الذاكرة الكاذبة تخدع القضاة

29 أكتوبر 2017
ما زالت تتذكره (Getty)
+ الخط -
لطالما كانت الذاكرة الكاذبة في بريطانيا مبهمة. لذلك، تركّز الدكتورة جوليا شو، في كلية لندن، أبحاثها على مؤشرات الذاكرة الكاذبة، وأهمية إدراك ذلك في قاعات المحاكم، حيث تلاحظ انحيازاً نحو اتّهامات مبنية على حوادث قديمة لم تحدث على الإطلاق.

تقول شو إنّها تحثّ طلابها الراغبين بالعمل في السلك القانوني على ضرورة الانتباه إلى مدى تأثير ذاكرة وروايات الضحايا على هيئة المحلّفين. وبالتالي، عليهم معرفة أن الذاكرة غير دقيقة، وليست واضحة كما يتهيّأ لهم. لكن معظم الناس يجدون صعوبة في استيعاب هذا الأمر. تستخدم العلم لإثبات أن بعض الذكريات خاطئة، وتسعى إلى التصدّي لإخفاقات العدالة الجنائية، خصوصاً في ما يتعلق بالجرائم التاريخية التي ترجع إلى سنوات عدة. كذلك، تدرس كيف تنشأ الذكريات الكاذبة في الدماغ، موضحة أن الذكريات الخاطئة تحدث يومياً في مواقف كثيرة من دون أن نلاحظها، فنسميها أخطاء. بيد أنّ عواقب وخيمة تنتج عنها في نظام العدالة. وتلفت شو إلى أنه لا يمكن للدماغ جمع الذكريات قبل بلوغ الثالثة، ما يعني أنّ أي ذكريات قبل هذه السن هي مجرّد مزاعم مشكوك في صحتها.

في هذا السياق، تقول صوفيا (43 عاماً) لـ "العربي الجديد" إن هذه الدراسة قد تمنع دخول أبرياء إلى السجن. وتروي أنّها عاشت تجربة قاسية، إذ اتّهمت إحدى النساء زوجها بالتحرّش بها منذ أكثر من 20 عاماً. لم تكن تملك أي دليل يدينه، سوى ذكرياتها حين كانت طفلة في الخامسة من العمر "لكنّها استطاعت تدمير عائلتي وإرسال زوجي إلى السجن. أتمنّى أن تصل هذه الدراسة إلى القضاء وهيئة المحلّفين بشكل خاص، خصوصاً أنهم في حاجة إلى أدلّة علمية توجّههم، بدلاً من الانحياز إلى شخص قد يكون ما يقوله غير صحيح".

بدوره، يعرّف الطبيب النفسي، بول آر ماك هيو، الذاكرة الكاذبة بأنّها "ترتكز على ذكرى تجربة وهمية صادمة وكاذبة، لكن صاحبها يصدّقها بشدّة".

وتتعامل جمعية "الذاكرة الكاذبة البريطانية" مع حالات من هذا النوع، خصوصاً حين يتّهم أفراد العائلة أو الأقارب بعضهم بعضاً بتحرش جنسي أو ما شابه. وقد تزعم الضحية أنها تذكّرت مؤخراً المعاملة السيئة التي تعرّضت لها حين كانت طفلة، والتي كانت مجمّدة في الماضي. وفي أحيان كثيرة، تظهر ذكريات مؤذية نتيجة تعاطي المخدرات أو الكحول أو ما شابه.

وتؤكد الجمعية وجود العديد من الحالات الحقيقية، والتي تعرّض فيها الأطفال للإساءة، ما تطلب تطبيق القانون الجنائي. بيد أنّ هذه الذكريات تؤدي إلى مشاكل خطيرة، وقد تؤدي إلى تدمير العلاقات الأسرية. وبسبب هذه الظاهرة، نشأت الجمعية البريطانية للذاكرة الكاذبة في عام 1993.

دلالات