أوقفت سلطات الطيران المدني في السودان، أمس الأحد، رحلات شركة الخطوط الجوية السودانية (سودانير) داخل البلاد، بحجة أن الشركة لم تقم بتنفيذ قرار الزيادة على أسعار تذاكر الطيران التي أقرتها سلطات الطيران المدني أخيراً.
ورأى كثيرون أن الخطوة المفاجئة جاءت ضد مصلحة المواطن، على اعتبار أن تذاكر الطيران شهدت زيادات متكررة في الفترة الأخيرة.
وأرجعت سلطة الطيران إيقاف "سودانير" إلى ما سمّته مخالفة الشركة للمنشور الصادر في 5/9/2016، والخاص بأسعار الطيران، وقالت إنها قامت بتخفيض أسعار التذاكر دون أي مبرر ودون مراعاة للمنشور الصادر مسبقاً بزيادة الأسعار.
وقالت سلطة الطيران المدني في بيان لها، إن أي شركة تقوم بمخالفة المنشور تعرض نفسها لسحب الرخصة الاقتصادية وإيقاف التشغيل، وأضاف البيان "عندما تم تحديد أسعار السفر الداخلي كان ذلك بهدف الحفاظ على استمرارية عمل الشركات الوطنية لما تعانيه من ظروف تشغيلية غاية في التعقيد ولما تعانيه شركة الخطوط الجوية السودانية من ظروف تشغيلية يعلمها الجميع".
ويرى البيان أن القرار جاء حفاظاً على تسيير بعض القطاعات الإقليمية، وبناء على ذلك تقرر إيقاف جميع الرحلات الداخلية لشركة الخطوط الجوية السودانية اعتباراً من أمس لحين إكمال استخراج الرخصة الاقتصادية والتي تنقصها القوائم المالية. كما أشار البيان إلى أن الشركة لم تصدر أي جدول منتظم على حسب ما معمول به عالمياً.
رفض شعبي
وأفرز البيان موجة من السخط لدى بعض المواطنين على اعتبار أن الشركة انحازت إلى المواطنين بعدما قررت تخفيض أسعار التذاكر، خصوصاً أن كثيراً من المواطنين يستخدمون الطيران إلى الخرطوم بحثاً عن العلاج.
المواطن عبد الكريم محمد، قال إن القرار وقع كالصاعقة على المواطنين، وإن سلطة الطيران المدني "جسم حكومي"، وبدلاً من أن تعين المواطنين تعمل على وضع المزيد من الأعباء على كاهلهم.
الزيادة التي تنادي سلطة الطيران المدني بتطبيقها لم تكن الأولى، فقد سبق أن اعتمدت سلطات الطيران على نحو مفاجئ زيادة في أسعار تذاكر سفر الطيران الداخلي، وذلك في أغسطس/آب 2016، وارتفع بموجب ذلك سعر التذكرة من ولاية غرب دارفور للخرطوم إلى (1610) جنيهات، ومن ولاية جنوب دارفور إلى الخرطوم إلى (1310) جنيهات، ومن ولاية شمال دارفور إلى الخرطوم إلى (1150) جنيهاً، ومن ولاية البحر الأحمر إلى الخرطوم إلى (845) جنيهاً.
ويبدو أن المناهضة في طريقها لأن تتسع، فقد نشطت مجموعات في مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت تنادي بمقاطعة شركات الطيران العاملة في الرحلات الداخلية، عقاباً لقرارات سلطات الطيران المدني التي ترفض انحياز الشركات للمواطنين، على حد زعم منسق حملة المقاطعة.
واعتبر النشطاء هذا الأمر استفزازاً لمشاعر المواطنين، خصوصاً المرضى لأن تكاليف السفر أصبحت أكبر من طاقة المرضى وأصحاب الحاجات الخاصة.
ورأى إبراهيم مختار، وهو مدون وناشط سياسي، أن قرار سلطة الطيران المدني أفرز تساؤلاً مهماً حول الأسباب التي تجعل الحكومة تعادي الشركات الوطنية الساعية للتخفيف عن المواطنين.
وأضاف مختار في تدوينة على صفحته بـالفيسبوك أن قرار سلطة الطيران المدني يتعارض مع سياسة التحرير الاقتصادي التي خطّتها السلطة بنفسها.
وقريباً من هذا المنحى تساءل الكاتب الصحافي والمهتم بشأن دارفور الحسين إسماعيل أبو جنة فى حديثه لـ"العربى الجديد" عما يضير سلطات الطيران المدني حتى تتدخل بقوة في مثل هذه الحالة التقديرية وتسعى لمعاقبة إدارة "سودانير" التي فضلت الانحياز للمواطن.
واعتبر عضو الكتلة البرلمانية لنواب دارفور بالمجلس الوطني اللواء على سليمان تكنة أن حظر طائرات سودانير من الهبوط في دارفور مسألة غير إنسانية من قبل سلطات الطيران المدني، وهذا يؤكد انحيازهم للشركات الخاصة أكثر من الشركات الوطنية.
وتساءل عضو الغرفة التجارية بولاية جنوب دارفور محمد توم لـ "العربي الجديد" عن كيفية محاسبة سودانير لمجرد أنها قامت بتخفيض أسعار تذاكرها في ظل تحرير الأسعار.
وقال توم: "هل يمكن أن تتم محاسبة سودانير إذا قامت بزيادة التذكرة إلى 1700 جنيه مثلاً.
سلطة الطيران تبرر
لكن مصدراً نافذاً بسلطات الطيران المدني يرى لـ"العربى الجديد" أن السلطات اتخذت القرار حفاظاً على سودانير نفسها والشركات المنافسة والركاب، وأن سلطة الطيران المدني أحرص من الشركات على سلامة الركاب.
ويقول إن قيمة التذكرة قد تم تحديدها سابقا وفقاً لحسابات دقيقة وليس من حق أي شركة العمل على تخفيضها أو رفعها دون مسوغات حقيقية، مشيراً إلى أن خفض التذاكر يعني أن الشركة ستلجأ لسبيل آخر لتغطية الفاقد ربما بزيادة عدد الركاب أو زيادة حمولة الشحن، الأمر الذي يمكن أن يترتب عليه خطر على التشغيل.
وأضاف المصدر: أن خفض الأسعار قد يكون الغرض منه إخراج المنافسين من السوق، موضحاً أن سلطات الطيران من شأنها أن تراقب كل ذلك وتتخذ الإجراءات المناسبة.
وأشار المصدر إلى أن سودانير ربما استفادت مما يمنح لها من رسوم الهبوط أو الرسوم الأخرى ولكن يجب أن يكون ذلك بعلم سلطة الطيران المدني.
وبدوره، يقول مدير شركة الخطوط الجوية السودانية حمد النيل يوسف في تصريح صحافي، إن "سودانير" فكرت في إعداد خطة لخفض تذاكر الطيران، بما يقود إلى تحسين الخدمة وكسب ثقة المواطنين.
وقال إن القرار لم ينزل موضع التنفيذ وكان مجرد مقترح أو خطة، ويبدو أن المعلومة قد وصلت بطريقة غير رسمية إلى سلطة الطيران المدني التي اتخذت قرارها بإيقاف سودانير.
ويبلغ عدد الشركات العاملة في النقل الجوي الداخلي بالسودان ثماني شركات توقفت منها أربع شركات ولم تجدد رخصها وتعمل حاليا وهي إلى جانب سودانير، شركات بدر للطيران ونوفا وتاركو.