السعودية تفشل مجدداً في "محاربة الطائفية" على المنابر

11 نوفمبر 2014
نددّ خطباء كثر بحادثة الأحساء (فايز نور الدين/فرانس برس)
+ الخط -
فشلت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية، للمرة الثانية وفي أقل من شهرين، في إحكام السيطرة على منابر المساجد من أجل توظيفها للتصدّي للإرهاب والطائفية، وذلك بعدما تجاهلت مجموعة من الخطباء التعميم الصادر بعد "حادثة الأحساء"، الذي يحثّهم على استنكار العملية التي أودت بحياة 8 مواطنين واثنين من رجال الأمن.

وعلمت "العربي الجديد" أن "الوزارة بدأت تنتقل من مراقبة المنابر إلى مراقبة الحسابات الشخصية للأئمة والخطباء على شبكات التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال تشكيل لجنة مكونة من مجموعة من الدعاة وموظفي الوزارة، ومهمتهم رصد التجاوزات وكتابة تقارير عنها، وبعد ذلك رفعها إلى الإدارة المسؤولة حتى تتخذ الإجراء اللازم". ويتراوح الإجراء ما بين "لفت النظر والتعهد الخطي بعدم تكرار الفعلة، أو الفصل من المهمة بشكل نهائي إن لزم الأمر"، بحسب أحد العاملين في الوزارة.

وسبق للوزارة أن أوقفت 17 خطيباً في سبتمبر/أيلول الماضي، كونهم لم يلتزموا في حينها بتجريم حادثة "شرورة"، التي راح ضحيتها أربعة من رجال الأمن، إضافة إلى مقتل خمسة من المطلوبين، وإصابة آخر.
وعلى الرغم من التفاعل الشعبي الذي تسببت فيه حادثة الأحساء، إلا أن مراقبين ذكروا أن سبب تجاهل عدد من الأئمة للحديث عن هذا الموضوع بشكل خاص، "عائد إلى ارتباط الحادث بالطائفة الشيعية، وهنا يتحسس السلفيون من مخاطبة جماهيرهم بألفاظ ناعمة، تشدد على ضرورة احترام مذهب، ظلوا لسنوات حريصين على إطلاق فتاوى تكفيره".

ورأى المراقبون أن "هناك عاملاً آخر، سبق وأن تكرر في حادثة شرورة، وهو تخوّف بعض الخطباء من معاداة التيار الجهادي في البلد، نظراً للتقاطع معهم في العديد من الأفكار". وانقسم خطباء الجمعة الماضي، إذ على الرغم من التزام البعض بالتوجيه الذي أصدرته وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، بتناول حادثة الأحساء، والتركيز عليها، إلا أن آخرين سلكوا مسلكاً آخر، مفضلين الحديث عن أهمية "الأمن والأمان"، من دون الإشارة إلى الحادثة بأي ذكر، بينما تجاهل خطباء آخرون الأمر، على رغم التعميم الوزاري الملزم لهم.

وخصص بعض أئمة الجمعة خطبهم للحديث عن "جريمة الدالوة"، مؤكدين أهمية "الوقوف ضد دعاة الفتنة". ولفتوا إلى أن محافظة الأحساء "تُشكّل نموذجاً مثاليّاً للتعايش بين المذاهب الإسلامية، فالسنة والشيعة عاشوا لقرون في تآخٍ ومحبة، ويجب أن يُعتبر ذلك مكسباً، ولا يجب أن تعطى الفرصة لأي مخرّب ليُعكّر صفوه". ووصف هؤلاء الخطباء الحادثة بـ"البشعة"، مشبّهين إياها بـ"خنجر طعنت به خاصرة الوطن، وذهب ضحيتها أبرياء من أطفال ورجال، إضافة إلى رجال أمن دافعوا عن وحدة واستقرار أمن البلاد".

ووصفت الخطب من قام بتلك الحادثة بأنهم "بغاة على الدين وأمن الوطن"، مشددين على أن المرحلة الحالية تتطلب "نبذ الأصوات كافة التي تبث نيران الفرقة والضغينة، ومحاولة تجاوز هذه الأزمة بسلام، والتمسك بالوحدة والاستقرار".

وفي السياق ذاته، لجأ خطباء إلى التركيز على شقّ "الأمن والأمان" كمحاور رئيسية لخطبتهم، من دون تخصيص حادثة الأحساء بالذكر. إذ نددوا "بكل فعل قد يؤدي إلى المساس بهما"، مطالبين بضرورة إيقاف من سموهم بـ"المجرمين" أو "الخوارج، لحقن الدماء، والسلامة من العدوان وهتك الأنفس المعصومة". واعتبروا أن "القتل من دون سبب شرعي يستحق مرتكبوه أقسى العقوبات".

وفي المقابل، تجاهل خطباء آخرون الحادثة برمتها، مفضلين الحديث عن أمور شرعية ودينية أخرى. وهو الأمر الذي اعتبره مراقبون بحاجة إلى "وقفة حاسمة" من الوزارة، كونه يعطي "مؤشراً خطراً". ولفتوا إلى أن "دور المساجد يجب أن يفعّل في حفظ الأمن".

دلالات