السودان: تجدد الاحتجاجات بأم درمان واعتقالات واسعة في صفوف المتظاهرين

20 يناير 2019
محاولة تسليم مذكرة تطالب بتنحي البشير (أشرف الشاذلي/فرانس برس)
+ الخط -
تجددت الاحتجاجات في مدينة أم درمان، الواقعة غرب العاصمة السودانية الخرطوم، إذ خرج العشرات في مسيرة سلمية بشارع الأربعين تلبية لدعوة من المعارضة للتظاهر تحت شعار "موكب الشهداء"، فيما تبرأ الرئيس السوداني عمر البشير من عمليات قتل وقعت أثناء الاحتجاجات التي اندلعت في البلاد منذ الشهر الماضي.

ويشهد عدد من أحياء أم درمان عمليات كرّ وفر بين مئات المحتجّين وقوات الأمن، التي تحاول منعهم من التوجه لمقر البرلمان السوداني لتسليم مذكرة تطالب بتنحي الرئيس عمر البشير وحلّ الحكومة وتشكيل حكومة انتقالية.

وأطلقت الشرطة في أكثر من موقع الغاز المسيل للدموع، واعتقلت عشرات من المتظاهرين.

وشهدت أم درمان انتشاراً أمنياً كثيفاً، وخاصة في محيط البرلمان، بعدما دعت المعارضة السودانية إلى التوجه بالتظاهرة، ظهر اليوم الأحد، إلى مقر البرلمان لتسليم المذكرة.


وفي وقت سابق اليوم، عززت قوات الأمن من حضورها باستقدام تعزيزات إلى المدينة التي شهدت الأربعاء ما قبل الماضي أضخم تظاهرات الاحتجاج، التي بدأت في التاسع عشر من ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

وكان تجمع المهنيين السودانيين المعارض الذي يقود الاحتجاجات، قد حدد اليوم موعداً للتجمع، وذلك بالتزامن مع إعلان نقاباته الفرعية الدخول في إضراب عن العمل، منها لجنة المعلمين والصيادلة والمهندسين، لكن لم يعلن التجمع حتى الآن حجم ومستوى تنفيذ الإضراب، فيما قالت النقابات المقربة من الحكومة إن المكونات التي دعت إلى الإضراب "غير شرعية"، وحثت العاملين في تلك القطاعات على "عدم الاستجابة لتلك الدعوات".

من جانبه، أعلن التحالف الديمقراطي للمحامين المعارض نيته تسليم مذكرة اليوم للنائب العام ورئيس القضاء، لـ"تحريك إجراءات جنائية ضد علي عثمان محمد طه، النائب السابق للرئيس عمر البشير، والفاتح عز الدين رئيس البرلمان السابق، بتهم الإرهاب والتحريض على قتل المواطنين"، عطفاً على تصريحات صحافية نُشرت لهما.

وقال المحامون في بيان لهم، إن المذكرة تحوي أيضاً طلباً بتشكيل لجنة مستقلة للتقصي بشأن قتل المواطنين والمحتجين واقتحام المنازل وترويع الأسر، واتخاذ الإجراءات القانونية حيال المتهمين، مع المطالبة كذلك، بالإفراج عن جميع المعتقلين.

ومن ولاية النيل الأبيض، اتهم الرئيس السوداني، اليوم الأحد، من وصفهم بـ"المندسين" بقتل المتظاهرين المعارضين، وقال إن "الانتخابات قريبة والشعب سيقرر من يحكم".

وتقول السلطات الحكومية إن أكثر من 20 شخصاً لقوا حتفهم خلال الاحتجاجات، فيما تتحدث إحصاءات المعارضة عن أكثر من 40 شهيداً، وتصرّ جماعات منها على أن عمليات القتل تمت بواسطة مجموعات موالية لحزب المؤتمر الوطني الحاكم.

وقال البشير، الذي كان يخاطب حشداً لرجالات الطرق الصوفية بمنطقة الكريدة بولاية النيل الأبيض، جنوب البلاد، إن "مندسين ومخربين دخلوا وسط المتظاهرين وقاموا بعمليات القتل"، مشيراً إلى أن الطبيب بابكر عبد الحميد، الذي لقي مصرعه خلال احتجاجات منطقة بري بالخرطوم، الخميس الماضي، ثبت أنه قُتل بسلاح لا تستخدمه أي من القوات النظامية التي تعاملت مع التظاهرات في المنطقة، مشيراً إلى إلقاء القبض على عناصر من مجموعة "حركة تحرير السودان" بقيادة عبد الواحد محمد نور، وأن المجموعة "اعترفت بأدوارها التخريبية"، وفق قوله.

وكان محمد نور قد نفى، في وقت سابق، الاتهامات الحكومية، وأكد أن حركته "لم تمارس أعمالاً ضد الحكومة باستثناء عملياتها العسكرية المباشرة في دارفور"، كما سخرت الاحتجاجات الشعبية نفسها من تلك الاتهامات.


وأكد البشير أن خروج الشباب للاحتجاج "أمر مبرر"، لكنه ذكر أن الأحزاب السياسية أرادت استغلال تلك الاحتجاجات لصالح أجندتها، كما جدد اتهامه لجهات معادية "لا تريد استقراراً للبلاد، ويريدون أن يتحول السودانيون إلى لاجئين في دول الجوار، وذلك لن يحدث، لأن هذا بلدنا وسنموت فيه".

وسخر البشير من الدعوات التي أطلقتها بعض القوى لمقاطعة زيارته لولاية النيل الأبيض، وقال إنه كان واثقاً من تسليم الراية إذا لم يجد ذلك الاستقبال الذي وجده من أهل الولاية، كما جدد قوله إن "الفيصل في من يحكم السودان متروك لصناديق الاقتراع عبر انتخابات عام 2020".

وكان الرئيس السوداني، وبلغة مختلفة، قد أعلن "احترامه" لمطالب الشباب السوداني الذي يشارك في الاحتجاجات، وذلك لدى مشاركته في مؤتمر لحزب المؤتمر الوطني الحاكم بضاحية كوبر بالخرطوم، مساء أمس السبت. 

وذكر البشير في كلمته أن "مطالب الشباب مبررة، لكن لا يمكن تحقيقها بالتخريب"، متهماً أحزاباً سياسية ومن سمّاهم "أعداء الوطن من المخربين" بـ"استغلال هذه التظاهرات الشبابية لتحقيق أجندتهم".

وأعاد الرئيس السوداني تأكيدات سابقة له بأن الوصول للسلطة يتم عبر الانتخابات، كما أعاد تعهداته بـ"الدفاع عن البلاد وحفظ أمنها ووحدتها، وعدم السماح بتحويل الشعب السوداني للاجئين، كما حدث لشعوب أخرى"، على حد ما جاء في كلمته.