وقبل ثمانية أيام فقط على تنظيم الاستفتاء وسط دعوات من المعارضة المسلحة والسلمية لمقاطعته، وافقت منظمات إقليمية على مراقبته، من بينها الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية.
وتشهد دارفور حرباً أهلية منذ ما يزيد عن 12 عاماً راح ضحيتها الآلاف، فضلا عن تشريد ما يزيد عن مليوني شخص، وفشلت جولات تفاوضية عدة بوساطة من الاتحاد الأفريقي في وضع حد للحرب هناك.
وشدد البشير في خطابه، اليوم، على أهمية التصويت في الاستفتاء باعتباره حقاً دستورياً ودعا الموطنين للاختيار بين نظام الإقليم الواحد ونظام الولايات، وإن بدا واضحاً في خطابه الميل نحو خيار الولايات وهو موقف أعلنه أكثر من مرة.
وبدا البشير في خطابيه أمس واليوم مصمماً على نزع السلاح من مواطني دارفور، وأشار إلى توجيه أصدره لوزارة المالية بتخصيص ميزانية إضافية لعملية نزع السلاح حتى تتم في مرحلتها الأولى بشكل طوعي وبمقابل مادي، قبل أن يتم التعامل فيها بالقانون. لكنه التزم في ذات الوقت بإبقاء السلاح بأيدي القوات النظامية، فضلاً عمن اعتبرها قوى أخرى لحفظ الأمن.
ويرى مراقبون أن زيارة البشير لدارفور القصد منها إعطاء عملية الاستفتاء الزخم، فضلاً عن إرسال رسالة إلى الخارج باستتباب الأمن في الإقليم، في محاولة لكسب نقاط في ما يتصل بإبعاد قوات البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لحفظ السلام في دارفور "يوناميد".
ورأى القيادي في حركة العدل والمساواة، أحمد تقد، في حديث لـ"العربي الجديد" أن "القصد من زيارة البشير بعث رسالة إلى الأطراف الدولية المهتمة بشأن السلام في السودان بانتهاء مشكلة دارفور، ما لا يستدعي التدخل الدولي، وأن عليهم الضغط على الحركات في الخارج لقبول هذا الواقع واللحاق بالترتيبات الجارية بالداخل".
واعتبر تقد في تقييمه لزيارة البشير أن الرئيس حاول الهروب إلى الأمام من مواجهة المحكمة الجنائية، عبر القيام بإجراءات شكلية للعدالة والمصالحة وطلب العفو من أهل الضحايا وتقديم تعويض شكلي لهم، ظناً منه أنه بهذا الإجراء يمكن أن يقنع الجنائية والأطراف المتضررة ليكون في حل من الملاحقة "مؤقتاً على الأقل". واستطرد قائلاً إن "ما يجري الآن ما هو إلا محاولة لإطالة أمد الصراع وزيادة معاناة المواطن السوداني وجر البلاد لمزيد من الأزمات والكوارث".
وتبدو نتائج الاستفتاء لدى الأوساط السودانية محسومة من الآن لخيار الولايات بالنظر إلى وقوف الحكومة وحلفائها مع الخيار، وإن كان رئيس السلطة الانتقالية، التجاني السيسي، يقف مع نظام الإقليم الواحد، بينما الفصائل الأخرى المندمجة في حركته، والتي وقعت مع الحكومة اتفاق الدوحة لسلام دارفور، تؤيّد بمعظمها موقف الحكومة.
بدورها، اختارت المعارضة السودانية مقاطعة عملية الاستفتاء باعتبار أن استحقاقاته على الأرض غير متوفرة، وذلك لاستمرار الحرب وغياب الفصائل الرئيسية من الحركات المسلحة ووجود معظم أهالي دارفور في معسكرات النزوح واللجوء ووجود بعضهم في المدن السودانية المختلفة. وعمدت المعارضة إلى قيادة حملة في دارفور لمقاطعة العملية برمتها، كما لم تبد اهتماماً حتى الآن بجولة البشير في دارفور.
وقال المتحدث الرسمي باسم الحزب الشيوعي، صديق يوسف، لـ"العربي الجديد"، "نحن ضد الاستفتاء، وعملنا على عقد ندوات تدعو للمقاطعة". وأضاف "عملياً، نثق في نجاح حملتنا ولكن الحكومة ستطلع وتقول هناك مليوني أو أكثر صوتوا لنظام الولايات".
أما القيادي في حزب المؤتمر الشعبي، أبوبكر عبد الرزاق فقد قال لـ"العربي الجديد": "نحن في المؤتمر الشعبي لا شأن لنا بهذا الاستفتاء لأنه يتصل باتفاقية الدوحة التي ذكرنا رأينا فيها من قبل". ولكنه أكد وقوف حزبه مع النظام الفدرالي عموماً لبسط السلطة واقتسام الثروة، مشيراً إلى تخوفات الحكومة من نظام الإقليم الواحد باعتباره قد يقود لانفصال الإقليم.