السودان: المجلس العسكري يؤيد "شخصية مستقلة" لرئاسة الحكومة

14 ابريل 2019
الجيش طلب تسمية شخصية مستقلة (فرانس برس)
+ الخط -
أعلن المجلس العسكري السوداني، اليوم الأحد، تأييده تولي شخصية "مستقلة" رئاسة الحكومة، مطالباً القوى السياسية بتسمية شخصية، فيما شدد بيان لتجمع المهنيين السودانيين على أن الحكومة الانتقالية المقبلة ستشرع في تحقيق جملة من المطالب، أبرزها القبض على الرئيس المخلوع عمر البشير، إضافة إلى 4 من مدراء جهاز الأمن السابقين.

وعقد المجلس العسكري الانتقالي اجتماعاً، الأحد، مع أحزاب سياسية كانت شريكة في الحكومة للتباحث بشأن المرحلة الانتقالية المقبلة.

وكان لافتاً مشاركة عمر باسان، الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني، رغم الإطاحة بنظامه الخميس الماضي، ما أثار جدلاً واسعاً في وسائل التواصل الاجتماعي، وعزز الشكوك حول عدم تعاطي المجلس العسكري مع المطالب بحلّ الحزب.

وخلال الاجتماع، طلب رئيس اللجنة السياسية بالمجلس العسكري، الفريق عمر زين العابدين، من القوى السياسية طرح مقترحاتها ورؤيتها حول المرحلة المقبلة خلال أسبوع، بما يشمل شروط ومواصفات رئيس مجلس الوزراء الذي يترأس الفترة الانتقالية، إضافة إلى رؤيتها حول مدة الفترة الانتقالية، معرباً عن أمله في توافق سياسي حول من يتولى مجلس الوزراء.

وجدد زين العابدين التأكيد على أن مهمة المجلس الأساسية هي "تهيئة مناخ ملائم لكل الكيانات السياسية للتنافس في جو شفاف دون إقصاء لأحد للخروج من الوضع الحالي".

ولم تشارك قوى إعلان الحرية والتغيير التي قادت الاحتجاجات والاعتصامات منذ ديسمبر/كانون الماضي في الاجتماع.

في السياق ذاته، طالب عضو المجلس العسكري في السودان الفريق ركن ياسر عبد الرحمن العطا، اليوم الأحد، الأحزاب بضرورة "تقديم رؤى وأفكار ومبادرات وشكل الحكومة التي تدير الفترة الانتقالية".

وأضاف العطا، لدى مخاطبته بقاعة الصداقة اللقاء التنويري للأحزاب، أن "ثورة الشباب التي بدأت في ديسمبر الماضي سيتحدث عنها التاريخ لسنين قادمة، لأنها ترسم معالم دولة مدنية حديثة"، مطالبا كل الكفاءات السودانية المهاجرة بضرورة "العودة لأرض الوطن والإسهام في البناء والتعمير وتحقيق التنمية المنشودة لإسعاد الإنسان السوداني". 

ودعا عضو المجلس العسكري، الذي انقلب على حكم البشير، إلى "تحقيق السلام والرخاء في كل أرجاء السودان"، مطالبا حملة السلاح بـ"الإسهام في تحقيق الأمن، من خلال رؤية جديدة لمستقبل أفضل للسودان"، مشيرا إلى "تكوين لجنة تنسيقية بين الأحزاب والمجلس للإسهام في تحقيق تطلعات ورغبات الشعب السوداني".

القبض على البشير مطلب للمعارضة

إلى ذلك، طالب تجمع المهنيين السودانيين بنقل السلطة "فورا" إلى حكومة مدنية جديدة، تعمل على تحقيق جملة من المطالب، أبرزها القبض على عمر البشير، إضافة إلى 4 من مدراء جهاز الأمن السابقين، وهم صلاح قوش، ومحمد عطا ونافع علي نافع وقطبي المهدي، فضلاً عن قادة حزب المؤتمر الوطني، والوزراء في الحكومات المركزية والولائية، ومدبري ومنفذي انقلاب 30 يونيو/ حزيران 1989 بقيادة البشير، بتهم تقويض النظام الدستوري وإثارة الحرب على الدولة بالانقلاب العسكري ضد سلطة شرعية منتخبة وقتل المعارضين والمواطنين.

وأضاف التجمع أن بعض الموقوفين سيواجهون تهمة ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية بإقليم دارفور وجبال النوبة والأنقسنا والنيل الأزرق، والخيانة العظمى بفصل جنوب السودان، ورعاية الفساد والإثراء الشخصي والأسري من الفساد.

وتعهد تجمع المهنيين بالحجز على أصول وممتلكات حزب المؤتمر الوطني، وحساباته المصرفية وحراسة دوره ومقراته حتى لا يتم التخلص من الأدلة على فساده، مع الحجز على أصول وحسابات قادة النظام المالية والعقارية فوراً، ويشمل ذلك أفراد أسرهم، وحل النقابات وتغيير السفراء.

المعارضة تعتذر عن قصور التمثيل

وفي بيان منفصل، أعلنت قوى إعلان الحرية والتغيير "اعتذارها" عن قصور في التمثيل في وفدها المفوض بالاتصال بالجيش السوداني، الذي استلم زمام السلطة في السودان الجمعة

الماضية.

وتكوّن وفد الاتصال، الذي ترأسه عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني، من 9 أعضاء آخرين، لكن الوفد وُوجه بانتقادات لـ"عدم تمثيله المتوازن" لكل أقاليم السودان، ولـ"عدم تمثيل عادل للنساء" حيث شاركت امرأة واحدة هي مريم الصادق المهدي نائبة رئيس حزب الأمة.   

وتعهدت القوى، في بيان لها اليوم الأحد، بـ"تصحيح تلك الأخطاء فورياً، حتى يعبر الوفد عن كل الآمال والتطلعات، وأن يكون على قدر المسؤولية العظيمة".

وقدمت قوى إعلان الحرية والتغيير توضيحات جديدة حول  لقائها أمس السبت مع  قيادة الجيش، دون أن تسميه المجلس العسكري الانتقالي، لعدم اعترافها به حتى الآن.
وأشار البيان إلى أن "وفد القوى التقى أمس بقيادات قوات الشعب المسلحة، واستمع إلى توضيح حول الخطوات التي قامت بها المؤسسة العسكرية، وقدم مندوبو قوى الحرية والتغيير تصورهم للخطوات العاجلة من أجل تعزيز الثقة بين الطرفين والتي شملت رؤية جماهير الشعب السوداني".

وأضاف البيان أن "تلك الرؤية شملت المطالبة بتنفيذ كامل لكل ما ورد في إعلان الحرية والتغيير، وعلى رأس ذلك تسليم السلطة فوراً إلى حكومة انتقالية مدنية متوافق عليها عبر قوى الحرية والتغيير لتدير البلاد لمدة أربع سنوات، تحت حماية قوات الشعب المسلحة"، مبيناً أن "قضايا إنهاء الحرب وبناء السلام تحتل أولوية قصوى في قضايا الانتقال، ومن الضروري مشاركة قوى الكفاح المسلح في ترتيبات الانتقال كاملة تفادياً لتكرار تجارب البلاد السابقة ومعالجة قضايا التهميش بصورة جذرية، ومعالجة مظالم الماضي وانتهاكاته عبر آليات العدالة الانتقالية".

وشددت قوى الحرية والتغيير على حل "حزب المؤتمر الوطني وأيلولة ممتلكاته للدولة، وكذلك حل جهاز الأمن وحل الدفاع الشعبي والمليشيات التابعة للمؤتمر الوطني، مع مطالبتها للقوات المسلحة بتوضيح أسماء المعتقلين من رموز النظام وأماكن اعتقالهم، مع القضاء على سيطرة المؤتمر الوطني على الأجهزة الأمنية".

كما طالبت بضرورة "إعادة هيكلة وإصلاح المؤسسات العدلية، وإصلاح الخدمة المدنية وضمان قوميتها وحياديتها، وإصلاح المؤسسات الاقتصادية للدولة، وتحريرها من سيطرة الدولة العميقة، وإلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات، وإزالة كافة اللوائح والأطر القانونية التي تكرس لقهر النساء، مع التمهيد لعملية إصلاح قانوني شاملة، وإطلاق سراح كافة الأسرى والمعتقلين والمحكومين سياسياً، شاملاً ذلك جميع ضباط وضباط صف والجنود الذين دافعوا عن الثورة".

وأبان البيان أن "قوى إعلان الحرية والتغيير وعدت بتسليم قيادات قوات الشعب المسلحة الرؤية التفصيلية حول ترتيبات الانتقال"، مشيراً إلى أن "قيادة الجيش وعدت بتنفيذ المهام المتعلقة بأيلولة ممتلكات المؤتمر الوطني للدولة، وإطلاق سراح المعتقلين وإلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات، وإعادة هيكلة جهاز الأمن".

وكانت المعارضة السودانية قد أعلنت، مساء السبت، رفضها أول بيان للرئيس الجديد للمجلس العسكري الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، مشددة على استمرار الاعتصامات والعصيان المدني حتى تحقيق سبعة مطالب.

وفي خطابٍ ظهر السبت، ألغى البرهان حظر التجوال، وأنهى مهام ولاة الولايات، داعيًا القوى السياسية والأحزاب إلى الحوار. وبعد ساعات، التقى وفد من المعارضة بالمجلس لأول مرة وسلمه قائمة مطالب.

الخارجية: نتطلع لتعاون دولي

وفي وقت سابق اليوم، أكدت وزارة الخارجية السودانية، في بيان لها، أن "الخطوة التي أقدمت عليها القوات المسلحة، مسنودة ببقية القوات النظامية، فجر الخميس الماضي، أتت انحيازاً لثورة الشعب، من أجل الحرية والعدالة والسلام، وبناء على دعوة الجماهير للقوات المسلحة بالتدخل". 

وأشار البيان إلى أن رئيس المجلس العسكري الانتقالي أكد "التزامه الكامل بإرساء دعائم حكم مدني قويم، وتسليم السلطة لحكومة مدنية مشكلة من قبل الشعب فى فترة أقصاها عامان"، مشيراً إلى أن "دور المجلس العسكري خلال هذه الفترة سيقتصر على التأكيد على سيادة القانون واستقلال القضاء، وتوفير وحفظ الأمن، وبسط الطمأنينة وإشاعة روح المساواة والتسامح، وتهيئة المناخ السياسي لكل مكونات المجتمع لبناء وتكوين الأحزاب وتنظيمات المجتمع المدني، التي تفضي للانتقال السلمي للسلطة، إلى جانب رعاية الحوار بين كل أطياف المجتمع المدني".

وأضاف أن المجلس العسكري الانتقالي سيمثل "سيادة الدولة بينما ستشكل حكومة مدنية متفق عليها بواسطة الجميع"، وشدد على "التزام المجلس، كما شدد السيد رئيس المجلس، بترقية وتعزيز حقوق الإنسان وفقاً للمواثيق والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها السودان".

وجددت الوزارة التزام السودان بـ"كل المعاهدات والمواثيق والاتفاقيات المحلية والإقليمية والدولية، والحرص على روابط حسن الجوار، وعلاقات دولية متوازنة، تراعي مصالح السودان العليا، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى". 

كما أشار إلى ما تضمنه البيان من "تجديد الإعلان عن الوقف الشامل لإطلاق النار في كل أرجاء البلاد، وتوجيه الدعوة لكل حاملي السلاح للجلوس والتحاور للوصول لإقرار السلام والتعايش السلمي وفق أسس ومعايير جديدة".


وعبرت الوزارة عن تطلعها لـ"تفهم ودعم المجتمع الدولي للجهود الصادقة من المجلس العسكري الانتقالي والقوى السياسية والمدنية السودانية لتحقيق رغبات الشعب السوداني في تحول ديمقراطي مكتمل وبناء دولة المؤسسات وتحقيق التنمية المتوازنة والعادلة"، مشيراً إلى أنها تتطلع كذلك، لـ"تعاون اقتصادي فعال من المجتمع الدولي يتيح للسودان الاستغلال الأمثل لموارده الطبيعية والاقتصادية الزاخرة والكفيلة بتمكينه من أن يكون أحد أعمدة الأمن الغذائي إقليمياً ودولياً، ومن المساهمين في التطور الاقتصادي والاجتماعي على مستوى القارة الأفريقية، ويتطلب ذلك أيضاً تنفيذ الالتزام الدولي نحو السودان كدولة خارجة من نزاع بإعفاء ديونه وإزالة العقبات التي تحول دون تلقيه للمساعدات والتمويل من المؤسسات الدولية".

الترويكا: انتقال منظم

تفاعلاً مع مجريات الأحداث المتسارعة في السودان، بعد سقوط البشير، شددت دول الترويكا، اليوم الأحد، على "أهمية أن تستمع السلطات الجديدة إلى نداءات الشعب، وألا تواجه الاحتجاجات السلمية المستمرة بالعنف".

وقالت دول الترويكا، التي تضم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنرويج، إن "السودان بحاجة إلى انتقال منظم إلى حكم مدني يقود إلى انتخابات في إطار زمني معقول".

وأضافت في بيان لها أن "الوقت قد حان للمجلس العسكري الانتقالي وجميع الأطراف الأخرى للدخول في حوار شامل لإحداث هذا الانتقال، والذي يجب أن يتم بمصداقية وبسرعة مع قادة المظاهرات المعارضة السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وجميع عناصر المجتمع ذات الصلة، بمن فيهم النساء اللواتي يرغبن في المشاركة".

ودعت لـ"تلبية احتياجات شعب السودان" من خلال تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء البلاد، التي قالت إنها "بحاجة لنظام سياسي شامل يحترم حقوق الإنسان وسيادة القانون، ومدعوم بأساس دستوري سليم".

ولتحقيق ذلك، دعت المجلس العسكري الانتقالي إلى "اتخاذ الخطوات اللازمة لبناء الثقة مع الناس، مثل الالتزام بتعهدها بالإفراج عن جميع المحتجزين السياسيين من قبل النظام البائد، مع إدانة كل أشكال العنف التي يرتكبها النظام البائد، على يد قوات الدفاع الشعبي، والشرطة الشعبية، وأي مليشيات أخرى".

وحث القيادة السودانية الجديدة على "اتخاذ الخطوات اللازمة لاستنفار الدعم المحلي والدولي للمساعدة في مواجهة التحديات الملحة في البلاد".