السلطات الفرنسية "الكولونيالية" تحظر التظاهرات المؤيدة لفلسطين

18 يوليو 2014
مسيرات متضامنة مع غزة بباريس قبل يومين (مصطفى يالسين/الأناضول/getty)
+ الخط -

جاء قرار السلطات الفرنسية حظر التظاهرات المتضامنة مع نضال الشعب الفلسطيني ومقاومته لتكشف عن أكثر الحكومات الفرنسية موالاة للكيان الصهيوني منذ عقود، وتكشف وجود أصدقاء للكيان في كل مرافق الحكومة الفرنسية، من أعلى الهرم إلى العديد من الوزارات، دون نسيان الأخطبوط الصهيوني المتغلغل في الحزب الاشتراكي الحاكم.

وشمل المنع التظاهرة الكبرى المزمع تنظيمها غداً السبت، في المكان نفسه الذي جرت فيه التظاهرة الأولى (ميترو باريس)، وفي التوقيت نفسه. وبرّرت وزارة الداخلية الأمر بالاشتباكات التي وقعت بالقرب من كنيس يهودي بالقرب من ساحة "باستيل" الشهيرة، في تظاهرة السبت الماضي، والتي تؤكّد كل الصور والفيديوهات المنشورة في وسائل الاتصال الجماهيرية دور عصابات يهودية وصهيونية متطرفة (رابطة الدفاع اليهودي) في إشعالها. غير أن السلطات الفرنسية رفضت أخذها بعين الاعتبار، محمِّلةً منظّمي هذه التظاهرة المسؤولية.

وكانت السلطات القضائية قد أصدرت حكماً قضائياً قاسياً بالسجن أربعة أشهر، على أحد الشباب المتظاهرين، وهو ما يعتبر سابقة خطيرة تهدد كل من يرفع صوته بإدانة جرائم الحكومة الإسرائيلية ومؤيديها في فرنسا.

وليست مدينة باريس وحدها من لجأت إلى هذا النوع من الرقابة؛ إذ قررت ولاية الأمن في منطقة ألب ماريتيم حظر "كل تجمع أو مسيرة مؤيدة للشعب الفلسطيني".

لا يمكن قراءة هذا الحظر إلا باعتباره يتماهى مع مواقف الرئيس فرانسوا هولاند، المتضامنة مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ومواقف وزيره الأول مانويل فالس، الذي سارع إلى تحميل المتظاهرين المؤيدين للقضية الفلسطينية مسؤولية الاعتداء على الكنيس اليهوديّ. هذا إضافة إلى مواقف وزير الخارجية لورون فابيوس، الذي أعلن في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عن "حبّه" لإسرائيل وقادتها".

ويرى الصحفي دونيس سييفيرت، في مجلة "بوليتيس"، أن المواقف الفرنسية نابعة من وراثة التقاليد الكولونيالية. ويقول "هو يشبه السياسي غي مُوليه أثناء معركة الجزائر، لا يبدو أن هؤلاء الساسة أدركوا البعد الكولونيالي للمعركة. الأمر بالنسبة لهم يتعلق بقضية ديمقراطية تُواجِه إرهابيين، وُلدوا إرهابيين، ويظلون إرهابيين أبّاً عن جد". ويتساءل في نهاية الأمر: "أليست هذه القراءة، تحديداً، هي نتاجُ ما يُطلق عليه اللاوعي الكولونيالي؟".

ويكشف حظر التظاهرات المؤيدة للشعب الفلسطيني أنّ قراءة فرنسا للوضع الفلسطيني قد تغيرت، ولن تُقنع أحداً تصريحاتُ الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عن صداقاته الفرنسية وعن صلابة الموقف الفرنسي. إذ بات موقفاً يتناغم مع الموقف الأميركي، وهو ما يحلله شيفيرت، بعمق شديد، حين يقول إنّه "موقف بدأه (الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا) ساركوزي وزاده هولاند درجة. وهما لا يقدمان سوى خطاب الليكود. ليس اليمين الإسرائيلي هو من ابتدعه، بل هو من ثوابت السياسة الكولونيالية".

وردّاً على هذا الحظر المريب للتظاهر في باريس، أعلنت المنظمات والأحزاب التي نظمت التظاهرة الأولى (الحزب الجديد المناهض للعولمة، وحزب أهالي الجمهورية، اتحاد اليهود الفرنسيين من أجل السلام، واتحاد الطلاب الفلسطينيين العام وغيرها)، عن إصرارها على تنظيم التظاهرة في وقتها، واستعدادها في الوقت نفسه، لإيجاد حل ملموس يسمح باحترام الحق الأساسي في التظاهر وأخذ الهاجس المشروع لتجنب زعزعة النظام العام بعين الاعتبار.