ويشرف السبسي، بشكل استثنائي، على اجتماع مجلس الوزراء، بحضور رئيس الحكومة يوسف الشاهد، بحسب ما توفر من معطيات لـ"العربي الجديد"، للنظر في مشروع قانون يعدل القانون الأساسي للمحكمة الدستورية، بشكل يخفض الغالبية المطلوبة لانتخاب بقية الأعضاء في البرلمان، وعددهم ثلاثة أعضاء.
ويبدو أن وزارة العدل التونسية ومصالح القانون برئاسة الجمهورية أنهتا النظر في هذه المبادرة الرئاسية التي سيقدمها السبسي كما وعد في خطابه بمناسبة عيد الاستقلال، لحل أزمة المحكمة الدستورية التي تعطل تنصيبها رغم مرور 4 سنوات على المصادقة على دستور الجمهورية الثانية في 2014، ومرور أكثر من سبع سنوات على اندلاع الثورة.
ويسعى السبسي إلى حل أزمة انتخاب الأعضاء الثلاثة المتبقين في حساب البرلمان، بعد أكثر من شهر ونصف على فشل مجلس النواب في دورتين من اختيارهم.
من جانبه، عقد رئيس البرلمان، محمد الناصر، اليوم الثلاثاء، اجتماعاً مع رؤساء الكتل النيابية الثمانية، خصص لـ"تحسيس الكتل بضرورة التعجيل بانتخاب بقية الأعضاء"، مع الإشارة إلى أن مكتب البرلمان الدوري، الذي سينعقد على الأرجح بعد غد الخميس، سيتداول في أجندة تفصيلية لإعادة فتح باب الترشيحات من جديد وضبط مواعيد عملية الانتخاب في الجلسة العامة.
وأفلح البرلمان، في 21 من مارس/ آذار الماضي، في انتخاب عضو وحيد، وهي القاضية روضة الورسغيني، لتتعطل بعد ذلك عملية الانتخاب، بعدم إحراز أي مرشح غالبية ثلثي المجلس (145 صوتاً)، في وقت تتجه المبادرة الرئاسية إلى خفض الغالبية المطلوبة إلى الغالبية المطلقة للأصوات، أي 109 أصوات، بهدف تسهيل العملية الانتخابية.
ويرفض عموم القضاة التونسيين المسّ بالقانون المتعلق بإحداث المحكمة الدستورية، عبر خفض الغالبية المطلوبة، والتي تمثل صمام أمان لضمان الحد الأدنى من الاستقلالية والحياد.
ودعا رئيس جمعية القضاة التونسيين، أنس الحمادي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، مجلس نواب الشعب إلى "التعجيل بانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، واحترام القانون الذي ينص على قاعدة انتخاب ثلثي أعضاء البرلمان (145 نائباً) لأعضاء المحكمة الدستورية (4 أعضاء)"، مشيراً إلى "ضرورة النأي بالمحكمة الدستورية من التجاذبات السياسية والحزبية".
من جانبها، ترفض المعارضة البرلمانية، وفي مقدمتها "الجبهة الشعبية" و"الكتلة الوطنية"، المسّ بقانون المحكمة الدستورية "بهدف تغيير قواعد اللعبة الانتخابية لضمان المرور بقوة نحو إرساء محكمة دستورية خاضعة للائتلاف الحاكم".
وترى المعارضة أن رغبة السبسي في خفض الغالبية الانتخابية هدفها "عرقلة دور المعارضة في فرض حياد ونزاهة واستقلالية الأعضاء المنتخبين، في وقت يبحث عن فرض غالبية ميسرة يستطيع حزبا "النهضة" و"النداء" بمفردهما حشدها".
وتعد هذه المبادرة الرئاسية، التي سينظر فيها مجلس الوزراء، الثانية؛ فقد سبق وتدخل الرئيس السبسي لـ"حل إشكال المجلس الأعلى للقضاء".
وتوشك المدة البرلمانية على الانتهاء مع العام 2019، فيما يتخبط البرلمان في صراعات سياسية وتجاذبات حالت دون التوافق حول مرشحين ثلاثة لعضوية المحكمة الدستورية.
ويرجح مراقبون أن تنصيب المحكمة الدستورية لن يرى النور هذا العام، فعلاوة على المسار الطويل والمتعثر لمناقشة القانون الجديد، الذي سيقترحه السبسي، والمرفوض من قوى المعارضة الشرسة، فإن مسار الانتخابات وإعادة فتح الترشيحات من جديد سيستغرق وقتاً طويلاً.
وفي حال أتم البرلمان انتخاب 4 أعضاء، ينطلق مسار الشد والجذب على مستوى المجلس الأعلى للقضاء، الذي يعيش بدوره عدة صراعات داخلية.
وحتى تكتمل تشكيلة مجلس المحكمة الدستورية (12 عضواً)، وتشرع في أعمالها، تبقى على الرئيس السبسي في نهاية المطاف مسؤولية تعيين 4 أعضاء آخرين.