مع استمرار تهاوي أسعار النفط وعدم تحسنها حتى مع اتفاق كبار المنتجين على إجراء خفض كبير في الإنتاج يصل إلى 10 ملايين برميل يوميا، تتراجع مؤشرات الاقتصاد السعودي يوما بعد يوم، خاصة المتعلقة بالتوظيف ومعدل النمو والإيرادات النفطية، التي تمثل المورد الرئيسي للموازنة العامة والاحتياطي العام للدولة، أو الاحتياطي الأجنبي المستثمر في الخارج والذي تم سحب 50 مليار دولار منه خلال الشهور الماضية لمواجهة التراجعات الحادة في إيرادات الدولة.
ومع استمرار جائحة كورونا تتكبد السعودية خسائر فادحة، شأنها في ذلك شأن معظم دول العالم، إلا أن خسائر المملكة ستكون أكبر، خاصة مع اعتمادها كلية على إيرادات النفط الخام وأنشطة أخرى رئيسية، مثل الحج والعمرة والسياحة والطيران، وهي الأنشطة التي تأثرت بشدة بسبب تفشي الفيروس، حيث توقفت الكثير من الأنشطة الاقتصادية المحلية، ما انعكس بالسلب على حجم الإيرادات غير النفطية والنمو الاقتصادي.
وقد دفعت هذه المؤشرات السلبية صندوق النقد الدولي إلى أن يرسم، يوم الثلاثاء، صورة متشائمة للاقتصاد السعودي في 2020، حيث توقع أن ينكمش بنسبة 6.8% هذا العام، وهي نسبة كبيرة تفوق كل التوقعات السابقة.
كما رسم الصندوق صورة أكثر قتامة للاقتصاديات الخليجية، حيث توقع انكماشها بنسبة 7.6% هذا العام، خاصة مع مواجهة دول الخليج الست تراجعا ماليا واقتصاديا حادا مع تفاقم أزمة النفط والغاز، وتباطؤ الأنشطة التجارية والاقتصادية والخدمية بسبب جائحة كورونا.
المؤشرات السعودية السلبية المتوقع استمرارها خلال الفترة المقبلة، خاصة مع عدم وجود بوادر لطيّ أزمتي تهاوي سعر النفط وكورونا، ستنعكس مباشرة على حال المواطن السعودي والعمالة الوافدة في البلاد، والتي ستواجه خطر "التفنيشات" وزيادة موجة تسريح الموظفين وخفض الرواتب.
كما سيواجه المواطنون والعمال الأجانب معاً موجة قادمة من زيادة أسعار السلع والخدمات مع سوء الأحوال المعيشية وضعف القدرة الشرائية والتوسع في تطبيق الإجراءات التقشفية من قبل الدولة.
يدعم موجة زيادة الأسعار المتوقعة تلك بدء تطبيق المملكة، أمس، قرار زيادة ضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات من 5% إلى 15%.
وهذه الزيادة ستؤدي إلى رفع أسعار السلع والخدمات، وخاصة أن الضريبة يتم تحميلها للمنتج والمستهلك معا، كما أوقفت الحكومة صرف بدل غلاء المعيشة للمواطنين، اعتباراً من الشهر الماضي، ورفعت أسعار البنزين. وهذه الإجراءات وغيرها ستنعكس سلبا على الوضع المعيشي للمواطن.