السويد تعتمد المعطّرات لجذب المستهلكين

20 أكتوبر 2014
تسعى الشركات للسيطرة على المستهلكين من حاسة الشم (Getty)
+ الخط -
في المجتمعات الاستهلاكية، لم تعد الشركات المسوّقة لمنتوجاتها تقف عند حدود الدعاية والتفنّن لجذب المستهلك، وحثّه على إخراج ما في جيبه لمصلحتها. باتت أكثر دراية بنفسية المستهلك، بعدما غاصت فيها لتكتشف وسائل جديدة قادرة على استدراجه إليها.

عمليّة إخضاع عقول المستهلكين تتوسّع. بعد السيطرة على العين، بتنا أمام مشهد جديد للسيطرة على حاسة الشم، من خلال اختراعات انتشرت في الولايات المتحدة واليابان، استثمرت فيها الشركات لتحقيق المزيد من الأرباح. هي حاسة الشم التي باتت بمثابة صلة وصل بين المنتج والعقل البشري، من خلال آلات قادرة على السيطرة عليه وتحفيزه لشراء المزيد.

ترى شركات التسويق أن السيطرة على المستهلكين من خلال حاسة الشم، لها ما يدعمها من تجارب وأبحاث. فالإنسان الذي يشم رائحة الخبز الطازج سيشعر بالجوع. ويقول الخبراء في هذا المجال إن "رائحة الفانيلا على سبيل المثال، تعيدنا إلى طفولتنا، بينما رائحة الجلد أو التبغ قد تأخذنا إلى المقاهي والنوادي والمكتبات".
 
تختلف المنتجات والفكرة واحدة
تنتشر ماكينات الشم في بعض مناطق شمال أوروبا. في السويد، هناك سباق مع الوقت لترسيخ قبول المستهلك لها. وبحسب مديرة "ليكستر" المهتمة بهذه التقنية السويدية، مارغريتا أندرشون، فإن "حاسة الشم لدينا تحفّز الأحاسيس، وهي ليست مثل حاستي السمع والبصر اللتين يمكنهما أن تبنيا جدار صدّ. فإذا كنت تريد إيقاظ الأحاسيس والمشاعر لدى الناس، والوصول إلى ذاكرتهم، عليك العمل على حاسة الشم الأكثر فعالية في هذا الاتجاه".

وكان العاملون في مجال تسويق الأغذية قد انتبهوا إلى هذه المسألة منذ وقت طويل، فاستخدموا معطّرات معيّنة تجعل المستهلك يُقدِم على شراء المُنتَج. وفي السويد، تضع محال بيع الملابس والمتاجر والمطاعم، وحتى مواقف السيارات، معطّرات في أنظمة التهوية، هي كفيلة بجذبك إلى دخول المحال والشراء.

وفي محال بيع الأدوات الكهربائية، تشتري التلفاز وأنت تشم رائحة الفشار والقهوة الطازجة. وإن توجهت إلى قسم الغسالات الكهربائية، ستجذبك رائحة الملابس المغسولة حديثاً.
أما في المطاعم، فيستخدمون معطرات تزيل الروائح السيئة والقديمة، فيشم المرء رائحة الفاكهة الطيبة. وإلى المراكز التجارية، وبمجرد أن تركن سيارتك في الموقف، ستشم روائح الغابات الاستوائية التي تشعرك وكأنك في إجازة. وما إن تدخل المركز حتى تشم روائح الورد التي تنقلك إلى عالم جميل، كأنك في حديقة. في المقابل، تركز الفنادق على روائح أشجار الصندل والهيل، التي تُريح الناس، حتى أنها قد تجعلهم يتغاضون عن أمور مزعجة.

ويقول مسؤول التسويق الذي يعتمد المعطرات لجذب المستهلك في السويد، ياروزلاف ماسلينيكوف، إن "المعطرات الجدلية تجذب الناس نحو دور السينما والمكتبات". هذه الخدعة لا تجذبُ المستهلك نحو سلعته فقط، بل تجعله يقضي وقتاً أطول في التسوّق وفي المتاجر، تحت تأثير روائح تشعره بالراحة، فيستغلها البائع لإقناعه بشراء سلع أخرى في المحل، وقد ينجح في أحيان كثيرة.

دراسات
في مدرسة "ستوكهولم" الاقتصادية، أجرى باحثون دراسة حول تأثير رائحة الليمون على البشر، إضافة إلى روائح الغابات الطبيعية في المتاجر الاستهلاكية الكبيرة، فوجدوا زيادة في بيع الشامبو بنكهة الليمون بنسبة 20 في المئة، بعدما اعتقد المستهلكون أن ذلك المنتج جيد. يقول القائمون على الدراسة: "قارنّا بين منتجات أضيفت إليها مؤثرات عطرية، وأخرى من دونها، فوجدنا أن الناس تندفع نحو الأولى".

ويؤكد الباحثون أن "العقل البشري غير قادر على التحكّم بتأثير الروائح، وهم بذلك يستندون إلى دراسة كندية أظهرت أن إضافة معطرات بنكهة الليمون في المتاجر الكبيرة، زاد نسبة المبيع 2.3 في المئة خلال وقت قياسي".

وفي السويد، جرى بيع 1043 طناً من المعطرات عام 2012 لاستخدامها في المتاجر المختلفة. وتقول أندرشون إن "ماكينات الروائح سوف تزداد في السويد وأوروبا أكثر، مع اكتشاف تأثيرها على المستهلكين. تضيف أن هذه الظاهرة "التي احتلت المرتبة الأولى في الولايات المتحدة من حيث التأثير، انتقلت إلى السويد، بالزخم نفسه".