يُناقش مجلس الشورى السعودي، داخل الغرف المغلقة، توصية تقدّم بها عدد من الأعضاء تطالب بدمج جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع وزارة الشؤون الإسلامية، بسبب تشابه الأدوار التي تقوم بها الجهتان، وكان المجلس قد بدأ في مناقشة هذه التوصية في منتصف فبراير/شباط الماضي، وخلال تلك الفترة كثفت لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية من مناقشتها للتوصية لتقرر مدى إمكانية طرحها للتصويت.
وتطالب التوصية التي تقدّم بها كل من عطا السبيتي، ولطيفة الشعلان، واللواء علي التميمي، بالعمل على إعداد دراسة لتطوير أوضاع هيئة الأمر بالمعروف ودمجها مع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، بدلا من وضعها الحالي كجهاز مستقل مرتبط مباشرة بمجلس الوزراء.
وشدّد الأعضاء الثلاثة على أن تشابه أدوار الجهتين يجعل من الضروري تحديد أدوار الهيئة وخاصة بعد اعتماد التنظيم الجديد لها الذي أحال اختصاص ضبط ومباشرة المخالفات لمراكز الشرطة ومكافحة المخدرات.
كما ركز الأعضاء، خلال مناقشتهم تقرير الرئاسة العامة لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السنوي على ملف المتعاونين، وهو الذي رفضه الأعضاء، مطالبين بضرورة قصر الوظائف على التعيينات الرسمية فقط.
وانتقد الأعضاء الأرقام التي أوردها التقرير الذي أكد قيام الأعضاء بأكثر من 200 ألف عملية ضبط، ولكن انتهى 180 ألفا منها بالتعهد، وهو ما اعتبره الأعضاء اشتباهات لا أكثر، مشددين على :"أن الترصد في عمليات القبض له أخطار كبيرة على المجتمع بصفة عامة".
ولا تعني التوصية، في حال إقرارها، إلغاء جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن تحييد الكثير من أدوارها، وسيكون رئيس الهيئة تحت إدارة وزير الشؤون الإسلامية، بدلا من أن يكون مرتبطا مباشرة بمجلس الوزراء، كما سيلغي الميزانية الخاصة بالجهاز، ويجعلها جزءا من ميزانية الوزارة.
وليست هذه المرة الأولى التي يطالب فيها المجلس بضمّ الهيئة للوزارة، إذ سبق أن طالب عدد من الأعضاء بذلك في عام 2009، وكرروا الطلب في عام 2013، بيد أنه في كل مرة كان المشروع يفشل في الوصول لمرحلة التصويت، كما أن المجلس طالب قبل عامين الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بوضع منهج عمل يضمن دليلاً إرشاديّاً للعاملين في الميدان، يحدد المنكرات التي تتطلب التدخل من أعضائه للقضاء على الاجتهادات الشخصية وتضييق السلطة التقديرية لعضو الهيئة التي ينشأ عنها عدد من السلبيات لعملها.
بيد أنه في هذه المرة، يملك مشروع الدمج فرصة أكبر، بعد أن بات دور الهيئة مشابها بشكل كبير لأدوار وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد.
ويؤكد الباحث في الشؤون الإسلامية، حمد السهيمي، أن التوصيات التي يطرحها مجلس الشورى لا تعني إلغاء الجهاز بالكامل، لأنه أحد الأجهزة الأساسية في الدولة، ولكن حان الوقت لمزيد من الضبط والمراقبة عليه، ويقول لـ "العربي الجديد" :"في السابق كان لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إدارة كبيرة وصلاحية ضبط المخالفين، ولكن في منتصف العام الماضي تم سحب هذه الصلاحية منهم، وتحويلها للشرطة ومكافحة المخدرات، وخلال تلك الفترة لم نشاهد أي انفلات أخلاقي، بل على العكس، أثبت المجتمع أنه واعٍ وأخلاقي بطبعه، ولا يحتاج لمن يراقبه، ويتصيد أخطاءه"، ويضيف :"الآن بعد أن بات دور الهيئة توعوياً، فمن الأنسب أن يتم دمجها مع وزارة الشؤون الإسلامية، التي تحتوي بالفعل على قسم الدعوة والإرشاد".
من جهته يؤكد الدكتور، محمد الغامدي، على أنه لا يمكن لأحد أن يتخيل أن يتم إلغاء جهاز الهيئة بالكامل، ولكن لا يمنع ذلك من أن يتم إحداث بعض التغييرات التي تضبط العمل، وتجعله أكثر سلاسة، خاصة وأن بعض الأفراد غير المنضبطين في الجهاز، ومن يسمون بالمتعاونين، تسببوا في الكثير من الإحراج للهيئة، بشكل جعلها في وضع تصادمي مع أطياف كثيرة من المجتمع، ويقول لـ "العربي الجديد :"لا أحد يقول بإلغاء الجهاز، لأن هذه الخطوة ليست من صلاحيات مجلس الشورى، ولكن لا يمنع ذلك من أن إعادة تنظيم عمل الهيئة أمر جيد، خاصة بعد تقليص الكثير من صلاحياتها".
وكانت الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد أكدت في تقريرها للعام 2016 على أنها تعاملت مع نحو 200 ألف قضية، انتهت 180 ألفا منها بالتعهد، فيما تعاملت في عام 2015 مع أكثر من 380 ألف قضية و أن 92 في المائة من تلك القضايا انتهت بالمناحة وأخذ التعهد على أطرافها مع تحويل البقية للجهات المختصة.