الرئيس الفلسطيني يقرر حلّ مجلس القضاء الأعلى

18 يوليو 2019
مجلس القضاء الأعلى في فلسطين (فيسبوك)
+ الخط -

قرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس اليوم الخميس، حلّ مجلس القضاء الأعلى، وإنشاء مجلس انتقالي لمدة عام، وجاء القرار بشكل مفاجئ، ودون معرفة السلطة القضائية به، فضلاً عن قرار آخر بتخفيض سنّ تقاعد القضاة إلى الستين.

وأدى المستشار عيسى أبو شرار، اليمين القانونية أمام الرئيس عباس، رئيسا للمحكمة العليا، ورئيسا لمجلس القضاء الأعلى الانتقالي.

وصدر القرار بحلّ المجلس الذي يمثل السلطة القضائية العليا في فلسطين، بعد نحو سبعة أشهر على حلّ المجلس التشريعي الفلسطيني، ما يعني أنه لم يبق في النظام السياسي الفلسطيني سوى السلطة التنفيذية التي يمثلها الرئيس محمود عباس.

وفاجأت قرارات عباس التي لها قوة القانون حول السلطة القضائية الرأي العام، وانقسم المتابعون بين من يرى أنها إحكام لقبضة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية التي تعاني من تدخلات أدّت إلى تآكل هيبتها وسلطتها، وبين من اعتبر القرارات بداية حقيقية لإصلاح القضاء الفلسطيني.

وأوردت الوكالة الرسمية الفلسطينية "وفا"، أنه "استناداً إلى الصلاحيات الدستورية للرئيس محمود عباس، فإن القرارين لهما قوة القانون، وحلّ بموجب الأول مجلس القضاء الأعلى الحالي، وأنشأ مجلس قضاء أعلى انتقالياً لمدة عام، يتولى خلاله مهامّ مجلس القضاء الأعلى قانوناً، وإعادة تشكيل هيئات المحاكم في كافة الدرجات، وعدل القرار الثاني قانون السلطة القضائية لجهة إنزال سن تقاعد القضاة إلى الستين"، ومن شأن هذا القانون أن يحيل على التقاعد أكثر من 50 قاضياً تجاوزوا الستين.

ورفض رئيس مجلس القضاء الأعلى المحلول، عماد سليم، التعليق على القرار، واكتفى بالقول إن "القانون لم يعرض على مجلس القضاء الأعلى، وليس لديه علم به".
قال القاضي بالمحكمة العليا، عزت الراميني، لـ"العربي الجديد"، إن "هذه القرارات تعتبر إهانة واستهانة بالسلطة القضائية، باعتبار الطريقة التي تم وفقها تعديل قانون من القوانين الأساسية التي ينظمها الدستور، وهو اعتداء صارخ على استقلال القضاء، وهدم لكل المبادئ الدستورية للفصل بين السلطات. سنتوجه إلى المحكمة الدستورية للطعن على هذه القرارات، التي تعني أن التغوّل على القضاء سيكون كاملاً".

تعزيز استقلال القضاء

في المقابل، ثمنت نقابة المحامين الفلسطينيين القرار، إلا أنها دعت في بيان، إلى "تعزيز مبدأ استقلال القضاء، وضمان عدم التدخل في عمل المجلس الانتقالي من السلطة التنفيذية، أو فرض أية إملاءات عليه بما يمس من استقلاله".

وأكدت نقابة المحامين، على ضرورة جهوزية الحكومة لتوفير كافة متطلبات عملية الإصلاح القضائي، وتسهيل عمل المجلس الانتقالي، وتخصيص موازنة معلنة تتوافق مع سقف الإصلاحات المنتظرة سواء في التعيينات القضائية في محكمة الاستئناف والمحكمة العليا، أو تحسين رواتب القضاة، وتخصيص موازنات لتطوير وتحسين مقرات المحاكم، وخاصة قصر العدل في رام الله.
ودعت النقابة إلى ضرورة توسيع نطاق المشاركة المجتمعية في عملية الإصلاح القضائي، ودعوة المجلس الانتقالي لمشاركة مؤسسات المجتمع المدني وعلى رأسها نقابة المحامين في المشاورات وكافة مراحل عملية الإصلاح، وعدم إجراء أية تعديلات على بنية قانون السلطة القضائية خارج إطار تسهيل عمل المجلس الانتقالي وبناء على طلبه.

وقال المحامي شكري عابودي لـ"العربي الجديد": "القرار صدر لحل مشكلة القضاء، فهناك مشكلة جدية، وأنا مع التدخل، لكن ليس بشكل دائم، وليس هناك إمكانية للخروج من أزمة القضاء إلا عبر مجلس انتقالي، إذ لا يمكن للقضاء أن يصلح نفسه في ظل مراكز القوى والنفوذ الموجودة حالياً، وهذا ما أوجب هذا التدخل وإصدار قرار المجلس الانتقالي".

وقال الائتلاف الأهلي لإصلاح القضاء وحمايته واللجنة المجتمعية المفوضة بمتابعة توصيات المؤتمر الشعبي لإصلاح القضاء في بيان مشترك، إن "إجراء الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية، واحترام مبدأ الفصل المتوازن بين السلطات، هي البيئة التي يمكن فيها إصلاح القضاء الفلسطيني"

وأكد البيان أن "تشكيل مجلس قضاء أعلى انتقالي من شخصيات قضائية ذات خبرة وكفاءة من شأنه أن يشكل فرصة حقيقية لإعادة إصلاح القضاء، وتعزيز ثقة الجمهور به، على أن يلتزم المجلس الجديد بمجموعة من الأسس والضوابط في أداء مهامه وممارسته صلاحياته باعتبارها مؤشراً على قياس استقلاليته".


وشدد الائتلاف واللجنة على ضرورة ضمان عدم تدخل السلطة التنفيذية وأجهزة الأمن في عمل القضاء، وتجريم هذا التدخل، وتفعيل أدوات المحاسبة عنه، بما فيها المساءلة الجنائية، فضلا عن ضمان أن تكون عملية التقييم المرتقبة للقضاة وأعضاء النيابة العامة مبنية على معايير واضحة ومعلنة وشفافة وعادلة أساسها الكفاءة والمهنية والنزاهة والاستقلالية، وألا ترتبط بأية حسابات.

وطالب البيان بضرورة عدم المساس بأي حقوق تقاعدية للقضاة المتقاعدين بموجب أحكام القانون الجديد، وتسوية تلك الحقوق على أساس قانون السلطة القضائية، وضمان حق القضاة وأعضاء النيابة العامة في التعبير عن آرائهم، وفي تشكيل الجمعيات الخاصة بهم، وإعادة تفعيل جمعية نادي القضاة على أساس ديمقراطي ومهني.

من جانبه، قال ديوان الرقابة المالية والإدارية في بيان، إن "السنوات الأخيرة اتسمت بتدني ثقة المواطنين بالسلطة القضائية، وفقاً لاستطلاعات الرأي التي قامت بها مؤسسات رسمية وأهلية، وبطول مدة التقاضي، وتباطؤ الفصل في دعاوى المواطنين، وزيادة عدد الشكاوى المقدمة ضد السلطة القضائية، وشيوع الخلافات بين أطراف العدالة، وعدم اتخاذ المجلس لإجراءات فاعلة لإصلاح السلطة القضائية، وتمسك المجلس بشكل مكرر بقاعدة أن القضاء يُصلح نفسه دون أن يتخذ ما يدعم ذلك".

وكانت المحكمة الدستورية الفلسطينية قد قررت حلّ المجلس التشريعي في 23 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بعد أيام من حديث الرئيس عباس عن حلّه قبل قرار المحكمة، ما تسبب بتوجيه انتقادات حادّة للسلطة التنفيذية.
دلالات