تضاربت المعلومات، اليوم الأحد، حول إمكانية عقد جلسة مسائية للتفاوض بين "المجلس العسكري الانتقالي" وقوى "إعلان الحرية والتغيير" في السودان، ففي وقت أكدت فيه مصادر "الحرية والتغيير" لـ"العربي الجديد" تأجيل الجلسة، للسماح لكتلها ولأحزاب بدراسة مسودتي الإعلان السياسي والوثيقة الدستورية، دعا مجلس الإعلام الخارجي مراسلي الفضائيات والصحف ووكالات الأنباء لتغطية الجلسة المقررة بواسطة الوساطة الأفريقية الإثيوبية.
ويثير هذا التضارب قلقاً في الأوساط السياسية بالبلاد، ولا سيما مع ارتفاع نسبة الاحتقان الأمني الذي ظهر، اليوم الأحد، في مدينة السوكي (جنوب شرق)، بعد مقتل شاب على يد قوات الدعم السريع، بحسب لجنة الأطباء المركزية الموالية لتحالف "الحرية والتغيير".
ورأى رئيس كتلة "التغيير" في البرلمان السابق أبو القاسم برطم، والذي ترددت تكهنات بأنه قد يكون مرشحاً ليكون العضو رقم 11 في مجلس السيادة، أنّ عملية التفاوض الجارية بين المجلس العسكري وقوى "إعلان الحرية والتغيير"، "ستصل بسبب نهجها الحالي إلى طريق مسدود".
وأضاف برطم، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "الخلافات واضحة تماماً بين الطرفين، وأولها بشأن تأليف مجلس الوزراء الذي يؤكد المجلس العسكري تشكيله من كفاءات وشخصيات مستقلة، بينما يريد تحالف الحرية والتغيير تأليفه، وبمحاصصات حزبية".
وأشار إلى أنّ "نقطة الخلاف الثانية، والتي ستقوض التفاوض، تتعلق بصلاحيات مجلس السيادة التي تريدها قوى إعلان الحرية والتغيير صلاحيات تشريفية رمزية، بينما يحاول المجلس العسكري أن تكون كاملة".
ورأى برطم أنّ المجلس العسكري و"إعلان الحرية والتغيير"، "استنفدا ما لديهما من أسلحة، ولم يعد أمامهما سوى القبول بصيغة توافقية، إذا كانا حريصين على البلاد وعلى بناء دولة جديدة".
ويأتي بحث مسودتي الإعلان السياسي والوثيقة الدستورية، تنفيذاً لاتفاق المجلس العسكري، وقوى "إعلان الحرية والتغيير"، بوساطة إثيوبية وأفريقية، في 5 يوليو/ تموز الحالي، على تشكيل مجلس للسيادة من خمسة عسكريين وخمسة مدنيين، وعضو حادي عشر يتم التوافق حوله، لتولي إدارة المرحلة الانتقالية لأكثر من ثلاث سنوات.
كذلك نصّ الاتفاق على تشكيل حكومة كفاءات مستقلة، فضلاً عن تشكيل لجنة تحقيق وطنية مستقلة للتحقيق بشأن أحداث العنف التي حدثت ما بعد سقوط الرئيس المعزول عمر البشير في 11 إبريل/ نيسان الماضي.
من جهته، قال المحلل السياسي الجميل الفاضل، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "الثورة المضادة نجحت في اختراق العسكر وإثارة مخاوفهم، ما دفعهم للمطالبة بالحصانات والتمسك بالصلاحيات الواسعة"، منبهاً إلى أنه "كلما تدخلت الوساطة لضخ الثقة لدى أي طرف، فإنّ ذلك يثير مخاوف الطرف الآخر".
وأشار الفاضل إلى "وجود أزمة أخرى تواجهها عملية التفاوض، تتمثل في محاولات أحزاب سياسية التأثير الكبير عبر الشارع بالمزايدة ورفع سقف التفاوض"، على غرار ما فعل الحزب الشيوعي السوداني الذي قال إنّه "يعمل على دغدغة العواطف بحثاً عن معادلة جديدة".
ومن وجهة نظره، فإنّ "تلك الأفعال تعرقل مبدأ المرونة والموضوعية، ما يتعذر معه تأخر الوصول لتسوية سياسية معقولة ومقبولة لكل الأطراف".
وراهن الفاضل على الضغط الدولي على كل الأطراف بصورة قد يكون لها أثرها الإيجابي خلال اليومين المقبلين، مستبعداً لجوء "العسكري" لخيار الاتفاق جزئياً مع أي من مكونات "الحرية والتغيير".
توتر في مدينة السوكي
إلى ذلك، شهد عدد من المدن السودانية تظاهرات احتجاجية بعد أحداث مدينة السوكي، التي تشهد توتراً كبيراً، منذ صباح اليوم الأحد.
واتهمت "لجنة الأطباء المركزية" قوات "الدعم السريع" باستخدام مفرط للقوة تجاه المواطنين هناك، ما نتج عنه وقوع سبع إصابات، بعضها خطرة.
كما أكدت اللجنة مقتل أنور حسن إدريس في المدينة الواقعة بولاية سنار جنوبي البلاد، بعد إصابته برصاصة في الرأس من قبل مليشيات الجنجويد.
وحذر "تجمع المهنيين السودانيين"، في تغريدة له عبر "تويتر"، اليوم الأحد، من أنّ "مدينة السوكي بولاية سنار تواجه أحداثاً دامية وربما تتحول لمجزرة حقيقية".
Twitter Post
|
وأضاف "نحن في تجمع المهنيين السودانيين نتابع الأحداث هناك عبر عضويتنا وعبر مصادرنا وندعو كل من يتحصل على وثائق أو أدلة أو فيديوهات أو أي معلومات محدَّثة أن يمدنا بها".
وكان مئات الآلاف من السودانيين قد خرجوا، أمس السبت، إلى الشوارع في مواكب "العدالة أولاً" بالعاصمة الخرطوم وعدد من المدن السودانية لمطالبة المجلس العسكري بتسليم السلطة لحكومة مدنية.
وأعدّت قوى "إعلان الحرية والتغيير" جدولها الأسبوعي المعتاد للحراك الثوري، إضافة لدعوة المحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان لمواصلة الرصد المنظم للانتهاكات وفتح البلاغات الجنائية، كما حددت يوم غد الاثنين يوماً لمشاركة الطرق الصوفية فى ذكرى الشهداء، مع تظاهرات ليلية للمطالبة بالعدالة أولاً، على أن يخصص يوم الخميس لمواكب مليونية.