحراوية"، وتأكيدها على أنه "لا توجد مقومات الدولة بالصحراء الغربية"، بحسب بلاغ رسمي للخارجية السويدية.
وفيما يضع الموقف الجديد حدّا لأزمة دبلوماسية غير مسبوقة في العلاقات بين البلدين التي ظهرت في سبتمبر/ أيلول من السنة المُنصرمة، وذلك بعد اعتراف برلمان السويد رسمياً بالبوليساريو التي تطالب باستقلال إقليم الصحراء الغربية عن المغرب، كشفت بوعيدة أن هذا القرار جاء بعد مجموعة من اللقاءات التي بدأت مُنذ صُعود الحُكومة الحالية ودامت أكثر من سنة ونصف، مُضيفة أنه قد تم تكثيفها بعد انفجار الأزمة.
وفي السياق نفسه، كشفت بوعيدة أن السويد قد عيّنت الدبلوماسي فريدريك فلورين، من أجل إعداد تقرير حول "القضية الوطنية المغربية"، ومن أجل ذلك "قام بزيارة للمغرب والمنطقة بشكل عام، وها هي اليوم السويد تتخذ هذا الموقف بعدما قدم تقريره".
اقرأ أيضا: السويد "تتراجع" عن الاعتراف باستقلال الصحراء
وأضافت بوعيدة أنه سبق لها أن التقت بالدبلوماسي فلورين، في مارس/ آذار من السنة المُنصرمة، موضحة أنها قدمت له جميع المُعطيات والتفاصيل المُتعلقة بالملف، وأنه أيضا قام بجولة في المنطقة بشكل عام.
وشددت الوزيرة على أن الحزب الحاكم والحُكومة الآن في السويد فهموا أنه "لا يمكن المقارنة بين المغرب وصحرائه ومُشكلة فلسطين"، معبّرة عن ارتياحها لموقف السويد هذا، واصفة إياه بـ"الموقف الصحيح"، وشددت على أنه "لا يمكن الاعتراف بالبوليساريو كدولة لأنه لا يتوفر على أي نقطة من ثوابت الدول".
من جهة أخرى، أكدت الوزيرة المنتدبة أنه كان هُناك تحرك للمغرب بكافة قواه السياسية والاقتصادية، مُضيفة أنه كان هُناك ضغط وصفته بـ"الكبير"، خُصوصا على المستوى الاقتصادي، مُعللة ذلك بكون مجموعة من الشركات السويدية عملت على مُقاطعة المنتجات المغربية القادمة من أقاليمه الجنوبية، واستطردت بالقول إن "الحكومة السويدية منحتنا مجموعة من الضمانات حتى لا يتكرر نفس الأمر".
وفي ما يتعلق بمجموعة من الاستثمارات السويدية التي تم "توقيفها" بالمغرب، أكدت الوزيرة أن عودتها تتعلق ببعض "المساطر الإدارية"، دون أن تفصّل في الموضوع.
من جهته، رحب الخبير في العلاقات الدولية، تاج الدين الحُسيني، بموقف السويد، موضحا في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "لو استمرت السويد في المنحى الأول المُتمثل في الاعتراف بالبوليساريو كدولة، فسيجعلها ذلك أمام تناقضات مع مجموعة من مبادئ الدبلوماسية الأوروبية، وأيضا مع مبادئها الديمقراطية".
وشدد الحُسيني على أن السويد من الدول التي تتشبث بُمتابعة المسار الأممي للملف، وبالتالي "حينما تعترف بالبوليساريو كدولة فإنها تتجاوز المفاوضات الأممية، لأنها قائمة مع البوليساريو كجبهة وليس كدولة".
واعتبر أن قرار دولة السويد هذا "هو رجوع للصواب"، وأوضح أنه على الرغم من تصريح وزيرة الخارجية السويدية في وقت سابق بأن بلادها لا تنوي الاعتراف بالبوليساريو كدولة، إلا أن الشُكوك ظلت تحوم حول الأمر، إلى أن قطعت الشك باليقين من خلال بلاغها الصادر يوم أمس.
وأضاف المُتحدث أنه وفقا للقانون الدولي، فإن الدولة تصير قائمة حينما تتوفر فيها شروط "الإقليم والشعب والسلطة والحاكم والسيادة"، مُعلقا بالقول إن "جبهة البوليساريو لا تتوفر على هذه المُعطيات".
أما محمد نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية المغربي، ووزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة، فقد عبّر عن ارتياحه بخُصوص هذا الموقف، واصفا السويد بـ"البلد الهام الذي له تأثير على الاتحاد الأوروبي والأمم المُتحدة".
وعبّر بن عبد الله، في تصريح لـ"العربي الجديد"، عن أمله في استمرار المغرب في "دبلوماسيته الهجومية"، مُشيرا إلى أن موقف السويد هذا "يُعزز موقع المغرب الدبلوماسي بالمنطقة".