السبسي في الجزائر: تهدئة الخواطر والأزمة الليبية

15 ديسمبر 2016
الزيارة الثانية للسبسي إلى الجزائر منذ توليه السلطة(فاروق بطيشة/AFP)
+ الخط -



توجّه الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، ظهر الخميس، إلى الجزائر، في زيارة قصيرة، هي الثانية له منذ توليه السلطة، والتقى خلالها الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة. وبحسب مصادر خاصة تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن اللقاء الذي جمع "الصديقين"، تناول ثلاثة ملفات رئيسية: الوضع الأمني بين البلدين، وليبيا، ورفع اللبس حول موضوع الطائرات من دون طيار، والتعاون التونسي الأميركي الوثيق في هذا المجال.

ولا تستبعد المصادر أن تتم طمأنة الجزائر، المنزعجة من تحليق الطائرات التي تحدث عنها الرئيس السبسي لوسائل إعلام، والتي أكد فيها أن هذه الطائرات الأميركية التي يتدرب عليها تونسيون، تقوم بمراقبة الحدود التونسية الليبية، ويجري تقاسم المعلومات بين البلدين، وهو ما أثار حفيظة الجزائر التي تتحسس من هذه المواضيع.

ولعلّ الرئيس التونسي سينجح في إقناع مضيفه الجزائري بجدوى هذا التنسيق في هذه المرحلة بالذات، التي تتسم بتحركات مكثفة على الحدود، بسبب تطورات الوضع في ليبيا، وإمكانية تحرك مجموعات إرهابية وأفراد نحو التراب التونسي والجزائري، مع تجديد التأكيد على عدم قيام هذه الطائرات بأي نشاط يزعج الجزائر.

هذا الأمر لفت إليه السبسي خلال استقباله رئيس الوزراء الجزائري، عبد المالك سلال، بمناسبة افتتاح مؤتمر الاستثمار "تونس 2020"، وقال بصراحة إن "أمن واستقرار الجزائر من أمن واستقرار تونس، ولا مساس بالحرمة الترابية للبلدين".

وتشير المصادر ذاتها لـ"العربي الجديد" إلى أن الجزائر، على الرغم من قلقها، لا ترغب في إزعاج السبسي، إذ رفضت استقبال شخصية حزبية تونسية رفعت من حدة معارضتها للحكومة وللرئيس السبسي في الآونة الأخيرة. ورفضت حتى لقاءه بشخصيات من الصف الثاني، حتى لا تشوش على الزيارة من جهة، ولتوجه رسالة للجميع بأن علاقة الصداقة التي تربطها بالسبسي وببعض القيادات التونسية الأخرى، ليست محل مزايدة، وأن هذا القلق يجري حلّه بلقاءات صريحة، وليس عبر القفز أو الالتفاف عليها.

وترى المصادر أن قضية الطائرات، على أهميتها، تعتبر ثانوية أمام ملف التعاون الثنائي في مواجهة الاٍرهاب، وأمام الملف الليبي على وجه الخصوص، والذي يشهد تطورات متسارعة تستوجب تنسيقًا عاليًا بين البلدين، خصوصًا أن رؤاهما متقاربة حول تطوراته.






وتبدو تفاصيل هذا الملف متعددة، وتشمل أكثر من محور أمني ودبلوماسي وسياسي، إذ تتسارع التطورات الأمنية في ليبيا، وتتغير موازين القوى بشكل مطّرد، خصوصًا على مستوى الشق الغربي للبلاد، الذي يهم تونس والجزائر، بداية من طرابلس وصولًا إلى الحدود الليبية التونسية الجزائرية، وهي منطقة بدأت تتحول إلى منطقة اضطرابات كبيرة في الأسابيع الأخيرة.

لكنها تشهد، في الوقت نفسه، تطورات سياسية ليبية أيضًا، ببروز قوى كانت تكتفي بالمراقبة إلى حد الآن، وأصبحت تعلن عن نفسها بوضوح في هذه المنطقة الجغرافية، وهي قريبة من نظام العقيد الراحل معمر القذافي.

وسيكون على البلدين، اللذين لا يمانعان، بحسب المصادر، في مصالحة ليبية واسعة تشمل أيضًا رجال القذافي، أن ينسقا في هذا الملف، خصوصًا أنهما يؤمنان بأن المصالحة الشاملة هي الحل الأنسب، وربما الوحيد لإنهاء الأزمة الليبية.

ولكن هذين المحورين يتطلبان أيضًا تنسيقًا دبلوماسيًا، لا يغفل دور مصر، الجار الثالث لليبيا، والمتوغل في تفاصيل التطورات الليبية أكثر من الجزائر وتونس. وسبق للرئيس السبسي أن أشار، بوضوح، خلال تصريحات إعلامية مباشرة، إلى أن لقاء الدول التي لديها اتصال مباشر حدودي وجغرافي وأمني واقتصادي مع ليبيا يمكنه أن يسهم في وضع حلول للأزمة. ولفت إلى تونس والجزائر ومصر، مشدّدًا على أن تونس تدعو لذلك، ولم يوضح أسباب عدم انعقاد هذا الاجتماع الثلاثي.

وترجّح المصادر أن يتم التطرق في هذا اللقاء إلى إمكانية عقد لقاء قمة بين البلدان الثلاثة لتدارس الوضع في ليبيا، وربما التوصل إلى اتفاقات، على الرغم من صعوبتها، إذ يمسك كل بلد من هذه البلدان بجزء من خيوط اللعبة في ليبيا، ضمن خلاف واضح ومعروف حول مقاربات معالجة الأزمة.



المساهمون