أكد وزير التعليم السعودي، أحمد العيسى، أن هناك دراسة لتخصيص بعض المدارس الحكومية، وتخصيص جزء كبير من مؤسسات التعليم في البلاد، دون أن يفصح عن الطريقة التي سيتم بها ذلك، أو عدد المدارس التي ستطرح للتخصيص.
وأكدت مصادر داخل الوزارة لـ"العربي الجديد" أن الفكرة لا تزال في طور الدراسة، وأن النية تتجه نحو تخصيص "المدارس الجديدة والنموذجية التي ستكون مغرية أكثر للمستثمرين من المدارس القديمة".
ويأتي التوجه التعليمي بعد أقل من عشرة أيام من تأكيدات وزارة الصحة على أنها تدرس تخصيص مستشفياتها، في ما يمكن اعتباره توجهاً رسمياً في البلاد للتغلب على عجز الميزانية وانخفاض أسعار النفط.
ولا يلقى التوجه قبولاً لدى المختصين في التعليم، خصوصاً في ظل سلبية تجربة التعليم الأهلي، ويؤكد المختص في التعليم، محمد المزيني، أن فكرة وزارة التعليم خصخصة عدد من المدارس الحكومية وتحويلها إلى مدارس مستقلة، يؤكد أن الوزارة باتت غير قادرة على التركيز على التعليم نفسه والمناهج وشؤون المعلم والطالب.
وأصبح جُل وقتها في إدارة ومتابعة المشاريع وجودة المباني، فآثرت الوزارة الخصخصة لعدم التفرغ، خصوصاً وأن التعليم يحظى في كل عام بالنسبة الأكبر من الموازنة السنوية للدولة.
وقال المزيني لـ"العربي الجديد" "هناك تناقص في وتيرة إنجاز المدارس الجديدة، فلم ينفذ في عام 2014 سوى 356 مدرسة جديدة بمختلف مناطق السعودية، وما زال العمل جارياً منذ بداية العام الماضي على تنفيذ 1680 مجمعاً ومدرسة".
وأضاف "من الملاحظ أن وتيرة العمل تتناقص سنوياً، ففي عام 2013 تم إنجاز 494 مدرسة، وفي عام 2012 تم تنفيذ 750 مدرسة جديدة، وفي عام 2011 تم تنفيذ 920 مدرسة، هذا الانخفاض مخيف، ويقابله ارتفاع نسبة المدارس المستأجرة، حتى وصلت أكثر من 11 ألف مدرسة تمثل 42 في المائة من المدارس في السعودية".
وتابع "أعتقد أن الوزارة بدأت تبحث في خفض المصروفات وإيجاد إيرادات، من خلال إشراك القطاع الخاص ليجني أرباحاً، ولكن هذا أمر غير صحيح، لأن دور وزارة التعليم هو تقديم خدمة وليس تحقيق الأرباح، يجب ألا يكون التعليم فرصة لزيادة دخل الدولة وتغير الأهداف".
وأكد مدير المدرسة المتقاعد، إبراهيم التركي، أن نية الوزارة التوسع في التعليم الأهلي لا يجب أن يكون على حساب التعليم الحكومي الذي هو حق لكل مواطن، ولا يمكن المساس به، وقال لـ"العربي الجديد" "هناك عدة تساؤلات حول تطبيق المفهوم على التعليم العام نظرياً وعملياً.
كما أن المقارنة وتقليد الدول المتقدمة ليست بالضرورة مناسبة، فتخصيص التعليم أمر يختلف عن المرونة في إنشاء مدارس خاصة متنوعة، حيث يحمل التخصيص مخاطر قد تكون أكبر من الفوائد المرجوة منه".
وأوضح أن "أكبر الجامعات العالمية الخاصة هي كيانات لا تهدف إلى الربح، ولا تقوم على الرسوم المدفوعة من أهالي الطلاب، ولكن المدارس والجامعات الخاصة لدينا تهدف إلى الربح فقط، وبالتالي لديها الاستعداد لقبول الطلاب الأقل تأهيلاً في الجامعات الحكومية في كليات الطب وطب الأسنان وغيرها من التخصصات. وكل هذا يأتي على حساب الكفاءة في التأهيل".
وشدد التركي على أنه "لا بد للتعليم العام أن يكون المسيطر والأكبر، لأن التعليم في السعودية إلزامي لمن هم دون 12 عاماً، والخوف هو أن تتوسع الوزارة في فكرة التخصيص حتى لا يجد الأهالي سوى مدارس خاصة، ويضطرون للدفع لتعليم أطفالهم".
واعتبر أنّ "هناك الكثير من الممارسات غير التربوية في المدارس الخاصة، ولهذا علينا قبل أي شيء التفكير وفهم تأثيرات فكرة تخصيص التعليم، فالطريقة التي تدار بها المدارس الأهلية لا تشجع على تسليم التعليم لهم".
اقرأ أيضاً:دراسة تكشف أشكال الفساد الأكاديمي في الجامعات السعودية