يؤكد التاريخ المكشوف أن حرب 1967 كانت حرب العدو المحتل على العرب ولم تكن حرب العرب على العدو، وحرب أكتوبر 1973 كانت حرباً لتحرير أراض سورية ومصرية ولم تكن باتجاه فلسطين. ويؤكد التاريخ المكشوف أن أرئيل شارون وصل إلى قلب بيروت عام 1982 ولم يطلق العرب رصاصة واحدة، ولم يكن الربيع العربي قد حل، وأصلى إيهود باراك غزة بالقنابل عام 2008 ولم يطلق العرب رصاصة واحدة ولم يكن الربيع العربي قد حل، وغمّ إيهود أولمرت لبنان بالقذائف عام 2006 ولم يطلق العرب رصاصة ولم يكن الربيع العربي قد حل، لا جبهة الصمود وفت بوعيد ولا دول المواجهة واجهت قدر الجغرافيا.
قبل أن يُسأل الربيع العربي ظلماً عن دم القدس بزعم أنه نقل ليبيا واليمن ومصر وسورية إلى لحظة فوضى، ونقل العرب من الانقسام إلى التيهان، يسأل سائل هل كان قذافي ليبيا فاتحاً للقدس وقد أغلق عقول الليبيين لأربعة عقود وبدد ثروات البلد يميناً وشمالاً، فما بنى بلداً ولا أسس دولة، وهل كان مبارك مصر زاحفاً نحو تحرير الأقصى وقد كان حليفاً متواطئاً في حروب على غزة، وهل كان أسد سورية أسداً وفي خصره الجولان المحتل ولم يطلق رصاصة تحرير، وهل كان صالح اليمني قائداً مغواراً على بوابات الأقصى وقد هدّ اليمن كما لم يهده كاره.
وقبل الربيع العربي يسأل سائل عن علاقات العرب بالعرب، كيف كانت العلاقة بين مصر وليبيا، وبين ليبيا وتونس، وبين سورية والعراق، وبين العراق والسعودية، وكيف كانت العلاقات بين الجزائر والمغرب، وبين المغرب وموريتانيا، حروب أم خصومات، وعداء أم عداء، ويسأل سائل عن الإرهاب وداعش، أأنجبه الربيع العربي، أم أنه ولد من رحم القمع والقهر، وقد كان تنظيم القاعدة وجماعات كثر قبل ذلك بعقود يضربون كالعميان من اليمن إلى الجزائر.
يشهد التاريخ أن الشاعر محمد الماغوط كتب قصيدته الشهيرة الفاضحة للعرب عن القدس قبل الربيع العربي، ورسم ناجي العلي حنظلة المتخم بالخيانات العربية قبل الربيع العربي، وكتب غسان كنفاني رواية الشمس التي يسرد فيها معاناة اللاجئين الفلسطينيين في دول العرب قبل الربيع العربي. قميص الربيع العربي قصير، لا يمكن أن يغطي سوءة العرب، فلا تختبئوا وراءه.