عادت الحياة إلى طبيعتها بشكل سريع في مشعر منى، وأكمل أكثر من 1.8 مليون حاج رمي الجمرة الكبرى، بعد أن نجحت قوات الأمن في السيطرة على حادثة التدافع التي نتج عنها وفاة 717 حاجاً وإصابة أكثر من 863 آخرين.
وأوضح قائد قوات الطوارئ، اللواء خالد قرار الحربي، أن "جسر الجمرات ظل مفتوحاً ولم يتم إغلاقه"، مؤكداً أن "أكثر من مليون و800 ألف حاج دخلوا إلى جسر الجمرات في حركة انسيابية".
ويحتوي الجسر على خمسة مستويات أو طوابق في الجمرات، وكانت الخطة المتبعة دخول 300 ألف حاج في الساعة الواحدة موزعين على كامل الأدوار والمداخل والمخارج.
وبحسب الحربي، فقد "شهد الدور الأرضي والأول لمنشأة الجمرات كثافة عالية، وأما بقية الأدوار فشهدت كثافة أقل، وهذا يعود لاتجاه الحجاج سواء من مكة المكرمة أو عبر الجانبين".
من جانب آخر، أكد شهود عيان لـ"العربي الجديد"، أن "السبب الرئيسي في التدافع كان خروج أعداد كبيرة من الحجيج من منشأة الجمرات إلى شارع العرب، وهو الذي خصص للذاهبين إلى الجمرات".
وقال الحاج وليد الزيد: "المنظر كان مخيفاً. مئات الآلاف من الحجاج تدافعوا في وقت مبكر لرمي الجمرات، وغالبيتهم لا يتحدثون العربية جيداً، ولا يفهمون تعليمات الأمن، وكيف أن الطريق من اتجاه واحد. بعد أن رموا جمراتهم، أرادوا العودة من المكان ذاته، ما تسبب في الكارثة".
وعاش الحجاج لحظات عصيبة ومؤلمة جراء كثرة الوفيات والتدافع الذي استمر لفترة طويلة في شارع العرب دون بقية الشوارع المؤدية للجمرات.
وقال الحاج يوسف السويدي: "فوجئنا بالآلاف من الجالية الأفريقية يتقدمون ناحيتنا بشكل معاكس، ولم ينجح رجال الأمن في ثنيهم عن ذلك. ربما لم يفهموا التعليمات جيداً، ولكن وقعنا بين المطرقة والسندان، وبلا سبل للهروب من التدافع، فسقط المئات من كبار السن تحت الأقدام، وماتو دهساً"، وأضاف: "حدث كل شيء في دقائق. كان أشبه بزلزال لا يمكن تلافيه".
اقرأ أيضاً: يوم عرفة... يوم النساء وأطفالهن في المسجد الحرام
وبحسب متخصصين، فإن "ما حدث كان سببه دخول الآلاف من الحجاج المخالفين عبر التسلل من جدة ومكة المكرمة للمشاعر المقدسة، وخاصة أن الحملات الرسمية التي تنظم بشكل جيد لم تعانِ من أية مشاكل".
وفي هذا السياق، أشار الدكتور عبدالعزيز القاسمي إلى وجود "مقترح سابق ببناء أسوار على جبل عرفات كي لا يتم تسلل الحجاج المخالفين للمشاعر، ولكن تم رفضه خوفاً من أن يتسبب في تدافع الحجاج في عرفات".
وأضاف: "حين يُمنع التسلل لعرفات سيمنع التسلل للحج، وسيكون كل حاج مسؤولاً من حملة هي من توجهه، وتبعده عن أماكن التدافع والزحام".
وكانت الجهات الأمنية منعت دخول أكثر من 358 ألف حاج، لم يحملوا تصريح حج. كما تم ضبط 70 مكتب حج وهمي والتحفظ على أكثر من 13 ألف مركبة قامت بنقل حجاج غير نظاميين.
لكن قرابة 150 ألف حاج نجحوا في الدخول للمشاعر بلا تصريح رسمي بالحج، عن طريق قطع المسافة بين جدة ومكة المكرمة مشياً على الأقدام.
في شأن آخر، شهد قطار المشاعر المقدسة، مساء اليوم، ازدحاماً هائلاً يفوق طاقته الاستيعابية، ما تسبب في حدوث تدافع أثناء صعود الحجاج عند المحطة رقم (2)، وخالف الكثير من الحجاج الأنظمة وقاموا بافتراش ساحة المحطة، ما تسبب في تأخر القطار أكثر.
وكان تعطل النظام الآلي لفتح أبواب قطار المشاعر المقدسة، أمس، تسبب في حدوث زحام أدى لتجمع الحجاج بأعداد كبيرة في محطة القطار الثالثة، ما تسبب بوقوع 204 حالات إغماء وإجهاد.
إلى ذلك، قررت أمانات الرياض والمنطقة الشرقية وعسير وجدة تأجيل احتفالات العيد المقرر إقامتها الليلة بسبب التدافع الذي وقع في مشعر منى، ويتوقع أن تقوم بقية المناطق بالأمر ذاته.
اقرأ أيضاً: الداخلية السعودية: لا محاولات إرهابية في الحج