تسجل كرة القدم يوماً بعد آخر الكثير من اللحظات التاريخية، ويصنع النجوم الأمجاد بفضل تألقهم ليكتبوا ذكريات ذهبية في كتاب الساحرة المستديرة، قصة اليوم بطلها يبلغ من العمر 44 عاماً، هو عصام الحضري.
طوال 120 دقيقة في نصف نهائي بطولة أمم أفريقيا المقامة في الغابون، كانت قلوب المصريين تخفق مع كل فرصة لمنتخب بوركينا فاسو أو مصر، ومعهم ترقب ملايين العرب من خلف جهاز التلفاز، الجميع انتظر رؤية الانتصار الذي تحقق في نهاية الأمر من خلال ضربات الجزاء.
الفوز ونشوته انتقلا إلى اللاعبين، بينهم ذاك الحارس العملاق، الحضري في سن الـ44، يحمي عرين أحد أفضل المنتخبات الأفريقية العربية، وهو الذي بات الرقم واحد في هذه البطولة، بعد إصابة أحمد الشناوي في مباراة الافتتاح ليدخل ويحافظ على نظافة شباكه لأربع مباريات متتالية، قبل أن تهتز شباكه مرة واحدة فقط.
بالفرحة العارمة ركض الحضري كما كان يفعل دائماً طوال مسيرته في الملاعب، داخل المستطيل الأخير وتحت المرمى الذي أنقذ أمامه مئات الأهداف، على غرار أمم أفريقيا في أربع مناسبات وكذلك الأهلي بحصده لقب دوري الأبطال أربع مرات معه.
الحضري يثبت يوماً بعد آخر أن العمر مجرد رقم لا معنى له، وأن التألق لا يقاس بالتقدم في السن. حين بدأ في نادي دمياط كان الحارس المصري يحلم باللعب على أعلى المستويات، وفي صغره شاهد تأهل منتخب بلاده لآخر مرة سنة 1990 إلى كأس العالم، ومرّت الأعوام وبات هو الرقم واحد، لكن خيبة الأمل استمرت ولم ينجح في تمثيل بلاده في أكبر عرس عالمي.
السيوم الحضري على مقربة من كتابة التاريخ وتحقيق لقب أمم أفريقيا بانتظار هوية الطرف في الآخر في النهائي، لكن عصام بهذه الروح يثبت للجميع أنه كما يقول المثل "على قد الحمل"، فزميله السابق أحمد حسام "ميدو" قال كلمة تلخص حكاية أسطورة حين تألق أمام غانا في تصفيات كأس العالم 2018 في السنة الماضية: "الحضري بطل يجب أن يقتدي به شباب مصر في كل المجالات، الطريق الوحيد للنجاح هو الاجتهاد والإخلاص في عملك".
عصام الذي لعب لأندية عديدة مثل الأهلي، سيون السويسري، الإسماعيلي، والزمالك، والمريخ، وحالياً في وادي دجلة يقود مجموعة من اللاعبين لم يكن بعضهم قد ولد حين بدأ مسيرته في عالم كرة القدم، الإصرار على النجاح دائماً ما يصنع الأبطال، فهل تكتمل تفاصيل القصة بشكل مفرح؟ طبعاً الجواب سيكون في المعركة الختامية.