السجون السريّة في ليبيا: حفتر على خطى العقيد

13 يونيو 2014
أهالي في درنة اتهموا حفتر بخطف ذويهم
+ الخط -

حدث هذا بعد اندلاع ثورة السابع عشر من فبراير، انتهكت كتائب القذافي حقوق الثوار وداعميهم فقتلت وعذبت واغتصبت بمصراتة ومدن الجبل الغربي والزاوية وزوارة، ومَن وصلت إليه أيديهم من ثوار الشرق الليبي، ووثّقت المنظمات المعنية بحقوق الإنسان حول العالم هذه الانتهاكات في صورة تقارير مشفوعة بشهادة مَن نجا من الضحايا أو شهود عيان، أو اعترافات بعض مرتكبي هذه الجرائم.

فقد أذاق الثوار، مَن طالته أيديهم، من الكأس نفسها التي شربوا منها في عهد النظام السابق الذي ثاروا على بطشه وظلمه، خصوصاً في مجال التعذيب والغياب الكامل للقانون والقضاء، وانتشار ظاهرة السجون السرية حيث لا يُعامل الانسان فيه كانسان ولا كحيوان حتى أحياناً.
ولا تزال السلطة المركزية في ليبيا تعاني، حتى اليوم، ممثلةً بالحكومات المتعاقبة بعد ثورة 17 فبراير 2011، من عدم سيطرتها الكاملة على سجون خاضعة للكتائب المسلحة. ولا يزال نجل العقيد معمر القذافي، سيف الإسلام، مثلاً، معتقلاً في الزنتان، وترفض كتائب المنطقة تسليمه للسلطة المركزية، بل وتجري محاكمته عبر دائرة تلفزيونية مغلقة.

وفي السياق، تتم محاكمة الكثير من رموز النظام السابق في مدينة مصراتة، وفق القوانين الجنائية الليبية في المدينة، كأحمد إبراهيم القذافي، وهو أحد أهم منظري "الفكر الأخضر" زمن العقيد الراحل، وقد نشرت تقارير حقوقية تفيد بتعرض سجناء في مصراتة لانتهاكات.

لا يختلف الحال عن مقر السلطة المركزية في طرابلس، إذ لم تضع الدولة، ممثلة في وزارة العدل، كامل يدها وسلطتها على سجون العاصمة، فكل ميليشيا لديها سجونها الخاصة ومعتقلاتها السرية، والتي تقيّد فيها حرية المناوئين لتلك الميليشيات من دون مراعاة لضوابط قانون الإجراءات الجنائية، أو قانون العقوبات الليبي، بحسب جمعيات حقوقية.

من جهة أخرى، سار اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الرفيق القديم للقذافي في انقلاب سبتمبر/ أيلول عام 1969، على نهج النظام السابق من تدشين سجون سرية يتم فيها خطف معارضيه من دون محاكمات، إضافة إلى أن أهالي المعتقلين لا يعرفون أماكن حجز ذويهم ويمنعون من الاتصال بهم وزيارتهم، وذلك منذ أطلق الرجل عمليته العسكرية في بنغازي التي سماها "الكرامة" ضد مَن يصفهم بـ"المتطرفين والإرهابيين"، في منتصف مايو/ أيار الماضي.

وقد اعتقل مقاتلو حفتر، أخيراً، طارق جمعة الدرسي، من مدينة المرج شرق بنغازي، بسبب موقفه المعارض لـ"عملية الكرامة"، وتم ترحيله إلى سجن سري، حيث جرى تعذيبه بوحشية وضربه بقطع حديدية إلى جهة القلب، ما أرداه قتيلاً. وعُرف عن الدرسي اعتداله الديني وعضويته في "هيئة علماء ليبيا".

في المقابل، يجري اعتقال أي شاب يُعرف عنه أنه من مدينة درنة الساحلية (300 كيلومتر شرق بنغازي) في بوابات المرج والعقورية وبوابة برسس (جميعها شرق بنغازي)، وهي بوابات تخضع لما يُعرف بـ"جيش برقة الانفصالي" التي انضمت إلى قوات حفتر، فور إعلان حملته في بنغازي.

وتم اختطاف يونس البلالي (75 عاماً)، وسالم دربي (50 عاماً) في بوابة المرج وإحالتهم إلى سجن قرنادة، الواقع في نطاق مديرية أمن مدينة شحات في الجبل الأخضر، وذلك في نهاية شهر مارس/ آذار الماضي. ويشبّه بعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، سجن قرنادة، بسجن أبو سليم سيئ الذكر، وهو أحد أشهر السجون الليبية زمن القذافي، والذي قُتل فيه عام 1996 أكثر من 1200 معتقل.

من جهة ثانية، نظّم المجلس المحلي ومؤسسات مجتمعية وأهالي في درنة، وقفة احتجاجية في "ميدان الصحابة"، احتجاجاً على خطف ميليشيات حفتر لخمسة أشخاص من أبناء المدينة، على حد تعبيرهم، في بيان استنكروا فيه القبض على مواطنين من مدينة درنة "على أساس الهوية".