ظلت المبادرة التونسية بشأن ليبيا، التي انضمت إليها الجزائر ومصر لاحقا، طيلة أشهر، داخل نفق مسدود، بسبب فشلها في جمع كل الفرقاء الليبيين، وخصوصا قوى الشرق الليبي، على رأسها اللواء المتقاعد، خليفة حفتر.
ورغم استقبالها رئيس برلمان طبرق، عقيلة صالح، الذي عبّر عن تأييده للمبادرة الثلاثية، إلا أن الوضع بقي على ما هو عليه بسبب رفض حفتر، إذ لم يتجاوب مع دعوات زيارة تونس مرات عديدة، لكن يبدو أن الوضع بصدد التغيّر، بعدما تحادث هاتفياً مع الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، اليوم، فيما اعتُبر كسرا للجليد بين الطرفين من ناحية، واختراقا تونسيا للملف اللليبي، وإنهاء للعلاقة الحصرية التي كانت تجمع حفتر بمصر.
وبحسب بيان للرئاسة التونسية، فإن حفتر عبّر للسبسي عن "دعمه الكامل للمبادرة الثلاثية وللمساعي المبذولة من أجل حلحلة الأوضاع في ليبيا، مجدّدا ترحيبه بالدعوة الموجهة إليه لزيارة تونس، وتلبيتها في قادم الأيام".
وأشاد حفتر، الذي وصفه البيان بـ"قائد الجيش الليبي"، بـ"مكانة تونس ودورها الهام في تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف الليبية"، غير أن اللافت في هذه المكالمة هو أنها تمت أثناء استقبال السبسي لعضو المجلس الرئاسي الليبي، علي القطراني، القريب من حفتر، إذ أكد السبسي، مرة أخرى، "وقوف تونس المبدئي إلى جانب الشعب الليبي، وحرصه على عودة الأمن والاستقرار في ليبيا في أقرب وقت ممكن، من خلال تشجيع الحوار بين مختلف الأطراف، وإقناعها بأهمية تجاوز الخلافات للوصول إلى توافق ليبي- ليبي يُفضي إلى إيجاد حلّ للأزمة القائمة، تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة".
مراقبون مطلعون في تونس أكدوا لـ"العربي الجديد"، أن هناك متغيرات كبيرة في الملف الليبي تتعلق أساسا بتغير الموقف الأميركي بشأن الحل في ليبيا.
يذكر أن رئيس الحكومة التونسية، يوسف الشاهد، توقف، خلال زيارته للولايات المتحدة الأميركية، عند الملف الليبي، وحاول إقناع مضيفيه بأن "تونس تمثل نقطة التحول في الحل الليبي وأنها اللاعب الرئيسي في هذا الإطار"، خصوصا وأنها "على علاقة جيدة مع أغلب الفرقاء، باستثناء حفتر، المنضم حديثا لقائمة الداعمين للمبادرة، وعلى تناغم تام مع الجزائر في حل الأزمة الليبية، وأنها تعمل على إقناع مصر بالمبادرة".
من ناحية أخرى، قالت مصادر ليبية في تونس لـ"العربي الجديد" إن "هناك مبادرة جديدة، ربما يتم الإعلان عنها قريبا في تونس، سيطرحها أعيان ومشايخ ليبيون تقوم على توحيد الليبيين، وينتظر أن تلعب تونس دوراً في هذا الصدد".
وبحسب مراقبين، فقد نجحت تونس، بلقاءات اليوم، في إقناع الجناح الغائب عن مبادرتها، التي تقوم بالأساس على عدم إقصاء أي لاعب في الساحة الليبية، مضيفين أن "ذلك سيتطلب وقتا وجهدا كبيرين، بالنظر إلى تعدد الأطراف واختلاف رؤاها للحل، ولكن يبدو أن المتغيرات الدولية ستسرّع من وتيرة المساعي وإمكانية توصلها إلى إنهاء الأزمة المتواصلة منذ سنوات، خصوصا أمام فشل الحل العسكري في حسم الأمور على الأرض".