السودان... تحذير من انفلات الأسواق وتدهور الوضع المعيشي

13 مايو 2019
المواطن السوداني لم يشعر بوجود تحسن(فرانس برس)
+ الخط -
تزايدت المخاوف في الأوساط الاقتصادية من انفلات الأسواق والوضع المعيشي في السودان، وسط تحذيرات من أن الأمور تمضي إلى الأسوأ في ظل تفاقم الأزمات السياسية، التي ألقت بظلالها على الأوضاع الاقتصادية.
وطالب اقتصاديون المجلس العسكري بضرورة الالتفات إلى الأوضاع المعيشية المتدهورة، والوصول إلى معالجات لها. ويبدو أن طمأنات المجلس العسكري لم تفلح في إطفاء قلق الشارع، من أزمات الوقود والمياه والكهرباء والخبز والسيولة، بالإضافة إلى تعطل عجلة الإنتاج والتصنيع.

وقال الخبير الاقتصادي بابكر التوم لـ"العربي الجديد"، إنه رغم وجود لجنة اقتصادية ضمن طاقم المجلس العسكري الانتقالي، إلا أنها تخلو من البرامج الإصلاحية أو حتى وصفات واقعية للحدّ من الأزمات المعيشية. وأضاف التوم أن الوضع يمضي من سيئ إلى أسوأ، في ظل استمرار الانقسامات السياسية.
وذكر أن المجلس العسكري قد يمتلك خططاً ولكنها لا تطبق بصورة كافية، ومن ثم لن تكون النتائج مرضية.

وقال إن الاهتمام بالمعيشة مجرد استهلاك سياسي، كما لم يشر المجلس الحالي مجرد إشارة إلى الموارد المتاحة وكيفية الاستفادة منها، مثل الذهب والزراعة والمعادن الأخرى وكيفية زيادة الصادرات، مضيفاً أن كل ذلك تم اختزاله في الصراعات السياسية، التي ربما تفضي إلى مزيد من التعقيدات الاقتصادية والمعيشية.
ومن جانبه، يقول الاقتصادي محمد الناير لـ"العربي الجديد"، إنه رغم مرور أربعة أشهر منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية، إلا أن المواطن لم يشعر بوجود تحسن، مطالباً بضرورة التوافق لتشكيل حكومة مدنية تقوم بدورها. ويشير الناير إلى انفلات في السوق وفوضى في الأسعار، وتكرار نفس الأزمات السابقة.

وتشهد أجزاء واسعة من ولايات السودان هذه الأيام أزمات في مياه الشرب والريّ والكهرباء وغيرها. وأدى تفاقم أزمة المياه بأحياء العاصمة الخرطوم للإطاحة بمدير هيئة المياه النهيزي الرفاعي من منصبه، وتكليف مالك عمر خلفاً له. ووجه والي الخرطوم الفريق مرتضى وراق، بتوفير المياه والكهرباء بالولاية وانسيابهما، وخاصة في فصل الصيف وشهر رمضان الحالي. وطالب بالوقوف على الموقف الحالي للإشكاليات التي تواجه المياه والكهرباء، وحلّها فوراً، كما وجه بتفعيل دورالغرفة الخاصة بحل أزمة المياه والكهرباء، لأنها أصبحت الآن تمثل هماً وهاجساً للمواطن.

وبرر المدير المقال نهيزي الرفاعي شحّ المياه في بعض مناطق الولاية بتذبذب الإمداد الكهربائي، نافياً وجود مشكلة في الإمداد المائي المنساب من المحطات النيلية.
وحسب تقارير حكومية، أثّرت الانقطاعات المستمرة في الكهرباء على انسياب الإمداد المائي، وقد اضطر ذلك الوضع عمال معالجة بلاغات الكهرباء بالخرطوم للإضراب عن العمل أمس الأحد، وإغلاق شارع جامعة الخرطوم بعربات معالجة البلاغات، مطالبين بالحماية من الاعتداءات المتكررة التي يتعرضون لها من بعض المواطنين الغاضبين من أعطال الكهرباء، وانعكاسها السلبي على انسياب الإمداد المائي.

وانسحبت أزمة مياه الشرب على مدينة كوستي، كبرى محليات ولاية النيل الأبيض التي قاربت شهرها الثاني بلا حلول رسمية تذكر للمشكلة، ما اضطر المواطنين للخروج، أمس الأحد، في احتجاجات سلمية إلى مقر هيئة المياه بالولاية، تنديداً بالانقطاعات المتكررة في الإمداد المائي وارتفاع سعر المياه في المناطق النائية بالولاية.
ومن جانبه، أكد الخبير الاقتصادي التجاني الطيب أهمية القرار السياسي والاقتصادي معاً في معالجة الأزمات الراهنة.

وقال التجاني: لا بد من إرادة سياسية لها مقدرة على تطبيق إصلاحات، موضحاً أن من الأخطاء التي ما زال الاقتصاد يعاني منها، هو عدم وجود إرادة لمعالجة تشوهات الاقتصاد الحالي؛ فمثلاً هناك رسوم تفرض على الإنتاج وما زالت الجبايات تعطل دولاب العمل الاقتصادي. وأضاف: إذا لم تمتلك سياسات قطاعية ومالية، وهي أهم من سعر الصرف الذي يعتبر انعكاساً للمشكلة الأساسية، فلن تضع الحل في مساره الصحيح.
وتساءل: لماذ يقبل المجلس العسكري أن تظل أزمة السيولة مستمرة منذ توليه السلطة الفترة الماضية؟

وأكد التجاني أن "الإصلاح ليس صعباً، إذ إن هناك تشخيصاً للمشكلة قدمته جهات كثيرة ووضعت الحلول لها، ولكن كل ذلك لم يحدث رغم أن هذه الأزمات هي التي قادت البلاد نحو التغيير.
وقال القيادي بالمجلس العسكري الانتقالي الحاكم في السودان اللواء إبراهيم جابر، أول من أمس، إن المجلس سلم إمدادات من الوقود إلى محطات الكهرباء ويعمل على إيجاد حلول لأزمة السيولة، في إطار جهود التصدي للأسباب الرئيسية للاحتجاجات الحاشدة، التي أدت للإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير الشهر الماضي.

المساهمون