لا يحتاج الأمر أكثر من دقيقتين اثنتين حتى يبتلع البحر أحدهم، ولا سيّما أحد الصغار غير المدرّبين على السباحة أو الذين يصعب عليهم إنقاذ أنفسهم أو رفع صراخهم طلباً للنجدة. ويفارقون الحياة، خصوصاً مع عدم توفّر عدد كافٍ من عناصر الإنقاذ البحري ومراقبي السباحة. ويُثار موضوع السلامة البحريّة وضرورة تأمينها في لبنان.
"مطلوب إدخال السباحة في منهج التربية البدنيّة في المدارس، حتى نتفادى وقوع الأطفال ضحايا لحوادث غرق". بهذه الكلمات يشدّد رئيس اتحاد حماية الأحداث، شربل أبي نادر، على ضرورة تهيئة الصغار لتفادي الأسوأ. ويطالب "كل مدرسة يفوق عدد تلاميذها الألف، بضرورة تدريبهم على السباحة. للأسف، الثقافة الرياضية معدومة لدينا". يضيف لـ "العربي الجديد" أن "على الدولة تشديد الرقابة على المسابح للتأكد من وجود مراقبين للسباحة، ومن أن مياه البرك تتكرر بشكل دوري". ويتحدّث أبي نادر عن "شاطئ لبنان وتياراته البحرية الخطيرة، وعن المسابح غير المؤهلة كفاية لحماية الأطفال من الغرق في أثناء السباحة، وعن عدد المنقذين البحريين القليل".
من جهته، يرى الاختصاصي في الطب الداخلي وعضو جمعية دعم الطب الوقائي الدكتور إيلي فرح، أنه ولتفادي حوادث الغرق، "لا بدّ أن يعرف الأهل أن الطفل دون الخامسة، قد ينسى كيفية السباحة، حتى ولو تدرّب منذ الصغر. لذا لا يجب على هؤلاء ترك أطفالهم يسبحون من دون مراقبة". يضيف لـ "العربي الجديد" أنه "حتى ولو تجاوز الخامسة من عمره، يجب أن تكون العين ساهرة عليه تفادياً لغرق مفاجئ. وإلى مراقبة الأهل يأتي دور المدربين الخاصين ومراقبي السباحة، حتى يُنقَذ الغريق بسرعة".
في السياق نفسه، ينبّه الطبيب المتخصص في أمراض المفاصل والسلامة العامة الدكتور ياسر ياغي إلى "ضرورة توفّر مراقب سباحة على الدوام، خصوصاً على الشواطئ الشعبية. هذا لا يعني أن المسابح الخاصة غير ملزمة بتوفير مراقب سباحة على الدوام". ويشدّد في حديث إلى "العربي الجديد"، على "إلزام الأطفال بالتزوّد بطوق نجاة، وعلى توعيتهم دائماً بإرشادات من شأنها تجنيبهم الغرق". ويلفت إلى أن "التيارات البحرية تكثر في بحر لبنان، وقد يسحب الموج هؤلاء الصغار في حال لم يُحذَّروا. كذلك من الضرورة التشديد على ابتعادهم عن الأماكن الصخرية، حيث تكثر التيارات، بالإضافة إلى تجنّب الأماكن حيث تكثر الأعشاب البحرية، فهذه الأخيرة قد تعلق بأرجلهم". يضيف ياغي: "كل ذلك ومن دون أن ننسى أهمية دعم الدفاع المدني لإنجاز عمليات الإنقاذ باحتراف".
إلى ذلك، يتحدّث رئيس عمليات الإنقاذ البحري في الدفاع المدني سمير يزبك لـ "العربي الجديد" عن الإجراءات المتخذة للحدّ من نسبة الغرق، قائلاً: "لدينا خمسة مراكز بحرية على طول الشاطئ اللبناني، وجميعها مؤهلة لتدريب المدنيين والعسكريين وكذلك لمراقبة عمليات مكافحة التلوث ورصد حوادث الغرق سواء في البحر أو في الأنهر، على مدار الساعة".
ويوضح أن "أبرز ما أنجزناه حتى اليوم، هو تقدّمنا الكبير في الحد من عدد الغرقى. قبل ثماني سنوات، كان العدد المسجّل 350 حالة غرق، وقد وصلنا اليوم إلى 150 حالة سنوياً، وذلك بفعل التوعية المتواصلة والعمل المستمر لزيادة عدد مراقبي السباحة من 350 إلى 650 مراقباً ينتشرون على طول الشاطئ". يضيف: "هدفنا أن نتفادى قدر المستطاع حالات الغرق، وخصوصاً أن الوقت يدهمنا في مثل هذه الحالات، إذ لا يحتاج الأمر إلى أكثر من دقيقتين اثنتين. من هنا، نشدّد على وجوب توفّر مراقب السباحة بشكل مستمر".
من جهة أخرى، يلفت يزبك إلى أن "80% من أحواض السباحة ملتزمة بشروط السلامة البحرية، بحسب ما لمسنا. وهي تؤمّن بشكل دوري مراقبي سباحة. يُذكر أن على كلّ منتجع بحريّ توفير مراقب سباحة متدرّب واحد على أقلّ تقدير، ليزداد العدد بحسب حجم المشروع السياحي. كذلك، فإن الرقابة مستمرة من قبل الشرطة السياحية التي تراقب تلك المنتجعات لضبط أي مخالفة، لا سيّما عدم وجود مراقب سباحة". ويشدّد على "ضرورة الرقابة المستمرة على الشواطئ أيضاً، فالبحر في لبنان مجنون بسبب كثرة تياراته"، مشيراً إلى أنه وبحسب البيانات الأخيرة "80% من حالات الغرق هي لنازحين سوريين و20% للبنانيين". ويعود ويشدّد على "ضرورة أن يحكم الأهل مراقبتهم لأطفالهم، وألا يتكلوا على مراقبي السباحة فقط". يضيف: "لا بدّ كذلك من أن يضع الصغار طوق نجاة ويتجنبون قدر المستطاع التعرّض لأشعة الشمس والأمواج العالية".
اقرأ أيضاً: مجاري لبنان توأم مياهه