وتأتي هذه الخطوة بعد مفاوضات وجولات شاقة منذ انتخابات سبتمبر/أيلول الماضي، وتحقيق اليمين القومي الشعبوي، في حزب "ديمقراطيو السويد"، نتيجة جيدة، بأكثر من 17 في المئة من نسبة الاقتراع في هذه الانتخابات، ما أخلّ بالتركيبة البرلمانية السويدية.
وتمكن لوفين، اليوم، وبعد 131 يوماً، من جمع تأييد برلماني، بتجنبه تصويت الأغلبية ضدّه، من خلال التوفيق بين متناقضات يمين الوسط واليسار، لتشكيل حكومته. وصوّت 115 نائباً لصالح لوفين، فيما عارضه 153، لكن امتناع 77 عضواً عن التصويت أنقذه من شرط بعدم تصويت أغلبية أعضاء البرلمان ضده، أي 175 صوتاً.
ويمكن لستيفان لوفين المضي في منصبه والعمل على التوفيق بين المناصب الوزارية في ائتلافه المقبل. وليتمكن من استمرار عدم تصويت الأغلبية ضده، سيحتاج إلى استرضاء سياسي لحزب اليسار، "فينسترا".
فاليسار السويدي يعارض بشدّة وجود يمين الوسط في حكومة يقودها "الاجتماعي الديمقراطي". ويعتبر المراقبون أنّ مهمة لوفين "ستحتاج إلى كثير من التوازن، حتى لا تصوّت الأغلبية ضدّه".
في المقابل، يقف اليمين واليمين المتطرف من "ديمقراطيو السويد" وحزب "الاعتدال" و"المسيحي الديمقراطي"، ضدّ هذه التشكيلة، التي رأى المراقبون أنها بمثابة "نسف للتحالف التقليدي في معسكر الوسط البرجوازي السويدي".
وكانت زعيمة حزب الوسط، آني لوف، قد سهلت كثيراً مهمة لوفين، انطلاقاً من مخاوفها من حصول "ديمقراطيو السويد" الشعبوي على نفوذ سياسي في تشكيل حكومة يمين وسط. وتنازل لوفين في المقابل، بوعد ألا يكون لحزب اليسار نفوذ في سياساته في الحكومة.
ورغم أن الأمور تبدو جيدة لـ"الاجتماعي الديمقراطي"، صباح اليوم الجمعة، إلا أن زعيم اليسار السويدي، يوناس شيوستدت، ذكر في كلمة مقتضبة أمام البرلمان أنه "حين تشكل الحكومة، فسنقوم بسحب الثقة إذا ما قامت بالتلاعب أو المس بقوانين السكن والإيجار، كما وعد لوفين شركاءه من اليمين".
ومرت السويد في الأشهر القليلة الماضية بأكثر فترة عصيبة في تاريخ تشكيل حكوماتها منذ العام 1945، وسرى الكثير من القلق بشأن الاستقرار السياسي الذي تعرف به. ويرى معظم المحللين المحليين والاسكندينافيين أن مرد ذلك كله هو "تقدم الموجة الشعبوية في أوروبا".
فللمرة الأولى في تاريخ السويد السياسي، صوت البرلمان مرتين ضد مرشحين لرئاسة الوزراء، من يسار ويمين الوسط، إلى أن جاءت هذه الجلسة الثالثة، اليوم، لتحفظ، ولو إلى حين، بعض الاستقرار النسبي، رغم توعد زعيم اليمين الشعبوي، اليوم، بأن حزبه، "ديمقراطيو السويد"، لن يتراجع عن سعيه ليصبح أكبر أحزاب البلد.
وكانت السنوات الأخيرة قد شهدت للمرة الأولى تشنجات سياسية في استوكهولم، تشبه الفترة التي سبقت اغتيال رئيس وزرائها الأسبق، أولف بالمه، حيث كررت أحزاب اليسار ويسار الوسط، وخصوصاً ستيفان لوفين، وصف الشعبويين بأنهم "حزب نازي لا يمكن التعاون معه أو منحه مكاناً في مستوى القرار"، وهو أيضاً ما تعهد به يمين الوسط قبل الانتخابات الأخيرة. ويحذّر مراقبون من أنّ التشدّد مع "ديمقراطيي السويد" يمكن أن يجعله "يبدو كضحية، مثلما فعل حزب الشعب الدنماركي، ليكتسح في الانتخابات المقبلة".
في العموم، تنفست السويد الصعداء اليوم، وإن بطريقة غريبة في النظام البرلماني المعتمد والمتوافق عليه بين الأحزاب للمرة الأولى، بتصويت 115 نائباً فقط لتشكيل حكومة، فيما الأغلبية صوتت ضدّها، لتنقذها الورقة البيضاء.