الرئيس الجزائري يكلف عبدالمجيد شيخي بإدارة ملف الذاكرة مع فرنسا

20 يوليو 2020
عبد المحيد شيخي (فيسبوك)
+ الخط -
أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، تعيين مستشاره في الرئاسة ومدير الأرشيف الوطني عبد المجيد شيخي، ممثلا له في اللجنة العلمية المصغرة مع فرنسا والمكلفة بملف الذاكرة.
وقال الرئيس تبون، في حوار تلفزيوني بث الليلة الماضية على التلفزيون الرسمي، إن "الاختيار وقع على شخص شيخي باعتباره ملماً بملفات الذاكرة مثل الأرشيف، لتمثيله في المحادثات مع الجانب الفرنسي بشأن القضية"، في مقابل المؤرخ الفرنسي بنيامين ستورا الذي عينه الرئيس  الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لعضوية اللجنة من الجانب الفرنسي.
ويتولى كل من شيخي وستورا تقديم مقترحات للكيفية التي يمكن من خلالها إيجاد تسوية نهائية لملف الذاكرة وملفات التاريخ العالقة بين البلدين بسبب الماضي الاستعماري لفرنسا في الجزائر، بينها أربعة ملفات أساسية؛ هي معالجة آثار التفجيرات النووية في الصحراء الجزائرية، وملف الأرشيف الجزائري الموجود في باريس، وملف الألغام، وملف المفقودين البالغ عددهم 20 ألف مفقود قدمت الجزائر قائمة أولية بألفي مفقود منهم.
وتقود معالجة هذه الملفات إلى اعتراف فرنسي رسمي كامل بالمسؤولية عن جرائم الاستعمار الفرنسي وآلام الجزائريين بين  عامي 1830-1962، إضافة إلى تقديم اعتذار رسمي وتعويضات. 
 
وتبدي الجزائر في الفترة الأخيرة إصرارا كبيرا على الحصول على اعتراف واعتذار  وتعويض من فرنسا. وقال الرئيس تبون بوضوح وثقة "سنسترجع ذاكرتنا ونحصل على الاعتراف بالجرائم منها"، مشيرا إلى أن ذلك "سيكون هو الأساس والشرط لإقامة علاقات ندية وطبيعية بين البلدين"، لافتا إلى أن "الجزائر لم تُقص فرنسا من حسابات الشراكة الاقتصادية، لكنها لن تأخذ أي فرنك لمصلحتها دون ذلك".
ويعد عبد المجيد شيخي أحد أبرز المهتمين والعاملين على ملف الذاكرة والتاريخ والماضي الاستعماري في الجزائر، إذ كان يدير برنامجا تلفزيونيا يعنى بالذاكرة والتاريخ، وأدار متحف المجاهد لسنوات، كما شارك مع جمعية الثامن من مايو 1945 الجزائرية لتكوين ملف قانوني يطالب فرنسا بالإقرار بجريمة قتل 45 ألف جزائري في المظاهرات عشية إعلان وقف الحرب العالمية الثانية.
واشتغل شيخي، الذي يعمل مديرا لمركز الأرشيف الوطني في الجزائر، على ملف استعادة الأرشيف الجزائري من فرنسا منذ فترة، وأطلق في الفترة الأخيرة تحذيرات من سن باريس قانوناً يعتبر وثائق الأرشيف الجزائرية في فرنسا ملكا للأمة الفرنسية لا يمكن التنازل عنه، كما ساهم في إنتاج عدد من الأعمال التلفزيونية عن الثورة الجزائرية.
وإذا كانت للرئيس تبون مبرراته في اختيار شيخي ممثلاً له في اللجنة العلمية المصغرة، على اعتبار درايته بملفات التاريخ وإحاطته بالجوانب القانونية والتقنية والإدارية المتعلقة بكيفيات معالجة ملفات الذاكرة والأطر القانونية المنظمة لذلك، فإن تحفظات جزائرية ظهرت سريعا على تعيين عبد المجيد شيخي، الذي ليست له كتابات كثيرة عن التاريخ، في مقابل المؤرخ الفرنسي المعروف بنيامين ستورا، الذي نشر عشرات المؤلفات عن الجزائر، وهو ما قد يضعف الموقف الجزائري ويعطي الأفضلية للجانب الفرنسي.
ويقول الباحث في التاريخ نبيل عاشور، إن هناك مخاوف جدية من أن لا يكون هذا الاختيار ناجعا في سياق معركة الذاكرة مع فرنسا، معللا ذلك بأن "رصيد شيخي معروف؛ هو أقرب إلى الإداري منه إلى الباحث، وقام بتسيير مرفق عمومي له علاقة بالأرشيف... أما رصيده العلمي فهو دراسات وليست في حجم أبحاث جزائريين معروفين، ولا في حجم أبحاث نظيره الفرنسي سنورا بكل تأكيد". وتساءل: "لماذا اختارت فرنسا سنورا بالذات؟ هنا مكمن المقارنة؛ فبرغم أن فرنسا تملك عشرات مراكز الأرشيف الوطنية، لكنها اختارت أكاديميا... الندية مطلوبة في صراعات كبيرة، ثم علينا أن نعرف ما هو المطلوب من هذه اللجنة أولا. لا يزال هناك غموض حتى نعرف الشخص المناسب و نثق في مخرجات هذه اللجنة"، واقترح عاشور توسيع اللجنة العلمية بدلا من قصرها على شخصين: "من الأفضل أن تكون لجنة تقابلها لجنة... أن تضع الأمر في أيدي شخصين فقط مغامرة... اللجنة فيها كل التخصصات، الأكاديمية و التقنية وحتى الثقافية".