"العفو الدولية" تنتقد ابتزاز السلطات اللبنانية للناشطين للتوقيع على تعهدات غير قانونية

11 يوليو 2018
توقيع التعهّدات شرط لإخلاء السبيل (فيسبوك)
+ الخط -


اعتبرت منظمة العفو الدولية أن ابتزاز ناشطي حقوق الإنسان في لبنان ودفعهم من قبل السلطات إلى توقيع تعهدات مقابل إخلاء سبيلهم، هو "ترهيب" لا أساس قانونياً له، ويبعث على القلق.

وذكرت المنظمة في تقرير نشرته اليوم الأربعاء، أن ناشطي حقوق الإنسان في لبنان يستدعون للتحقيق، ثم يتعرّضون للابتزاز كي يوقّعوا تعهدات غير قانونية بالامتناع عن القيام بأفعال معينة لا تخلّ بالقانون، كشرط للإفراج عنهم.

وأشارت إلى القبض على عدد من الأشخاص في الآونة الأخيرة، لتعبيرهم عن آرائهم السياسية، أو بسبب أنشطتهم المتعلقة بحقوق الإنسان، واحتجزوا وجرى استجوابهم وترهيبهم، قبل أن يؤمروا بتوقيع مثل هذه التعهدات، مقابل إخلاء سبيلهم.

وعلّقت مديرة البحوث للشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية، لين معلوف، على الأمر بقولها: "إن ما يسمى بالتعهدات ليست سوى ضرب من ضروب الترهيب ولا أساس لها في القانون اللبناني. ودأبت السلطات على استخدام تلك التعهدات في محاولة منها لإسكات أصوات الناشطين وغيرهم من الأفراد، الذين ما كان ينبغي أبداً أن يعتقلوا في المقام الأول". ورأت أن "تبليغ ناشطين سلميين من بين أولئك الذين يتم اعتقالهم واستجوابهم، بأنه لن يتم الإفراج عنهم إلا إذا وقعوا هذه التعهدات مؤشر على أن سلوك السلطات يبعث على القلق".

والتعهّد هو عبارة عن ورقة مختومة من الجهة العسكرية أو الأمنية ذات الصلة يطلب فيها من الأفراد المعتقلين التعهّد بعدم تكرار الفعل نفسه مرة أخرى. في واقع الحال، لا أساس قانونياً للتعهدات وهي ليست ملزمة من الناحية القانونية. ويرفض ناشطون ممن يعرفون حقوقهم التوقيع عليها، ويتم الإفراج عنهم بغضّ النظر عن ذلك.


واستعرضت منظمة العفو الدولية حالات عدة لم تحترم فيها الأجهزة الأمنية والعسكرية حقوق الموقوفين والمستدعين للتحقيق، ضمن الإجراءات الواجب مراعاتها في الدولة اللبنانية، بما في ذلك الحق في الاتصال بمحامٍ. وأبلغ ناشطون منظمة العفو كذلك بأنهم شهدوا على أعمال تعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة تصيب الموقوفين في المكاتب والزنازين المجاورة لهم، خلال فترة احتجازهم.

وفي تطور آخر اعتبرته المنظمة أنه يبعث على القلق، أشارت إلى أن السلطات العسكرية والأمنية تمتلك بصورة تفصيلية البيانات الشخصية للعديد من الناشطين، بما في ذلك حساباتهم المطبوعة على "واتساب"، وما تبادلوه من رسائل نصيّة مع الآخرين، وتسجيلات لمكالماتهم الهاتفية.

ولفت التقرير إلى أن استخدام التعهدات أصبح، منذ 2014، إجراءً معتمداً لدى مجموعة متنوعة من الأجهزة الأمنية والعسكرية، بما في ذلك مكتب مكافحة الجرائم الإلكترونية وغيره من الشُعَب التابعة لـ"قوى الأمن الداخلي"، و"المديرية العامّة للأمن العام"، و"مخابرات الجيش اللبناني"، بهدف إسكات الأصوات النقديّة لأدائها ولأداء الدولة.

وقالت لين معلوف: "هذه المحاولات غير القانونية لإسكات أجزاءٍ من المجتمع يجب أن تتوقف. فلا مناص من احترام الحق في حرية التعبير وحمايته. ولا ينبغي أبداً اعتقال شخص أو تهديده بسبب تعبيره السلمي عن آرائه".

وطالبت المنظمة السلطات اللبنانية بوقف استخدام التعهدات غير القانونية؛ وحماية حرية التعبير؛ واحترام حق الشخص في الحرية وفي الأمان على نفسه، وضمان معاملة المشتبه فيهم والمحتجزين معاملة إنسانية، طبقاً لما يتمتعون بهم من حقوق في الإجراءات الواجبة. كذلك طالبها بمعاملة الأطفال (دون سن 18) وفق قواعد قضاء الأحداث، التي تنصّ على أن الاحتجاز يجب أن يكون الخيار الأخير بالنسبة لهؤلاء. كذلك دعتها إلى مباشرة، على وجه السرعة وبحياد، التحقيق فيما ورد من أنباء بشأن التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة في مراكز الاحتجاز.