بعدما فشلت إجراءات عقابية فرضتها الدول المحاصرة في تقويض الاقتصاد القطري الذي أبدى مرونة في التعامل مع الأزمة عبر بدائل سريعة، بدأ المحاصرون الأربعة (السعودية، الإمارات، البحرين ومصر) استغلال منصاتهم الإعلامية في حرب اقتصادية من نوع لم تعهده القطاعات التي لا تعترف بغير الأرقام الرسمية، كما هو حال الاقتصاد.
وعمدت وسائل إعلام تابعة لدول الحصار، مؤخرًا، إلى ترويج شائعات لزعزعة استقرار العملة القطرية، بعدما أبدى الريال متانة أمام العقوبات، خاصة بعدما أظهرت مؤشرات دولية قفزة في أسعار الريال القطري بالأسواق الآجلة، الأسبوع الماضي، في مؤشر على أنه تجاوز جدران الحصار واحتفظ بثقة المستثمرين الأجانب المتعاملين مع قطر.
ومن بين الشائعات التي عمد إعلام دول الحصار إلى ترويجها، تراجع سعر الريال ووقف التعامل به في مصارف وصرافات أجنبية أو نقص العملات الأجنبية في السوق المحلية بقطر، وسط تجاهل أن احتياطات وأصول قطر الدولارية تعادل عشرات أضعاف ما هي عليه في مصر والبحرين -مثلاً- مجتمعين. تلك شائعات فندتها تقارير دولية موثوقة فضلاً عن تصريحات مسؤولي البنك المركزي القطري.
وأكد المحلل المالي، محمد النويلة، في تصريح لـ "العربي الجديد" على استقرار الريال القطري، وقلّل من تأثر الريال في السوق الداخلية جراء الحصار، معللاً ذلك بأن الميزان التجاري القطري يبلغ ملياري دولار شهرياً، أي بما يعادل 24 مليار دولار سنوياً، ما يمنح الريال القطري حالة من الاستقرار، على اعتبار أن الدول التي تتأثر عملتها بالأزمات يكون ميزانها التجاري سلبياً، ويكون حجم وارداتها أكثر من مردود صادراتها، قائلاً: "في مصر على سبيل المثال، نرى أن الجنيه المصري يتأثر سلباً ويتهاوى أمام أي أزمة بسبب العجز الكبير في ميزانها التجاري".
وذكر النويلة، عاملاً آخر لاستقرار الريال، ونجاح الحكومة في السيطرة على استقرار سوق الصرف، وهو أن الحكومة تملك نسبة كبيرة من موجودات المصارف والاستثمارات القطرية الداخلية.
ويرى المحلل المالي، أحمد عقل، أن احتياطي العملات الأجنبية لدى قطر من دولار أميركي وغيره، كاف جداً للدفاع عن العملة المحلية، حيث بلغ في مارس/آذار الماضي قرابة 34 مليار دولار، ما يؤكد على وفرة السيولة الدولارية في السوق المصرفية.
وأكد عقل في تصريحه لـ"العربي الجديد"، على أن المصارف القطرية قادرة على توفير السيولة اللازمة بالريال وبالعملات الأجنبية.
وحول زيادة الطلب على الدولار في الفترة الأخيرة، أفاد المحلل المالي، أن الطلب خلال الصيف، يزداد على الدولار نتيجة موسم السفر والإجازات، ومعروف أن المقيمين يقدمون على الدولار، أو عُملة بلدانهم الأصلية. لكن مع انطلاق المدارس تعود الأمور إلى طبيعتها، وفق رأيه.
وأكد مصرف قطر المركزي أن ما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام المختلفة بشأن التداول وسعر الصرف للريال القطري ليس له أي أساس من الصحة.
وأوضح المصرف الذي يدير السياسة النقدية، إن سعر صرف الريال القطري مستقر تماماً مقابل الدولار الأميركي وإن قابليته للتحويل داخل قطر وخارجها مضمونة في أي وقت بالسعر الرسمي.
واستند المركزي في بيان للصحافيين إلى جملة من المعطيات أهمها، اعتراف صندوق النقد الدولي به كعملة رسمية وكونه مغطى من جانب مصرف قطر المركزي باحتياطيات نقدية ضخمة، كما أن مصرف قطر المركزي سيضمن كل عمليات التحويل للجمهور داخل قطر وخارجها بدون تأخير وأن كافة البنوك وشركات الصرافة المحلية ملتزمة بإجراء التحويلات حسب ما هو معتاد عليه.
وفي سياق متصل، أكد الرئيس التنفيذي لبنك قطر الدولي الإسلامي أن سعر صرف الريال القطري لم يتغير، ولن يتغير، وأن ما يشاع مجرد تضخيم إعلامي لأغراض سياسية. مشيرًا إلى أن الاقتصاد القطري قوي، والبنوك لديها السيولة والاحتياطيات اللازمة لتلبية رغبات عملائها.
وأوضح عبد الباسط الشيبي، في تصريحات صحافية، أن سعر صرف الريال لم يتغير ولن يتغير، باعتبار أن العملة القطرية مدعومة باقتصاد متين، مؤكدًا أن ما يثار من شكوك مجرد زوبعة في فنجان، مشيرًا إلى أن قوة العملة في أي مكان تُقاس بالاقتصاد الحقيقي في الدولة، وليس ما يتداوله الإعلام من عناوين مفتعلة كما يرد في إعلام دول الحصار.
وقال عاملون في البنوك القطرية، إن قطر لديها أصول تقدر بنحو 335 مليار دولار مستثمرة في صندوق الثروة السيادي التابع لها، وهذه السيولة الضخمة قادرة على حماية العملة المحلية من عمليات المضاربة.
كما أنه بصادرات البلاد من الغاز التي تدرّ عليها مليارات الدولارات شهرياً، فإن قطر تملك من القوة المالية ما يكفي لحماية بنوكها من أية هزات حالية أو محتملة.