الدينار العربي ( 2-2 )

29 يونيو 2014
الدولار واليورو يسيطران على احتياطيات العرب من النقد الأجنبي
+ الخط -



تجانس هياكل الاحتياطيات النقدية العربية

الاحتياطي النقدي بالعملة الاجنبية هو الأرصدة النقدية بالعملات الأجنبية التي يحتفظ بها أي بلد كهامش أمان، لمواجهة أي انخفاض مستقبلي في حصيلة العملات الأجنبية ليستخدمها في تأمين الواردات الاساسية في حالة حدوث عجز فيها، ويقاس مدى كفاية الاحتياطي النقدي بالعملات الاجنبية بمعدل تغطيته للواردات، فكلما كان معدل تغطيته للواردات كبيراً كلما كان كافياً، والعكس صحيح، فإذا كان يغطي واردات الدولة لمدة سنة يكون أفضل مقارنة بالدولة التي يغطي احتياطيها الواردات لمدة ستة أشهر.

ويتكون هذا الاحتياطي تراكمياً من فائض ميزان المدفوعات عبر السنوات المختلفة، وهذا هو المصدر الطبيعي لتغذية الاحتياطيات النقدية بالعملات الاجنبية، ولكن بعض الدول التي لا تحقق فوائض في موازين مدفوعاتها تلجأ إلى طرق اصطناعية لتكوين احتياطيات نقدية بالعملة الاجنبية، عن طريق الحصول على القروض الاجنبية، لاسيما من صندوق النقد الدولي أو إصدار سندات بالعملة الاجنبية في الاسواق العالمية واستخدام حصيلة هذه السندات لتغذية الاحتياطي النقدي لديها، وفي تلك الحالة لن يكون الاحتياطي النقدي حراً لأن مصدره الاقتراض وليس التمويل الذاتي للدولة.

وتعد كفاية الاحتياطي النقدي بالعملات الاجنبية للدولة أحد أهم المعايير التي يتحدد وفقاً لها التصنيف الائتماني السيادي للدولة.

وتعتمد الدول العربية على الدولار الأمريكي اعتماداً كبيراً كاحتياطي نقدي، ونادراً ما تكون سلة عملات من العملات العالمية المقبولة الدفع والقابلة للتحويل عالمياً، ومن الخطورة أن تعتمد الدولة على عملة أجنبية واحدة كاحتياطي نقدي لها، لأن لكل عملة مخاطر للاستثمار فيها، والأجدى اقتصادياً ومصرفياً أن تكون سلة عملات من العملات العالمية المقبولة الدفع والقابلة للتحويل عالمياً، كالدولار الامريكي واليورو والاسترليني والين الياباني والفرنك السويسري،

وتتحدد الأهمية النسبية لكل عملة منها في هيكل احتياطي النقد الأجنبي اعتماداً على المعايير الحاكمة الآتية:

1- العلاقات التجارية مع دولة عملة الاحتياطي

2- مدفوعات الدين الخارجي للدولة مالكة الاحتياطي

3- مدى استقرار أسعار عملات الاحتياطي النقدي في الاسواق العالمية

4- أسعار الفائدة على عملات الاحتياطي النقدي في الاسواق العالمية

وهذه العوامل هي التي تحدد الوزن النسبي لكل عملة أجنبية في هيكل احتياطي النقد الأجنبي من الناحية الاقتصادية المجردة، ولكن مع هذا لا يجب أن يكون الدولار الامريكي العملة المهيمنة على احتياطيات النقد الأجنبي للدول العربية لاعتبارات المخاطر والتبعية النقدية من جهة، ومن جهة أخرى فإن هيمنة الدولار على هياكل احتياطي النقد الأجنبي للدول العربية يساهم في خلق طلب عليه ويزيد من سطوته وقوته في أسواق العملات الأجنبية، ويمنحه وضعاً تفضيلياً غير مبرر اقتصادياً على العملات الأجنبية الأخرى.

وتحتفظ الدول العربية البترولية باحتياطيات كبيرة بالنقد الأجنبي، بينما تعاني باقي الدول العربية بدرجات متفاوتة من قصور واضح في احتياطيات النقد الأجنبي بسبب العجز في موازين مدفوعاتها، الذي تختلف حدته من دولة عربية إلى أخرى.

ويؤدي إحداث قدر كبير من التجانس في هياكل الاحتياطيات النقدية العربية إلى التأثير المباشر على أسعار العملات المحتفظ بها في هياكل الاحتياطيات النقدية العربية في الأسواق العالمية، ومن ثم التأثير في أسواق النقد العالمية، ويحد ذلك من استيراد التضخم من الخارج متمثلاً في ارتفاع أسعار العملات الأجنبية التي نستورد بها كل شيء من الخارج.

تجانس السياسات المالية للدول العربية

السياسة المالية هي الذراع الأخرى المقابلة للسياسة النقدية، ونقصد بالمقابلة هنا أنها غالباً ما تعمل ضد أهداف السياسة النقدية، وغالباً ما تؤدي السياسة المالية إلى فشل السياسة النقدية في معظم دول العالم التي تتبنى سياسات مالية توسعية، بسبب توسع دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي حتى في قلاع الرأسمالية المتوحشة.

وتتعارض السياسات المالية التوسعية مع أهداف السياسة النقدية، لأن الأولى مغذية للتضخم والثانية مكافحة له، والمقصود بتجانس السياسات المالية للدول العربية تبنّي سياسة مالية عربية تهدف إلى السيطرة على كلّ من:

1- عجز الموازنة

2- الدين العام الداخلي

3- الدين العام الخارجي

لأن عجز الموازنة هو بيت الداء، ويترتب على تفاقمه عبر السنوات دين عام داخلي ودين عام خارجي كبيران، والاَلية المقترحة لتحقيق تجانس بين السياسات المالية للدول العربية تكمن في وضع حدود قصوى تدريجية للسيطرة على هذه المتغيرات الثلاثة، وهي عجز الموازنة والدين العام الداخلي والدين العام الخارجي، لتكون في حدود المعايير الاقتصادية الاَمنة والمقبولة عالمياً.

ويحقق هذا التجانس بين السياسات المالية للدول العربية قدراً كبيراً من السيطرة على معدلات التضخم السائدة في اقتصاديات الدول العربية، كما يحقق استقرار أسعار الصرف لعملاتها الوطنية أمام العملات الأجنبية، ويهيئ المناخ لنجاح السياسات النقدية للبنوك المركزية العربية لتضطلع بدورها في تحقيق الاستقرار النقدي، وتحقيق الاستقرار في المستوى العام للأسعار، ومن المؤكد أن تحقيق التجانس بين كل من:

1- هياكل غطاءات الإصدار النقدي للعملات العربية

2- السياسات النقدية للدول العربية

3- هياكل الاحتياطيات النقدية العربية

4- السياسات المالية للدول العربية

سوف يؤدي إلى تحقيق مزايا اقتصادية للدول العربية، تتمثل في المزايا الاقتصادية التالية:

1- استقرار أسعار صرف العملات العربية أمام العملات الأجنبية

2- السيطرة على معدلات التضخم المرتفعة في الدول العربية

3- التأثير في أسواق العملات الأجنبية

4- الحدّ من التبعية النقدية لمراكز المال العالمية

ولا شك أن سياسات التجانس بين هذه السياسات سوف تجعل الدول العربية تستفيد من إيجابيات هذا التجانس وتحدّ من سلبيات التنافر بين السياسات المتبعة حالياً، وسوف تمهد الطريق لإصدار الدينار العربي، ربما في غضون عقد أو عقدين من الزمان على أكثر تقدير.

ترى ماذا ستكون قوة العرب الاقتصادية عندما تكون لهم عملة موحدة هي الدينار العربي ؟؟.

ستكون قوتهم أكبر من ذي قبل بإذن الله، وسيكون لهم صوت مسموع في أسواق النقد والمال العالمية، لأن العملة القوية هي عنوان الاقتصاد القوي والمبدأ الاقتصادي المستنبط من هذا المقال هو تحقيق تجانس بين السياسات النقدية والمالية للدول العربية، خطوة على طريق إصدار الدينار العربي عملة عربية موحدة.

المساهمون