السوريون في مصر.. قوة عمل وإنتاج واستثمار
يوسف الحريري
كاتب ومترجم وصحفي مصري، يدرس في قسم الدراما والنقد المسرحي في جامعة عين شمس
مع موجة الربيع العربي، ساهمت الاضطرابات السياسية في دول عدة بحدوث تغيّر في توزيع السكان على مدى الأعوام السبعة الماضية، إن كان بهجرة ملايين السوريين إلى دول مجاورة أو دول أوروبا والولايات المتحدة وكندا، أو عودة العمال المغتربين في ليبيا إلى بلادهم بعد سقوط نظام معمر القذافي، أو عودة العاملين في السعودية بعد موجة السعودة. وظلت الهجرة السورية خصوصا موضوع جدل كبير بشأن مآلاتها، ومدى تأثيرها على المجتمعات المستضيفة، إن كانت مجتمعات مجاورة تشترك في سمات اجتماعية ولغة مشتركة، أو مجتمعات غربية تختلف تماما، بداية من النظامين، السياسي والاقتصادي، مروراً بالنظام الاجتماعي، وحتى منظومة العادات والتقاليد. ولذلك، بدأ الباحثون اليمينيون واليساريون في أوروبا بدراسة ظاهرة الهجرة السورية، للخروج منها باستنتاجاتٍ واضحةٍ، تدعم حجتي كليهما في المناظرة القائمة بينهما، وتساعد الحكومات في الوصول إلى أفضل استراتيجية دمج، تساهم في الاستفادة من اللاجئين والمهاجرين السوريين أقصى استفادة، والتعامل معهم أمرا واقعا غير قابل للرفض. وتضيء هذه المطالعة على أوضاع كتلةٍ من المهاجرين السوريين في مصر، تقدر بنصف مليون مهاجر ولاجئ، من طبقات مختلفة، وعلى العوائق أمام دمج المهاجر السوري.
جاليات شامية
وكانت موجة هجرة للجاليات الشامية نحو مصر قد حدثت بين القرنين التاسع عشر والعشرين، ولم تخرج هذه الجاليات إلا بعد نحو القرن ونصف القرن، مع جلاء الاستعمار وإحلال النظام الجمهوري. وكانت تلك الموجة (هجرة الشوام اللبنانيين والسوريين بمختلف الطوائف والطبقات) من أبرز حركات الهجرة في ذلك العصر، لارتباطها بدولةٍ مثلت ثقلا استراتيجيا محوريا، ومحل صراع بين القوى السياسية العالمية. ولعب الشوام مع قدومهم دورا كبيرا في المجتمع المصري، واستطاعوا الوصول إلى مراكز نفوذ مؤثرة على القرار السياسي للدولة، وجمع ثروات طائلة، وتضاعفت أعدادهم لتصل إلى مائة ألف مهاجر، اختلطوا مع المصريين، والجاليات الأجنبية الأخرى في نسيج واحد. ولذلك الظهور والوجود أسباب عديدة:
الاقتصاد
استطاع المهاجرون النفاذ إلى صلب البنية الاقتصادية، لعوامل متعددة، منها إجادتهم أكثر من لغة أجنبية إلى جانب العربية، وإخلاصهم في العمل، وتكيفهم مع الظروف المحيطة وذكاؤهم العملي، ما جعلهم خيارا مثاليا للشركات الأجنبية التي تضع الاقتصاد المصري قوة عاملة وهياكل إدارية. ومن خلال ذلك التغلل، وبمساعدة رؤوس أموال البرجوازيين الشوام، استطاع الشوام الدخول إلى الاقتصاد المصري برؤوس أموالهم ومشاريعهم الخاصة، مسانَدين بسياسة المستعمر التي فتحت حرية الاستثمار والتجارة للجميع، في إطار سياسةٍ واحدةٍ تهدف إلى إنعاش اقتصاد المستعمرات وتنشيطه لمواجهة المنافسين العالميين اقتصاديا. وبهذه السياسة، استطاع المهاجرون الشوام الاستثمار في أي مجال. ولذلك، شاركوا في معظم المجالات الاقتصادية والتجارية المتاحة، ولم يكتفوا بذلك، بل ساهموا أيضا في تحديث وعصرنة المجالات الصناعية والتجارية التي لم تكن موجودة. مثلا، أسست أول شركة في مجال البورصة على يد رجال أعمال شوام؛ "مؤسسة القطن والحبوب بالإسكندرية" عام 1861، والتي انفصل شركاؤها ليؤسسوا مكاتب ساهمت في تطور مجال البورصة، أبرزها مكتب بورصة القطن في شارع كوك، المعروف اليوم بشارع فؤاد الأول.
وكان تمركز الشوام جغرافيا مرتبطا بنشاطهم التجاري والاقتصادي، ودالا على حرية كاملة استمتعوا بها، وعلاقتهم برموز الدولة والمعارضة، فإلى جانب القاهرة التي لعبوا فيها دور الوسيط بين البلاط الملكي وحليفه المستعمر، تركّزوا أيضا في الإسكندرية ودمياط والسويس والخرطوم. وتأثر هذا التوزيع بافتتاح قناة السويس عام 1896، حيث هاجر عديدون من كبار عائلات الشوام من ثغرة دمياط إلى بورسعيد، عاملين على الاستثمار في تلك المنطقة الحيوية. وما جعل الشوام لا يمثلون عبئا على الدولة هو تحرّكهم كتلةً واحدة، فكما تفيد سجلات الإرساليات والجمعيات الخاصة بطوائف الشوام جميعها، كان أقل الشوام فقراء، وتبنّت هؤلاء العائلات الكبرى لكل طائفةٍ في سبيل ارتقاء الجالية ككل، ووضع إطار انتشاري تنظيمي لهم، حسب مستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية.
ويمكن تقسيم فترات نشاط المهاجرين الشوام إلى ثلاثة أجيال: الأول، جيل ركّز وجوده على الاستثمار والتجارة وبناء علاقات مع السلطة من جهة، وكسب أرضيةٍ مع الشعب من جهة أخرى، لترتيب الأوضاع والعمل على إثبات الذات. والجيلان الثاني والثالث، وفر لهما الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي فرصا للتفكير بطموحاتٍ أخرى؛ فشاركوا في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية، إذ ابتكروا فرقا مسرحية، جالت جميع أنحاء البلاد، وعملوا في الصحافة والترجمة والنقد والأدب والتدريس في الكليات والمعاهد العلمية المختلفة في العلوم والطب والهندسة والآداب، كما شاركوا في الأحزاب السياسية. وساهمت مدارس الإرساليات التي أنشأوها في تخريج نخبة من المفكرين المصريين والشوام الذين نشروا مفاهيم حداثية مهمة، كالعلمانية وتحرير المرأة والمناداة بالاستقلال ومبدأ العروبة الذي طالب بكيان يجمع الدول العربية كلها في ثوب واحد. ونجحت عملية اندماجهم في المجتمع بشكل كبير، ولقوا
ولكن تلك التجربة أخذت ضربتها القاصمة، بعد انقلاب تنظيم الضباط الأحرار على البلاط الملكي عام 1952، حيث توقف نشاط الشوام عند هذا الحد، وبدأت الدول في المضي في سياسات التأميم التي طاولت معظم رؤوس الأموال الشامية في المجالات المختلفة، وأغلقت المنابر الصحافية المستقلة، وتم تغيير إدارتها لتصبح تحت إمرة الدولة. وهذا ما أدى إلى خروج كبار رجال الأعمال الشوام وعائلاتهم، وهجرة معظم الجالية الشامية في مصر والجاليات الأجنبية الأخرى إلى أوروبا والولايات المتحدة وكندا.
أعداد واستثمارات
وبعد قيام الجمهورية، ومع عقود، وتوالي الأنظمة السياسية المختلفة، لم تشهد مصر أي موجات هجرةٍ، يمكن مقارنتها بحركة جاليات الشوام البارزة في عصر الكولونيالية، وظل الوضع مقتصرا على جالياتٍ لا يتعدّى عدد أفرادها الآلاف، لا يمثلون نسبة كبيرة، وأغلبهم أتى وهو يدرك أنه سيعمل ضمن المنظومة الخاصة بطبيعة الاقتصاد الخاص بالدولة، لكن ذلك تغير مع حركة المهاجرين واللاجئين السوريين، والتي قدمت إلى مصر تحت الضرورة القصوى. وبحسب مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية، فإن عدد السوريين المقيمين في مصر خمسمائة ألف، منهم 120 ألفاً مقيدون في جداول المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وهو عدد تجزم مراكز بحثية مستقلة أنه أقل من العدد الفعلي المقدر بـ 750 ألف سوري لاجئ ومهاجر، أي أننا أمام موجة هجرة جماعية، يمكن اعتبارها طاقة بشرية مؤثرة على المستويين، الاجتماعي والاقتصادي، تستحق الاهتمام من الدولة المصرية. ولذلك، من المهم رصد توجه الدولة الرسمي نحوهم.
على الجانب الرسمي، طالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتعجيل مبادرة توفير الدعم الكامل للسوريين بحقوق المساواة في التعليم والصحة. وبموجبه انتظم 40 ألف طالب في المدارس الحكومية المصرية، وتم تقييد 20 ألف سوري قيدوا في نظام التأمين الصحي.
وعلى جانب رسمي آخر، شددت وزارة الخارجية المصرية على ضرورة التزام الدول الداعمة للاجئين السوريين بتعهداتها، كما نصت اتفاقية لندن عام 2016 في هذا الشأن، كصندوق التنمية في دولة الكويت، في لهجةٍ تؤكد عدم قدرة مصر على تحمل أعباء اللجوء السوري.
ولم تجد فكرة مناقشة أي انتقاد يطرح في قضية تعامل الدولة مع السوريين من الخارجية المصرية إلا ردا واحدا، أن على الدول المنتقدة أوضاع المهاجرين واللاجئين السوريين أن تتحمل هي عبئهم، كما قال المتحدث باسم وزير الخارجية، بدر عبدالعاطي. ويمكن وضع هذا التصريح مع اختلاق السيسي، في خطابه أمام الأمم المتحدة في 2017، عددا بلغ عشرة أضعاف العدد الحقيقي للسوريين اللاجئين والمهاجرين في مصر (خمسة ملايين)، لتكمل مشهد تذمر الدولة من وجود السوريين الذي لا تتوانى عن إظهاره حتى في المحافل الدولية.
وعلى مستوى الاستثمار، لا تلتفت الدولة المصرية، حتى لمبادرات كبار رجال المستثمرين ورجال الأعمال السوريين، مثل مبادرة إقامة مدينة صناعية في مدينة العاشر من رمضان، والتي عرض من خلالها رئيس مجلس تجمع رجال الأعمال السوريين، المهندس خلدون الموقع، تدفق رأس مال أضعاف رأس المال الحالي، والموجود في دول محيطة. وكان هذا التدفق سيأتي لثقة رجال الأعمال السوريين بأن مصر هي أكبر سوق في الوطن العربي، لكنه اشتكى من تجاهل الدولة ذلك المشروع، كما تتجاهل كل المبادرات الخاصة بهم.
وبشأن الاستثمار في ملف دمج السوريين، فطبقا لتقرير الأمم المتحدة، فإن المستثمر السوري هو المستثمر الأول في مصر منذ 2013 كفاعلية ورأس مال، مستهدفا مجالات المنسوجات، التكنولوجيا، الصناعة، التجارة، المهن الحرة، الاستثمار العقاري والورش، بواقع 800 مليون دولار. وقد بلغ معدل الاستثمار السوري، في ذلك العام، ذروته بالمساهمة في رأس مال 1254 شركة بواقع رأس مال بلغ 201.95 مليون دولار، لكنه انخفض مع التغير السياسي الذي شهدته البلاد في عامي 2014 و2015 بواقع 394 شركة بـ110.28 ملايين دولار، و427 شركة بـ 207.25 ملايين دولار.
وقد ركز المستثمرون السوريون على مجال الملابس بقوة، متجاوزين المشكلات المصرية في التصنيع بنجاح، معتمدين على خبرتهم في التسويق والإنتاج لتوفير منتج بسعر مناسب للسوق المصري، مقيمين معارض نافست المنتج التركي الذي يحتل مكانةً قوية في السوق المصرية. وهذا الاستثمار، على الرغم من نسبته الضئيلة للغاية (3%)، إلا أن له فائدة محورية، المساهمة في تشغيل قطاع كبير من القوى العاملة المعطلة، فهو يستهدف الصناعات المهمة، والتي تتطلب جهدا كبيرا وقوة عمل، عكس الصناعات الأخرى، كالتنقيب عن الغاز والذي يعتمد على الآلات. ولذلك، لهذا الاستثمار دور قوي في تدعيم الاقتصاد المصري وحل مشكلات اجتماعية واقتصادية.
هذا بالنسبة لتدفق رؤوس الأموال الكبيرة، من دون الإتيان على المشاريع المتوسطة والصغيرة التي تعمل في المجالات المختلفة، الحرفية منها والخدمية، وتساهم في تنشيط السوق المصري العشوائي. وارتكاز السوريين الصناعي الأبرز في مدينة العاشر من أكتوبر، حيث استطاعوا استغلال أزمة المصانع المغلقة، بعد الموجات الاحتجاجية في "25 يناير"، وعملوا على تشغيلها مرة أخرى، بطاقة عمل هدفت إلى إعادة آلاف العمال السابقين، وهذا الاستغلال هو ما أدى لقبول ذلك التدفق، لحل مشكلاتٍ نشأت من تغير النظام السياسي الذي دام ثلاثين عاما.
ولكن ذلك التدفق الاستثماري يتم التعامل معه حتى الآن مسكّنا مؤقتا للأزمة، ولا يتم وضعه ضمن خطط تنمية اقتصادية. وهذا ما يظهر جليا في تجاهل مبادرات رجال الأعمال السوريين، وأيضا في السياسة الاحتكارية التي تشجعها الدولة، ولكن في إطار كيانات وتكتلات رجال أعمالٍ يرتبطون في علاقاتٍ مغلقةٍ مع رموز من مؤسسات الدولة، يسهل السيطرة عليها. ويمكن الاستدلال على هذه السياسة الاحتكارية في نماذج كثيرة؛ مثل شركة we التي ظهرت أخيرا كيانا ضمن الشركة المصرية للاتصالات، بدعم كامل وميزات لم توفر للشركات الأخرى، ما أدى إلى تغيرات كبيرة في سياسات الشركات المستقلة، نتيجة سياسة المنافسة غير العادلة التي أثرت على مستوى الخدمة وتكلفتها، ما أدّى إلى خسائر كبيرة. وهناك أيضا حركة بيع قنوات فضائية عديدة إلى مجموعة شركات تحت إدارة سياسة واحدة، ما أدى إلى تغير خريطة القنوات الفضائية المصرية الخاصة تماما، لتناسب سياسة المستثمر الواحد الجديدة. وتم الإعلان عن الاتجاه إلى خصخصة شركات عديدة للغزل والنسيج والصناعات الأخرى المهمة، والتي ستذهب غالبا إلى مستثمرين من ذلك النوع.
ويضاف ما سبق إلى التخبطات الإدارية التي لم تخرج منها الدولة منذ سقوط نظام حسني مبارك، والقواعد والقوانين البيروقراطية التي تعطل سير المستثمر في المشروعات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة الخارجة عن عباءة دعم الدولة.
التكوين الاجتماعي
بنظرة عامة إلى التركيب الطبقي للسوريين في مصر، نجد تنوعا وتفاوتا كبيرا بين الطبقات، يجعل من الصعب وضعهم في تصنيف واحد، كما أن ميولهم السياسية تضعهم في انشقاقٍ يصعب فيه وجود آلية أو سياسة تكاتف أو تحرّك ككتلة واحدة، فهنالك المتركزون في مناطق يسهل عليهم فيها إقامة مجتمع خاص، منغلق على نفسه، مثل الحي السوري في محافظة السادس من أكتوبر، بينما تفضل الطبقات المترفة، والتي ينتمي أغلبها إلى النظام السوري، الأماكن ذات الخدمات الفارهة، كالرحاب ومدينتي، وينفصلون فيها عن جميع الطبقات، ويعيشون في شبه مجتمع مغلق آخر.
وتنتشر مجموعات كثيرة أيضا في الجيزة والإسكندرية وباقي محافظات الدلتا. وبحسب مصادر صاحفية عديدة، لجأت عائلات سورية عديدة إلى الصعيد، للعمل تحت حماية العائلات الكبرى هنالك. ويضع هذا الأمر قضية المهاجرين في موقف ضعف، فالفئات غير القادرة على توفير القدر الأدنى لحياة كريمة لعائلاتها تحاول الجمعيات الخيرية المصرية والمؤسسات الدولية استيعابها، لكن جهودها لا تكفي، ونظام الدولة لا يتحمّل أعباءً تنظيميةً أخرى، فهو يواجه مشكلاتٍ عديدة داخلية في تبني فئاته الداخلية. ولا يقع المهاجر السوري ضمن أولويات الحكومة، في ظل التخبط الإداري والتنظيمي الحالي، وحالة التدهور الاقتصادي.
هذا ما يتعلق بموقف الدولة المصرية مع المستثمرين السوريين، أو حتى انقسام الكتلة الطبقية السورية، لكن العامل الأبرز يظل قابلية المجتمع على تقبل السوريين واحتوائهم، وتشجيع الدولة ذلك القبول، وهي النقطة التي تهملها الدولة تماما. وقبل التطرّق إلى ممارساتٍ ضد السوريين أو الشواهد على عدم قدرتهم على الاندماج مع المجتمع، من المهم عدم إغفال أن المواطن المصري تعرّض، منذ ثورة 25 يناير في عام 2011، لتغيراتٍ أدت إلى حدوث حالة استقطاب بشأن قضايا عدّة. وتضاف هذه التطورات إلى وضع المواطن الاجتماعي والاقتصادي الذي تعرّض لهزة كبيرة، مع انحدار مستوى المعيشة وغلاء الأسعار وعدم توفر فرص العمل. وقد جعلت كل تلك التغيرات الغريب فرصةً للاستغلال، أو بث الغضب والكراهية والرفض، وجعلت من الصعب قبول أي وافدٍ جديدٍ، باعتباره يمثل بالنسبة لهم منافسا وعبئا. ومثّل
ويجعل هذا الرفض نشاط المهاجر السوري يقتصر على العمل تحت إدارة مصرية أو مستقلة فقط للحصول على لقمة العيش، من دون الطموح إلى ما يتعدّى ذلك، كما تجعل النشاط الثقافي السوري يقتصر على النشاطات السورية التقليدية، للتعريف بالثقافة السورية، وحفظ التراث السوري في أذهان الأبناء، أو مبادراتٍ تهدف إلى الدفاع عن السوري، وتقديمه بشكل أفضل أمام المواطن المصري. مع ميل عام إلى البحث عن هجرة إلى أوروبا أو الولايات المتحدة أو كندا إن أمكن، أو السفر إلى دول أخرى محيطة أفضل حالا، كدول الخليج. ولكن، عموما، تبقى الأوضاع حتى الآن على الحال نفسه، من دون تغير أو تدخل ملموس، منذرةً بضياع فرصة ذهبية لاستغلال ثروة بشرية وتنظيمية هائلة، يمكن توجيهها في إحياء المنافسة الاقتصادية الحالية، ودعم المجتمع بعنصر مختلف نشط، يطور المجالات الثقافية والفكرية، وغياب مصر، دولة وأفرادا، عن واجبها الذي تفرضه القيم الإنسانية تجاه قضية المهاجر.
يوسف الحريري
كاتب ومترجم وصحفي مصري، يدرس في قسم الدراما والنقد المسرحي في جامعة عين شمس
يوسف الحريري