وقالت لـ"العربي الجديد"، إنها نزحت من قرية منية في جبل شحشبو، مع آلاف السوريين الذين تقطعت بهم السبل. "قصف الطيران لم يترك لنا شيئا، والأطفال لا يشبعون هنا، فالطعام لا يسد رمقهم، وننتظر رحمة الله كل يوم. كنا مرتاحين في منازلنا قبل النزوح، والآن نفضل الموت على هذه الحياة، ولا أزال أعيش على أمل العودة إلى قريتي".
وتنتشر على مقربة من الحدود السورية التركية مئات المخيمات العشوائية، التي يقطنها مئات آلاف النازحين والمهجرين والفارين من القصف الذي يشنه النظام السوري وحلفاؤه الروس والإيرانيون على المناطق المأهولة بالمدنيين.
ويكاد النزوح إلى ريفي إدلب وحلب الشماليين لا يتوقف، ففي كل يوم تصل دفعات جديدة، ومعظم النازحين مضطرون للبقاء في مخيمات تفتقر لأدنى مقومات الحياة، منهم من اضطر إلى بيع كل ما يملك ليتمكن من بناء خيمة على أرض تهددها الأمطار والسيول.
وقال أحمد رمضان، النازح من قرية أم نير في ريف إدلب الجنوبي، إنه اضطر إلى دفع مبلغ مالي للحصول على قطعة أرض يبني فوقها خيمة، وأوضح لـ"العربي الجديد": "أعيش في مخيم لا يتلقى أية مساعدات، وتغمره المياه والأوحال ولا تلتفت إليه أي منظمة".
يمضي رمضان يومه في رعاية ما تبقى من أغنامه التي اضطر إلى بيع عدد كبير منها لسد حاجات أسرته: "قريتنا باتت جبهة قتال، ولا يمكن البقاء فيها، فتركنا كل شيء، والآن ندفع ثمن الأرض التي نعيش عليها، وندعو المنظمات إلى النظر إلى حالنا ومساعدتنا".
ولا توجد أرقام دقيقة لأعداد النازحين الذين وصلوا إلى المخيمات خلال الشهور الماضية، لكن عددهم تجاوز المليون شخص، وكلهم بحاجة إلى مساعدات ضرورية، ويزيد فصل الشتاء من معاناتهم، فضلا عن عدم وجود مراكز مهيأة لاستقبالهم.
وقال هجيج الجاسم لـ"العربي الجديد"، إنه نزح من قرية "أم نير" منذ شهر رمضان الماضي، إلى مخيم الساروت، وإنه اضطر لرعي الأغنام، وعادة ما يبيع أغنامه من أجل تأمين مصروفات عائلته.
وأضاف أن "فرص العمل غير متوفرة، والأوحال تملأ المخيم، ولا يتوفر التعليم، ولا الخدمات الصحية، وأقرب مركز طبي في مدينة سرمدا، ولا يوجد أمل في العودة إلى قريتي في ظل استمرار قصف النظام".
وتواصل قوات النظام السوري عمليات القصف والتهجير مدعومة بالقوات الروسية والمليشيات الإيرانية، رغم توقيع اتفاقات وقف إطلاق النار وتحديد مناطق خفض التصعيد في إطار محادثات أستانة.