السودان: مصادرة جماعيّة للصحف وتنكيس للأقلام

17 فبراير 2015
مصادرة الصحف تهدّد حرية الإعلام المهزوزة اصلاً (فرانس برس)
+ الخط -
يشهد العمل الصحافي في الخرطوم هجمة شرسة من قبل الأجهزة الأمنية التي تضع خطوطا حمراء فيما يتصل بقضايا النشر. وتفاقمت حدة الأمر أخيراً، مع تناول الصحف قضايا الفساد في الدولة بشكل لافت.

ويعمل الصحافيون السودانيون في أجواء تنعدم فيها الحريات بشكل ملحوظ، الأمر الذي أثر سلبًا في المنتوج الصحافي، وقاد بدوره إلى تراجع عملية التوزيع، لا سيما أن معظم القراء هجروها تمامًا، لغياب المعلومة الكاملة فيها. واتجه معظم القراء إلى المواقع الإلكترونية التي لا تفرض السلطات الأمنية رقابة عليها، للحصول على الخبر. 

أمس الإثنين، صادرت السلطات السودانية نسخ 13 صحيفة هي "التيار"، و"الرأي العام"، و"الانتباهة"، و"آخر لحظة"، و"الأهرام اليوم"، و"أول النهار"، و"الوطن"، و"السوداني"، و"ألوان"، و"الصيحة"، و"المجهر السياسي"، و"الدار"، و"حكايات"، وذلك بحسب مركز "صحافيون لحقوق الإنسان".

وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، تداعى عشرات الصحافيين لتنفيذ وقفة اجتجاجية أمام مجلس الصحافة والمطبوعات، ورفعوا لافتات كتب عليها "لا لتقييد الحريات"، "صحافة حرة أو لا صحافة" وأخرى فارغة نُكست فيها الأقلام، في إشارة إلى الانتهاكات بحق الصحافة.

ودانت "شبكة الصحافيين"، وهي كيان مواز لاتحاد الصحافيين، مصادرة تلك الصحف، واعتبرتها استمراراً لـ"الهجمة البربرية المنظمة على الصحف والحريات الصحافية"، وأكدت أن في تلك الخطوة "تضييقا بشكل يومي لهامش الحريات الضيق الموجود"، معتبرةً أنً ما حصل فضيحة حقيقية ولا يوجد ما يبررها.

ودافع وزير الإعلام السوداني عن عملية المصادرة، رافضا تسميتها بالمجزرة، وقال في تصريحات اليوم إن المصادرة أمر قانوني، وإن من حق الأمن التدخل إذا ما أثارت الصحف الفتن والبلبلة والأمن القومي. وشدد على أن تلك السلطات ستكون بيد الأمن إلى أن يتم تعديل قانونه.

وأعربت منظمة "مراسلون بلا حدود" عن قلقها لمصادرة الصحف. وقالت رئيسة مكتب المنظمة في أفريقيا، كليا كاهن-سريبر: "الخرطوم تستخدم مصادرة نسخ الصحف في الغالب، ليس فقط لفرض الرقابة على الإعلام، ولكن كذلك لإضعافه اقتصاديًا".

وقال مدير تحرير صحيفة "الجريدة" أشرف عبدالعزيز، في حديث لـ"العربي الجديد" إن السلطات الأمنية درجت على مصادرة الصحف من دون إبداء أسباب واضحة، وتَكرَّر ذلك أكثر من مرة، وشملت المصادرة معظم الصحف، بما فيها الصحف المحسوبة على النظام في الخرطوم.

وأشار عبدالعزيز إلى أنّ الجهاز في المصادرة يستند إلى قانون يُجيز له ذلك، وأكد أن المصادرة الجماعية التي تمت، الإثنين، هي لاشتراك تلك الصحف في نشر خبر واحد، ورجّح أن يكون خبر اختفاء الصحافي في صحيفة "الدار الاجتماعية"، سراج النعيم، الذي عثرت عليه الشرطة أخيرًا، وقيل إن اختفاءه جاء "نتيجةً لحالة اللاوعي التي أصابته"، هو ما شكّل قلقاً لدى السلطات لتناوله.

وأضاف: "لكن حتى المصادرة هذه المرة كانت بشكل مختلف، إذ كان بعضها عقابيًا بأن صودرت صحف بعد طباعتها، الأمر الذي يشكل أعباء مالية على الصحيفة، بينما أُبلغت بمنع النشر قبل الطباعة".

يُذكر أنّ "مراسلون بلا حدود" في تصنيفها العالمي لحريات الصحافة، تضع السودان في المرتبة الـ172 بين 180 دولة.
المساهمون