ووقع الرئيس الجزائري، أمس الأربعاء، مرسوماً نُشر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، يحدد مهام الأمين العام لوزارة الدفاع الوطني وصلاحياته، ويكلفه للمرة الأولى برفع تقرير دوري عن مجموع أنشطة وزارة الدفاع، ويضع الأمين العام للوزارة في مقام مساعد لوزير الدفاع الوطني، وهو الرئيس "في إدارة الوزارة وتسييرها بتنشيط الهياكل التابعة لها وتنسيقها ومراقبتها" وكذا "بالسهر على السير الحسن لهياكل وزارة الدفاع".
ويمنح القرار الرئاسي الجديد لرئيس الجمهورية تبون إمكانية تكليف الأمين العام لوزارة الدفاع، وتخويله أية صلاحية أو مهمة خاصة يسندها إليه وزير الدفاع (الرئيس)، والإمضاء باسمه على جميع العقود والمقررات بما فيها القرارات مع إعلام الرئيس.
وتعدّ هذه الصلاحيات والتوسيع لمهام أمين عام وزارة الدفاع وربطه برئيس الجمهورية مباشرة، جديدة مقارنة مع تلك التي كانت مدرجة في مرسوم سابق صدر، في أغسطس/ آب 2004، لكن المرسوم الرئاسي استثنى من مهام وصلاحيات الأمين العام لوزارة الدفاع، صلاحية الإشراف على قيادة أركان الجيش، باعتبارها هيئة عملياتية يقودها في الوقت الحالي اللواء سعيد شنقريحة.
وعمد تبون إلى هذه التدابير لتلافي تعيين نائب له وزيراً للدفاع، كما كان الحال في عهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، من 2004 حتى استقالته في إبريل/ نيسان 2019، وظل الأمر على هذا الحال حتى ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إذ كان رئيس أركان الجيش الفريق الراحل أحمد قايد صالح يشغل منصباً دائماً في الحكومة نائباً لوزير الدفاع، ويشارك في اجتماعات الحكومة ومجلس الوزراء ويدير وزارة الدفاع الوطني.
ومنذ تعيين الحكومة الجديدة بقيادة عبد العزيز جراد، اختار الرئيس تبون استبعاد الجيش عن الشأن السياسي خطوة خطوة، إذ لا يحضر أي عسكري في اجتماعات الحكومة، كما لم يعين رئيس أركان الجيش اللواء سعيد شنقريحة نائباً لوزير الدفاع، وأبقى شنقريحة في منصب رئيس أركان بالنيابة، ولم يقم بترسيمه حتى الآن في منصب رئيس الأركان.
ويعتقد مراقبون أن هذا القرار إضافة إلى سلسلة تغييرات كان الرئيس الجزائري قد أجراها في مواقع حساسة في الجيش والمخابرات، لها علاقة برغبته في تحييد الجيش عن أي تأثير سياسي على خططه وخياراته المستقبلية للإصلاح السياسي والدستوري، وإعادة هندسة الجيش والأجهزة الأمنية بشكل تدريجي، بالاعتماد على مساعدة عدد من القيادات العسكرية التي استدعاها من التقاعد للعمل معه في الرئاسة، على غرار القائد السابق للقوات البرية عبد العزيز مجاهد، والذي عينه مستشاراً خاصاً للشؤون الأمنية والعسكرية.
واعتبر الباحث الجامعي المطلع على ملف وبنية المؤسسة العسكرية والأمنية، بلال كوردي، في تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، أنه "بعد وفاة قايد صالح بدت اللحظة سانحة لتبون لتحويل المشهد لصالحه ونقض صفقة التعيين وإرجاع القوة إلى كفة الرئاسة، مدفوعاً بكم المعلومات التي تثبت عدم تجانس بين صنّاع قرار المؤسسة العسكرية، ومستفيداً من وضع قائد الجيش الجديد بالنيابة اللواء سعيد شنقريحة، والذي كان بعيداً تماماً عن دهاليز القرار العسكري لمدة طويلة".
وقبل أسبوع، أقال الرئيس تبون، مدير جهاز الأمن الداخلي واسيني بوعزة، وعين العميد عبد الغني راشدي خلفاً له، كما أقال مدير الأمن الخارجي كمال رميلي وعين خلفاً له محمد بوزيت، وسبق ذلك إقالة مدير دائرة التحضير والاستعمال للجيش اللواء محمد بشار، وخلفه في المنصب اللواء محمد قايدي.