السودانيون ساخطون من الانقطاع المتكرر للكهرباء

16 ابريل 2019
استمرار التحركات وسط انقطاع الكهرباء (فرانس برس)
+ الخط -
ازداد السخط الشعبي في المؤسسات والأحياء السودانية نتيجة انقطاع الكهرباء خلال ساعات النهار. ويتخوف الكثير من المواطنين من ازدياد وتيرة انقطاع التيار، بعد اقتلاع عمر البشير من رئاسة البلاد، عقب حراك في الشارع دام أربعة أشهر. 

وفي ظل استمرار الأزمة السياسية مع سيطرة المجلس العسكري على السلطة، ومواصلة التحركات المطالبة بتسليم السلطة لقيادات مدنية، تفاقمت مشكلة الكهرباء، ليتعدى الانقطاع اليومي سبع ساعات من دون اعتماد برمجة محددة للتغذية.

وشكك سودانيون بتورط مسؤولين تابعين للنظام السابق والذين لا يزالون يديرون غالبية مؤسسات الدولة، في عمليات الانقطاع الكهربائي. وطالب عدد من المواطنين بتغيير المسؤولين عن المرافق الحيوية مثل الكهرباء والمياه والمطارات والخطوط البحرية والنقل.

وأكدت مصادر مطلعة لـ "العربي الجديد" أن القيادة الجديدة وضعت كل تلك التساؤلات المشروعة قيد التنفيذ، ولكنها تعمل تدريجياً بحيث تضمن عدم حصول أي خلل في المرافق ربما يؤدي إلى تعطيل وشلل للحياة العامة.

وقالت المصادر إن نظاما امتد لثلاثين عاماً يصعب اقتلاع أتباعه في أيام أو في أشهر، وأنها تدرك أن المؤسسات الحيوية ربما تتعرض لتخريب ولذلك تعمل بهدوء إلى أن يحين أجل التغيير من دون حصول خسائر في هذه القطاعات الحيوية.

ويبلغ إنتاج السودان السنوي من الكهرباء ثلاثة آلاف ميغاواط، مع حصة أخرى من الكهرباء تأتي من إثيوبيا ضمن اتفاقية بين الجانبين تقضي بتصدير السودان لفائض إنتاجه من البنزين لأثيوبيا مقابل تصدير الأخيرة الكهرباء.

وشدد الناطق الرسمي بوزارة الكهرباء إبراهيم يس شقلاوي في تصريح، على أهمية ترشيد الاستهلاك الكهربائي لتحقيق مبدأ كفاءة الطاقة. وقال إن الفترة الحالية تشهد تخزين المياه لتغطية احتياجات شهر رمضان.

وأشار إلى وجود انخفاض في الأحمال نتيجة لهذا الأمر، ما حتم إجراء برمجة وصفها بالـ "مدروسة" لتوزيع الخدمة بصورة متوازنة على جميع القطاعات السكنية والصناعية والزراعية وذلك للمحافظة على الإمداد الكهربائي. وأكد استمرار برنامج الصيانة المعلن للمحطات والمفاتيح والمحولات والخطوط التي من المقرر أن تنتهي في نهاية شهر إبريل/ نيسان الحالي.

وشرح الخبير في قطاع الكهرباء، جون جيندى، أن حل مشكلة انقطاع الكهرباء جذرياً مرهون بإطلاق مشروعات ذات كفاءة إنتاجية عالية، وهو ما يستوجب بحسب قوله لـ "العربي الجديد" توفير الاعتمادات المالية اللازمة لمثل هذا المشروع. وأشار إلى أهمية تطبيق برنامج الحزمة المتكاملة التي تشمل زيادة الإنتاج الكهربائي مع ترشيد الاستهلاك عبر التوعية المستمرة للمواطنين.

وكان من المقرر خلال الشهر الحالي اكتمال مشروع الربط الكهربائي بين السودان ومصر، لكن الجانب المصري أعلن وقف المشروع إلى أجل غير محدد، يرجح أن يكون قصيراً. وترجح مصادر "العربي الجديد" أن أسباب التأجيل ناتجة عن عدم وجود وزير كهرباء في السودان لمتابعة تفاصيل المشروع مع نظيره المصري، ومن المنتظر استئناف المشروع عقب تعيين الحكومة الجديدة.

ويأمل السودان في إكمال المشروع، الذي تبقت منه خطوات قليلة تشمل تجارب الأداء واختبارات التشغيل، ثم تليها مرحلة ربط القدرات المُنتجة على الشبكة الكهربائية ودخول المراحل الأخرى للمشروع تباعاً.

في المُقابل تسعى الحكومة المصرية لإنهاء مشروع الربط الكهربائي في أسرع وقت مع ارتفاع الفائض الذي تنتجه الشبكة القومية للكهرباء في مصر والذي يفوق احتياجات المستهلكين، ويدرس الجانبان المصري والسوداني التّوسُّع في هذا المشروع ليصل إلى ثلاثة آلاف ميغاوات في المرحلة الثانية من المشروع.

وكان عثمان التوم وزير الموارد المائية والكهرباء السابق والذي تم تعيينه قبل خلع الرئيس الأسبق بأيام قليلة، قد وصف ضمان استقرار الإمداد الكهربائي خلال الصيف وشهر رمضان بـ "التحدي"، وقال إنها مهمة صعبة ولكنها غير مستحيلة. ودعا لمواجهة تحديات فصل الصيف بمضاعفة الجهود، لضمان استقرار الإمداد الكهربائي خلال هذه الفترة وخلال شهر رمضان.

وطلب من كافة الوحدات والشركات والهيئات التابعة للوزارة ترتيب الأولويات حسب الأهمية وعرض التحديات التي تواجه العمل مع تقديم مقترحات الحلول الممكنة.

وتخوف المواطن عبد اللطيف يوسف من أن تسبب الإشكالات التي تعاني منها المحطات الإنتاجية في استمرار القطوعات حتى شهر رمضان المقبل، وقال في حديث مع "العربي الجديد" إن التجارب علمت المواطنين أن استقرار التيار الكهربائي صيفا يبدو حلماً "بعيد المنال" وفق ما اعتادوا عليه سنوياً. وأشار إلى أن المواطن لا يهمه سوى توافر الخدمة وعلى الجهات المختصة معالجة الإخفاقات السابقة.

وتعود أسباب الفجوة في إنتاج الكهرباء بحسب مختصين لعدم عمل "سد مروي" شمالي البلاد بكفاءته القصوى، وهو أكبر سدود إنتاج الكهرباء في البلاد، إذ إن "توربيناته" لا تعمل كلها، ما يؤدي إلى إنتاج كميات من الكهرباء لا تفي بحاجة البلاد، مما يقود إلى برنامج "الترشيد الإجباري".
المساهمون