الرقابة الفنزويليّة تحاصر الإعلام والإنترنت

04 فبراير 2019
صحافيون يغطون الإفراج عن زملائهم يوم الجمعة(خوان باريتو/فرانس برس)
+ الخط -
مع استمرار حالة الفوضى في فنزويلا، إثر الأخذ والردّ بين السلطة المتمثّلة بالرئيس نيكولاس مادورو، والمعارضة المتمثّلة برئيس البرلمان الذي أعلن نفسه رئيساً مؤقتاً للبلاد خوان غوايدو، تدفع وسائل الإعلام أيضاً ثمناً غالياً، يتمثل بانتهاكات عديدة، يعتبر نظام مادورو أكبر مرتكبيها، إثر سيطرته على جميع المؤسسات، ما عدا البرلمان الذي تُسيطر عليه المعارضة منذ عام 2015. هكذا، رصدت مجموعات حقوق الإنسان المحلية والدولية مشاكل متواصلة على الإنترنت ومواقع التواصل، إلى جانب أساليب الرقابة على الإعلام واعتقال صحافيين، منذ الحادي والعشرين من يناير/ كانون الثاني الماضي.

معاناة للحقيقة
في فنزويلا تسيطر الحكومة على وسائل الإعلام، لذا تختلط على الشعب الحقيقة والشائعات ودعاية السلطة. في الفترة الأخيرة، مع تزايد الاحتجاجات، صار الوضع أكثر إرباكاً؛ رفض الرئيس نيكولاس مادورو التنازل عن السلطة فانطلقت الاحتجاجات في البلاد، ورافقتها موجة من الشائعات، بحسب ما يقول تقرير للإذاعة العامّة الأميركية.
ورغم الضجة في الشارع، لا يرى الجمهور هذه التفاصيل على شاشات التلفزيون التي تسيطر عليها الحكومة، ما اضطر العديد من الفنزويليين لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار.
كما تعرّض الإعلام المستقل للهجوم أو الإغلاق تدريجياً بمرور الوقت، وهكذا أصبح الإعلام الاجتماعي هو الوسيلة التي يعلم الشعب من خلالها ما يجري.

الرقابة على الإعلام
ازدادت القوانين في فنزويلا عدوانية تجاه الإعلام في البلاد، إذ ألغى رئيس البرلمان خوان غوايدو، الذي أعلن نفسه رئيساً بالوكالة للبلاد، عدداً من المقابلات التلفزيونية والإذاعية، فيما منعت اللجنة الوطنية للاتصالات وسائل الإعلام من نطق اسمه.
وتقول شبكة "غلوبال فويسز"، إنّ التقارير الواردة من وسائل الإعلام المستقلة عبر الإنترنت، تلاحظ كيف أن محطات الإذاعة في جميع أنحاء البلاد وقناة إخبارية تشيلية قد تم إقصاؤها من الأثير، أو طُلب منها تجنب تغطية الاحتجاجات أو الإشارة إلى خوان غوايدو كرئيس مؤقت.
كما أفاد الاتحاد الوطني لعمال الصحافة أنه في ماراكايبو، في الشمال الشرقي من البلد، تولّت المديرية العامة للاستخبارات العسكرية المضادّة، السيطرة على مقر القناة التلفزيونية الإقليمية GlobalTV.

وفي الوقت نفسه، طُلب من محطة الإذاعة المحلية Fe y Alegría أن "تجري مراجعات" على برامجها وأن تترك برامج معينة، مثل تلك التي تقودها منظمة حقوق الإنسان Provea.
ونقلت شبكة "بلومبيرغ" عن سيزار ميغيل روندون، أحد أشهر مذيعي الأخبار في البلاد، أنه سيغيب عن العمل لأسبوع بسبب القيود التي تفرضها سلطة تنظيم الاتصالات في فنزويلا. وقال روندون في فيديو نُشر على "إنستغرام": "لقد كنت ضحية رقابة قاسية، وهي تظهر هشاشة الديكتاتورية في وجه الحقيقة التي نستطيع أن نرويها".
كما توقفت صحيفة "ناسيونال"، إحدى أكبر الصحف اليومية في فنزويلا، ومن المنصات القليلة المنتقدة لمادورو، عن نشر نسختها المطبوعة الشهر الماضي، وألقت باللائمة على المضايقات الحكومية المستمرة منذ فترة طويلة ونقص المعلنين بسبب الاقتصاد المعطل في البلاد.
ولم يسلم الصحافيون من الاعتقالات، إذ أوقفت فنزويلا في 31 كانون الثاني/ يناير صحافيتين فرنسيتين وثلاثة صحافيين من وكالة الأنباء الإسبانية (إيفي)، وهم صحافي إسباني، ومصورة فيديو كولومبية، ومصور كولومبي، وسائقهم الفنزويلي، فيما طُرد أيضاً صحافيان تشيليان.
وطالب الاتحاد الأوروبي ومدريد وباريس بالإفراج عنهم، قبل أن يتم إطلاق سراحهم في اليوم التالي.

الإنترنت أيضاً
كل هذا أجبر الفنزويليين على الاعتماد على الإنترنت ووسائل الإعلام المستقلة، للوصول إلى المعلومات المهمة. ومع اختفاء المجتمع الدولي وتصاعد التوترات، من المتوقع أن تحدث المزيد من القيود على وسائل الإعلام التقليدية والإلكترونية على حد سواء.
يوم الأحد الماضي، عندما خاطب غوايدو الفنزويليين، تم حجب الوصول إلى تطبيق الفيديو المباشر على "تويتر"، بيريسكوب، لمدة 12 دقيقة من كلمته.
وفي الأسبوع الذي سبقه، عندما دعا إلى احتجاجات في مدينة مادورو، أوقفت شركة الاتصالات المركزية "كان تي في" منصات وسائل التواصل الاجتماعي، بما فيها "فيسبوك" و"يوتيوب"، وفقاً لما ذكرته مجموعة NetBlocks للرقابة على الإنترنت.
ويقوم المشروع المحلي VE Sin Filtro بجمع التقارير وإجراء الاختبارات، بالإضافة إلى مشاركة المعلومات حول كيفية التحايل على الحظر. وقد أبلغ وجود انقطاعات في أماكن مختلفة لوسائل الإعلام الاجتماعية، مثل "إنستغرام" و"تويتر" منذ 21 يناير/ كانون الثاني، في أجزاء مختلفة من البلاد.



تخطي الرقابة
عبر "واتساب"، ظهرت مجموعة تُدعى Servicio De Informacion Publica (خدمة المعلومات العامة)، وهي خدمة أنشأها الصحافيون الفنزويليون الذين سئموا من كل الأخبار الزائفة والرقابة المزوّرة في البلاد.
وكل بضع ساعات يصدر الصحافيون نشرة، يجري تبادلها بشكل كثيف عبر "واتساب" و"فيسبوك" و"تويتر"، وهي واحدة من محاولات تخطي قدرات مادورو الواسعة على التحكم في الأخبار عبر الإعلام والإنترنت.

ويرتقب متابعو الشأن الفنزويلي تصعيداً جديداً للأحداث، بعدما توقّع غوايدو أن يكون شهر شباط "حاسماً" لطرد مادورو من السلطة، داعياً لتظاهرة جديدة في 12 شباط/ فبراير، في ظلّ تأييد مادورو إجراء انتخابات تشريعية مبكرة ابتداءً من 2019 لتجديد البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة.
المساهمون