الذهب الأسود... بوابة البوسنة لجني المليارات من أوروبا

15 سبتمبر 2017
النفط ثروة تتزايد أهمية في الاقتصاد البوسني (Getty)
+ الخط -
عام 1989، فازت شركة النفط الأميركية "أموكو"، بالحق الحصري للوصول إلى حقول النفط في البوسنة، وانضمت إليها الشركة الاستشارية البريطانية "إكسبلوريشن كونسلتانتس ليمتد" لإجراء أعمال بحث وتنقيب استكشافية عن النفط.

وأسفرت الجهود عن العثور على حقل نفطي شمالي البلاد، وآخر في الجنوب. ومع ذلك، حالت حرب البوسنة في التسعينيات دون بدء الاستثمار النفطي وأعمال الحفر وتوقف ذلك لمدة عقدين تقريبا.

حقل "أوراسجي" في الشمال، الذي يعتبر أكثر الحقول الواعدة من الناحية الاقتصادية بين الحقول الموجودة بين كيانين (اتحاد البوسنة وجمهورية صرب البوسنة)، يحتوي على 180 مليون برميل نفط.

وإذا استطاعت البوسنة اللعب بهذه الورقة، وفق تقرير لوكالة "الأناضول"، فإنها بذلك يمكن أن تفسح المجال لنفسها لتكون موردا رئيسيا لـ "الذهب الأسود" إلى أوروبا. ومع هذا الاكتشاف في البوسنة، يمكن أن تقوم البلاد بتخفيض الأسعار ويمكن أن تصدّر لجيرانها.

وتشير تقديرات أخيرة لشركة النفط الأسترالية "كي بتروليوم" إلى أن المنطقة الفيدرالية "اتحاد البوسنة" تحتوي على 600 مليون طن من الاحتياطيات النفطية.

ومنذ 12 سبتمبر/أيلول 2017، بلغ سعر البنزين الخالي من الرصاص للتر الواحد في البوسنة 0.87 يورو (دولار واحد)، في حين أن أسعار الكويت الغنية بالنفط لم تتجاوز (28) سنتاً للتر الواحد.

وفي الوقت الراهن، لا تصدر البوسنة النفط، ولكن في 2013، قدرت الواردات بـ 20.690 ألف برميل يوميا.

ومنذ بدء الاختبارات، أظهرت 70 حفرة (ضمن أعمال التنقيب) عن نتائج إيجابية.
ويعود البحث عن النفط في البوسنة، إلى زمن الإمبراطورية النمساوية - المجرية عندما تم اكتشاف أول حقل نفطي في جبل ماغيفيكا بالقرب من توزلا وبركو شرقي البوسنة في 1898.

وفي 2016، أعربت شركة النفط الفرنسية العملاقة "توتال" عن اهتمامها باستكشاف النفط والغاز في البوسنة، وأبدت استعدادا لتقديم عقد بمليار دولار.

لكن "توتال"، لم تكن الشركة الأولى التي أعربت عن اهتمامها بالاستكشاف فى البوسنة بعد الحرب، فهي ثالث شركة حتى الآن.

ودخلت "شل إكسبلوريشن"، في محادثات ولكنها انسحبت في سبتمبر/أيلول 2016، بعد أن قامت حكومة البوسنة بتغيير قانون التنقيب عن النفط والغاز.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2015، أعربت "كي بتروليوم" الأسترالية أيضا عن اهتمامها.
وخططت الحكومة البوسنية لإطلاق دعوة عامة للتعبير عن اهتمامها باستكشاف النفط والغاز في اتحاد البوسنة، بحلول نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2016، لكنها أرجأت الإعلان لوقت لاحق.

إحدى الوسائل التي يتم من خلالها نقل طاقة البوسنة هي عبر خط الأنابيب الأيوني-الأدرياتيكي، وهو خط أنابيب غاز طوله 516 كيلومترا يمتد من فيير في ألبانيا مرورا بالجبل الأسود والبوسنة وينتهي في كرواتيا.

كانت شركة سوكار الأذرية، قد أنشأت المشروع برعاية الاتحاد الأوروبي. وفي مايو/أيار 2017، وقعت ألبانيا والبوسنة وبلغاريا وكرواتيا وكوسوفو ومقدونيا والجبل الأسود، اتفاقا مشتركا لتطوير خط أنابيب للغاز الطبيعي، يمكن أن يوقف اعتمادها على الغاز الروسي، وفق "الأناضول".

وحظي المشروع بدعم الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID، وسيكون الخط ثنائي الاتجاه ويربط بخط "ترانس أدرياتيك بايبلاين" الذي سيبدأ من اليونان عبر ألبانيا والبحر الأدرياتيكي، إلى إيطاليا وإلى أوروبا الغربية.

ومن المقرر أن ينقل خط الأنابيب الأيوني – الأدرياتيكي 5 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا.

وفي يناير/ كانون ثان 2009، كادت البوسنة وجيرانها الذين يعتمدون اعتمادا كبيرا على الغاز الروسي، أن يتجمدوا، بسبب النزاع بين روسيا وأوكرانيا على السعر الذي ينبغي أن تدفعه الأخيرة.

وفي ذلك الوقت، تدفق حوالي 70% من الغاز الروسي عبر خطوط أنابيب الغاز الأوكرانية إلى أوروبا بما فيها البوسنة.

ولكن في ظل هذا الاحتكار الذي تمارسه روسيا على الغاز، باستخدام الوسائل السياسية للسيطرة على دول البلقان، وهو ما يسعى الاتحاد الأوروبي والوكالة الأميركية للتنمية الدولية لوقفه، فإن خط الأنابيب الأيوني – الأدرياتيكي يمكن أن يكون سببا لاندلاع "حرب طاقة" مع روسيا.

ولكن البوسنة أيضا، قادرة على الاكتفاء الذاتي بنسبة 41% من جميع الاستهلاك المستمد من مصادر الطاقة المتجددة. وتولد البلاد 40% من الطاقة المائية و60% من محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم، وفق الأناضول.

وفي 2016، كانت هناك زيادة بنسبة 10%، في إنتاج مناجم الفحم مما يعني زيادة كبيرة في انبعاثات الغازات الدفيئة.

ومن أجل خفض الانبعاثات، ستقوم البوسنة ببناء محطة رياح تبلغ طاقتها 48 ميغاواطاً في موستار جنوب البلاد، بتكلفة قدرها 74 مليون دولار، كما تخطط لبناء محطة توليد للطاقة النووية بطاقة 48 ميغاواطاً أخرى، في "بودفيليزجي" بالقرب من موستار فضلا عن توليد 500 ميغاواط أخرى من طاقة الرياح على مدى السنوات القليلة المقبلة.

وتقع البوسنة في موقع رئيسي، لأنها قادرة على تصدير الطاقة بسبب قدرتها المائية.
وإذا كان بإمكانها أيضا توقيع صفقة مع شركة توتال أو شركة نفط أخرى، فإنها ستصدر قريبا النفط أيضا، وبهذا ستدفع جميع ديونها، وتعيد بناء البلاد. 
(العربي الجديد)
المساهمون